قلنا قبلًا إن الشيطان قد يأخذ موقف الشفوق على صحتك، سواء من جهة الصوم أو السهر، أو تعب الجسد جملة. وينصحك في ذلك بالراحة الجسدية، حرصًا على سلامة صحتك... !
ولكنه ليس أمينًا حقًا من جهة اهتمامه بصحة جسدك.
إنه ينصحك بالراحة، ويمنعك من السهر، إن كان سهرك في الصلاة أو التأمل، أو القراءة الروحية، أو في ليالي الصلاة. ولكنك إن سهرت في اللهو أو في وسائل الترفيه المتنوعة، فلا يحدثك عن مضار السهر خوفًا على صحتك!
وإن تعبت في أمور العالم الباطلة، لا ينصحك بالراحة...
إن تعبك في جمع المال، وفي الجري وراء السهر والجاه، وفي السعي وراء ملاذك ومتعك، وفي تنظيم الحفلات الصاخبة، وفي اللعب والرياضة، وفي كافة الأنشطة العالمية... كل هذا لا يثير إشفاقه عليك، ولا يدعوك فيه إلى الراحة... ! إنما ينصحك بالراحة، إن كان تعبك في أي عمل روحي. جهادك الروحي فقط هو الذي يثير إشفاقه عليك وعلى صحتك؟
لذلك إن دعاك إلى الراحة وقت جهادك الروحي، فلا تطعه.
أنها في حقيقتها دعوة منه إلى الكسل والتراخي... أما أولاد الله، فكانوا يفرحون بالتعب، بل ويفتخرون به (1كو15: 10). وكما قال القديس بولس الرسول "في الأتعاب أكثر... في تعب وكد. في أسهار مرارًا كثيرة" (2كو11: 23، 27). وقال أيضًا "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو3: 8).
إن عرفت هذا، اتعب من اجل الله، على قدر طاقتك.
واعلم أن نصيحة الشيطان لك بالراحة، نصيحة غير مخلصة، وغير أمينة، وغير صادقة. لقد تعب القديس الأنبا بولا الطموهي في النسك، إلى أن ظهر له ربنا يسوع المسيح وقال له "كفاك تعبًا يا حبيبي بولا". فرد عليه القديس "وماذا يكون تعبي هذا، إلى جوار كل تعبك يا رب لأجل خلاصًا؟!
خير لك أن تتعب ههنا على الأرض، لتنال أكاليل الجهاد.
من أن تستريح ههنا على الأرض، وتتعب هناك في الأبدية... واعلم أن تعبك هنا ليس منسيًا أمام الله، لأنه "ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة" (عب 6: 10)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وكل تعب تتعبه ههنا، مكنوز لك هناك في الأبدية.
ليس ههنا مكان الراحة. إنما هنا مكان الجهاد والتعب.
لذلك حينما يموت إنسان، يقولون إنه تنيح أي استراح... فالشيطان ليس أمينًا في دعوتك إلى الراحة. إنه يخدعك...
إنه يحدثك عن الصحة وقت النسك، وليس وقت الفساد!
إن صمت، يلبس الشيطان ملابس الأطباء، ويلقى محاضرة مستفيضة عن أهمية البروتين الحيواني والأحماض الأمينية الأساسية. ويظهر اهتمامه بجسدك وسلامته. ولكنه لا يتحدث عن سلامة جسدك إذا داومت على التدخين أو المسكرات، أو الشهوات الشبابية الضارة بالصحة. إنه ليس مخلصًا في دعوتك إلى الصحة.
لذلك إن حاربك براحة الجسد وصحته، قل له: ليس هذا وقته.
إن كانت حرب الراحة من الشيطان، فإن حرب الكسل أشد.
إننا حينما نتعب بالجسد، نشعر براحة نفسيه. والعكس صحيح. حينما نكمل واجباتنا نشعر براحة وفرح، مهما تعبا بالجسد. وانتصارنا على جسدنا في الصوم والسهر والمطانيات metanoia والعفة، يعطينا راحة لا توصف.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q822v2k