St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   65-Hayat-Al-Tawado3-Wal-Wada3a
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة التواضع والوداعة - البابا شنودة الثالث

92- صفات الإنسان الوديع (4)

 

16 -الإنسان الوديع مملوء من الحنان والعطف، حتى على أشر الخطاة.

فإن رأيت إنسانًا قاسيًا في تعامله، اعلم أنه غير وديع.

انظروا إلى وداعة السيد المسيح مع المرأة السامرية، وكيف أنه لم يجرح شعورها ولم يخدش حياءها ولا بكلمة واحدة. بل أجتذبها إلى الاعتراف بوادعة ولطف. ووجد فيها شيئًا يمتدحه، فقال لها "حسنًا قلتٍ إنه ليس لك زوج... هذا قلتِ بالصدق" (يو4: 17، 18)... وبهذه الوداعة أمكنه أن يقتادها إلى التوبة، وإلى الإيمان بأنه المسيح وبشرت أهل المدينة بذلك (يو4: 29).

وبنفس الوداعة أيضًا تصرف مع المرأة الخاطئة المضبوطة في ذات الفِعل... لم يبكتها. بل أنقذها من الذين أرادوا رجمها. فلما انصرفوا قال لها "أين هم أولئك المشتكون عليكِ. أما دانك أحد؟ ولا أنا أدينك. أذهبي ولا تخطئي أيضًا" (يو8: 10، 11).

St-Takla.org         Image: Jesus talking to Nicodemus صورة: السيد المسيح يتحدث مع نيقوديموس

St-Takla.org Image: Jesus talking to Nicodemus

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يتحدث مع نيقوديموس

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وفي وداعة من نوع آخر، عاتب بعد القيامة تلميذه بطرس:

ذلك الذي أنكره ثلاث مرات، وحلف ولعن وقال: لا أعرف الرجل (مت 26: 74). فقال له الرب ثلاث مرات "يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟! ومعها ثلاث مرات ثبته في عمل الرعاية بقوله "أرع غنمي... أرع خرافي" (يو 21: 15-17).

وهكذا أيضًا في وداعة، قابل نيقوديموس ليلًا (يو 3: 2).

ولم يوبخه على خوفه من اليهود... إذ جاء إليه ليلًا، حتى لا ينكشف أمره لهم... وإذا بالسيد المسيح -في وداعته- يلصقه بمحبته، التي جاهر بها بعد صلبه، إذ اشترك في تكفينه مع يوسف الرامي (يو 19: 39).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وداعة الله تُعامل الخطاة بطول أناة. وطول أناته تنتظر توبتهم.

وهو يود توبتهم، دون أن يعرضهم إلى عدالته ونقمته.

وهكذا الإنسان الوديع لا ينتقم من المخطئين إليه، قائلًا في نفسه: "لا أنتقم من أحد، لئلا الله ينتقم أيضًا مني بسبب أخطائي"، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ولا يفرح مطلقًا ببلية المسيئين إليه. لأن الفرحان ببلية لا يتبرأ" (أم 17: 5).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

17- والإنسان الوديع يضع أمامه أربع درجات في التعامل مع المخطئين:

منها احتمال المخطئ إليه، فلا يغضب منه، ولا يثور عليه.

ثم المغفرة للمخطئ، فلا يمسك عليه خطيئته، ولا يحقد عليه.

ثم الصلح مع المخطئ، ولتكن المبادرة منه هو، كما قال الرسول: "مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل" (أف 4: 3).

وأكثر من هذا كله: محبة هذا المخطئ، كأخ. والصلاة من أجله حسب وصية الرب "وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت 5: 44).

وهو لا يفعل ذلك كله، إلا إذا كان قلبه واسعًا، وطبعه هادئًا. ويتشبه بإلهنا الوديع الذي قال عنه المرتل في المزمور إنه "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا (مز 103: 10).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

18- وأكثر من هذا، فإن السيد المسيح الوديع يقيم عذرًا للمخطئين.

فلما ذهب إلى بستان جثسيماني مع ثلاثة من أقرب تلاميذه إليه، وذلك في أحرج الأوقات، في الليلة التي سيُقبض فيها عليه. وكان يجاهد ونفسه حزينة حتى الموت (مت 26: 38). ولم يسهر تلاميذه معه في تلك الليلة، بل ناموا "لأن أعينهم كانت ثقيلة". وعلى الرغم من أنه عاتبهم قائلًا "أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟!"، إلا أنهم ناموا أيضًا...

فقال لهم "ناموا الآن واستريحوا". والتمس لهم عذرًا في نومهم وتخليهم عنه، قائلًا "أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف" (مت 26: 41)... ما أعمق وداعتك يا رب! حتى هؤلاء النائمين في أحرج ساعات جهادك، تلتمس لهم عذرًا، بل تذكر أيضًا لهم شيئًا حسنًا، قائلًا عنهم "أما الروح فنشيط"!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

19- الإنسان الوديع، لا يتشبث برأيه، ولا يكون عنيدًا.

وإن دخل في مناقشة يكون هدفه أن يكسب من يناقشه، لا أن يكسب المناقشة ذاتها. لا يظهر للمناقش أخطائه، ولا يكشف له ضعف حجته. بل في إيجابية وديعة، يشرح وجهة نظره بأسلوب رقيق مقنع... وهو في كسبه لمن يناقشه بكل لياقة وأدب، يمكنه أن يكسب المناقشة... أما غير الوديع، فيتمسك بأية نقطة -مهما كانت صغيرة- ويقيم عليها مشكلة ومناقشة، ويكَبرها ويضخمها، ويصًير الحبة قبة كما يقول المثل! حتى ليعلق البعض قائلًا "أوقعت في يد فلان؟! فلينقذك الله منه إنه يمكن أن يستنتج لك أخطاء في كلامك، لم تفكر فيها قط!!"

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

20- الإنسان الوديع لا يحل إشكالًا بإشكال آخر...

إنه بطبيعته الوديعة يحب أن يبعد عن المشاكل، ويتفاداها بقدر طاقته. وإن وُجد أمام مشكلة، إما أن يحتملها في هدوء، أو أنه يعطيها مدى زمنيًا تُحل فيه، أو يجد لها حلًا في هدوء، أو أن يمررها دون أن تجعلها تمرره أو تمرر غيره... المشكلة بالنسبة إليه كقطعة طين ألقيت في بحر واسع، فلم تعكر البحر، بل ذابت في أعماقه...!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/65-Hayat-Al-Tawado3-Wal-Wada3a/Life-of-Humility-and-Meekness-092-Characteristics-4.html

تقصير الرابط:
tak.la/9q87kyn