لقد كان تأثير مارمرقس في الإسكندرية واسعا جدا، وكان أيضًا عميقًا جدًا، فلم يقتصر نجاحه على كثرة عد المؤمنين، وإنما بالأكثر روحياتهم وشدة صلته بالله وزهدهم في المادة.
حتى أن يوسابيوس المؤرخ الشهير يقول في ذلك [وكان جمهور المؤمنين رجالا ونساء الذين اجتمعوا هناك في البداية، وعاشوا حياة الزهد الفلسفية الفائقة الحد، كثيرين جدا. لدرجة أن فيلو وجده أمرًا جديرًا بالاهتمام أن يصف جهادهم واجتماعاتهم وتعزياتهم وكل طرق معيشتهم] (8). ثم بعد ذلك كتب يوسابيوس فصلًا كاملًا طويلًا عن رأى الفيلسوف فيلو في إعجابه بحياة النسك في مصر آخذا ذلك عن كتابة "حياة التأمل".
ويقول الأب شينو في كتابة قديسو مصر [إن الحياة التي تدعو إلى العجاب في مصر بعد الإيمان، جعلت فيلو اليهودي المشهور يؤكد فيما بعد أن الإسكندرية أعادت إلينا ذكر الأيام الأولى التي كانت لكنيسة أورشليم (9).
فماذا قال الفيلسوف فيلو إذن في إعجابه بالمؤمنين في مصر؟ لقد قال عنهم كما سجل يوسابيوس:
[أنهم أول كل شيء قد تركوا ممتلكاتهم.. والمرجح أنهم فعلوا هذا في ذلك الوقت تحت تأثير إيمان ملتهب مقتدين بسيرة الأنبياء..].
[وفى كل بيت من بيوتهم كان يوجد مكان مقدس.. حيث يؤدون أسرار الحياة الدينية في عزلة تامة. وهم لا يدخلون إليه أي شيء، لا طعام ولا شراب، ولا شيء يتصل بحاجيات الجسد..]
[وكانت كل الفترة من الصباح إلى المساء هي وقت رياضة روحية لهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لنهم يقرأون الكتب المقدسة ويفسرون فلسفة آبائهم بطريقة رمزية معتبرين الكلمات المكتوبة رموزا لحقائق خفية.. ولا يقضون وقتهم في التأملات فحسب بل أيضًا يؤلفون الأغاني والترانيم لله بكل أنواع الأوزان والألحان].
[وكان لا يتناول احد منهم طعامًا أو شرابًا قبل غروب الشمس].
[يتلذذون بالحكمة ويلتهمونها التهامًا، تلك الحكمة المفعمة بالتعاليم بلا حد]. كما وصف فيللو عفتهم ووصف صلواتهم وهدوءهم وصمتهم ونسكهم وخدامهم الكنسيين.
______________________
8-Eusebius: Ecclesiastical H, 16, 2.
9-Chineau: Les Saints d’egypte , I, p. 502
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rngg9j2