* قدم لنا الكتاب من عاشوا حياة مقدسة منذ البدء، ومن جاءوا إلى الرب أخيرًا، ورحمهم الله وقبلهم إليه:
قدم لنا قديسين من بطون أمهاتهم، مثل يوحنا المعمدان الذي من بطن أمه امتلأ من الروح القدس. كما قدم لنا قديسين وقديسات عاشوا في عمق الخطية قبل لقائهم بالرب مثل اللص اليمين، والمرأة التي بللت قدميّ الرب بدموعها، ومثل راحاب الزانية، وقدم لنا الكتاب أشخاصًا عاشوا من قبل بعيدين عن الله، مثل مريم المجدلية التي أخرج منها الرب سبعة شياطين، المرأة الكنعانية التي كانت من شعب ملعون أممي..
وقدم لنا قديسين من مضطهدي الكنيسة، مثل شاول الطرسوسي، ومثل الجندي الذي طعن المسيح بالحربة.
* قدم لنا الكتاب المقدس شخصيات تحمل ألوانا من الروحيات، متنوعة، ومتغايرة ولكننا نراها كلها متكاملة:
قدم لنا إيليا الشديد الناري، الذي أغلق السماء ثلاث سنين وستة أشهر فلم تمطر، والذي قتل المئات من أنبياء البعل وأنبياء السواري، وانتهر آخاب الملك، وقال لتنزل نار من السماء، وإرميا النبي الذي سكب دموعه ومراثيه.
وأرانا الكتاب كيف أن الله عمل في الشخصية النارية، كما عمل في الشخصية الباكية. وأستخدم الاثنتين في بناء ملكوته. فليس المهم هو نوعية الشخص، إنما تسليمه لإرادته في يد المشيئة الإلهية.
في الكتاب نرى شخصية بطرس الرسول المملوءة غيرة وتسرعًا واندفاعًا، مع شخصية توما المملوءة حرصًا وشكًا وتريثًا وحبًا للفحص وبعدًا عن الاندفاع. وكلاهما في يد الرب، يعمل بهما. ونرى في الكتاب كيف استخدم الله أناسا كما هم، بينما غير البعض فحول يوحنا ابن الرعد، تلميذ المعمدان إلى قلب كله حب..
* وكل فضيلة تعجبنا، نرى شخصيات في الكتاب تمثلها:
نرى أيوب يمثل الصبر، وسمعان الشيخ يمثل الرجاء والانتظار. نرى داود يمثل التوبة والانسحاق وإبراهيم يمثل الطاعة والإيمان. نرى يعقوب الهادئ المحتمل، ويوحنا المعمدان المشهور بالصمت والتأمل..
إنها باقة من الفضائل متنوعة الأزهار والألوان والعطور:
يقدمها الكتاب المقدس، في أشخاص أتقنوها عمليًا، وتركوها لنا كقدوة ومثال. بحيث أننا إن أردنا صفة ما، أو فضيلة ما، سنجد حتمًا الشخص الذي يعطى لها صورة مثالية. وهكذا يكون الكتاب جامعاُ لكل ما نريد.
* لذلك لا ييأس أحد مُفْتَكِرًا أن حالته لا تناسب دعوة الله:
فالله مستعد أن يدعوك كما أنت، أيًا كانت حالتك، أو ثقافتك، أو سنك، أو مركزك، أو وضعك الاجتماعي.. إنه " الداعي الكل إلى الخلاص".. ولعلك تجد مثيلًا لك في الكتاب المقدس، قد عمل الله فيه وبه..
لا تقل إذن "لست أصلح". فليس المهم هو صلاحيتك، إنما المهم هو عمل الله معك. والله قادر أن تعمل مع الكل. قل له إذن "مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي" (مز 56).
* ومن الأمور المعزية أيضًا في الكتاب أنه قدم لنا مثاليات مثلنا، لقديسين كانت لهم ضعفاتهم ونقائصهم وسقطاتهم:
ولكن روح الله قد عمل فيهم، وأوصلهم إلى درجات عليا في القداسة، على الرغم من هذه الطبيعة التي يمكن أن تضعف أحيانًا، وتسقط.. وما أعمق وأصدق قول الكتاب: "إيليا كان إنسانا تحت الآلام مثلنا.." (يع 5: 17، 18).
ومع أنه كان تحت الآلام مثلنا، إلا أنه "صَلَّى صلاة". واستطاع أن يغلق السماء وأن يفتحها.
قدم لنا الكتاب إبراهيم الذي خاف أن يقتلوه، فقال عن زوجته سارة إنها أخته. ويعقوب الذي خدع أباه، وسرق بركة أخيه. وشمشون الذي أغرته دليلة، فكسر نذره. ونوحًا الذي سكر وتعرى، وداود الذي زنى وقتل، وتوما الذي شك، وبطرس الذي أنكر..
لم يقدم لنا الكتاب قديسين معصومين، أو بشرًا من نوع الملائكة، إنما قدم بشرًا مثلنا، واقعًا لا خيالًا.. قدم النفس البشرية التي نعرفها، والتي اختبرناها، "الأواني الخزفية" السهلة الكسر، التي عمل فيها الخزاف العظيم، وصنع منها أواني للكرامة، وجعلها رائحة بخور ذكية، أمام الملائكة والبشر.. وكان " فضل القوة لله وليس لنا" (2كو 4: 7). أما عن الحروب الروحية التي تعرض لها هؤلاء، فيعزينا الكتاب بقوله: "الحرب للرب. والرب قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل".
قدم لنا الكتاب المقدس عينات من قديسين، من نفس نوعنا، يمكن أن تضعف، ويمكن أن تسقط، ويمكن أن تخطئ وأن تزل..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/s9y9dsa