الإنسان الذي يعيش في الخطية، بعيدًا عن الله، يشبه الكتاب المقدس بإنسان نائم، لا يدري بنفسه ولا بحالته، كيف هو! فهو محتاج أن يستيقظ. لذلك يقول الرسول (إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم..) (رو11:13).
أي أنه كفانا نوما. كفى الوقت الذي قضيناه متغافلين عن روحياتنا وخلاص أنفسنا، ويجب الآن أن نستيقظ، الآن بلا تأجيل ولا تأخير وهكذا يتابع الرسول كلامه فيقول: (إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار. فلنخلع أعمال الظلمة، ونلبس أسلحة النور).
والكنيسة أيضًا تستخدم معنا نفس التعبير...
ففي نصف الليل، تضع لنا تسبحة، تقول في أولها (قوموا يا بنى النور لنسبح رب القوات لأنه أنعم علينا بخلاص نفوسنا) قوموا، استيقظوا جسديا وروحيا، لكي نسبح.. ولذلك نقول بعد ذلك للرب في نفس التسبحة (عندما نقف أمامك جسديًّا، انزع من عقولنا نوم الغفلة أعطنا يا رب يقظة، لكي نفهم كيف نقف أمامك وقت الصلاة.. ونفوز بغفران خطايانا).
نعم، إنه نوم الغفلة، الذي نريد أن نستيقظ منه..
بل أن القديس بولس لا يعتبره نوما فقط، بل ما هو أكثر من هذا إنه موت، لأن الخطية هي موت والخطاة (أموات بالخطايا) (اف5:2). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لذلك يقول الرسول (استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضيء لك المسيح). (اف14:5). قم، أنتبه لنفسك. ارجع إلى الصحو، لتدرى ما أنت فيه. أستيقظ وأترك أعمال الظلمة، فيضئ لك المسيح وتنتقل من الموت إلى الحياة (لو 17:15)
الشخص الخاطئ كإنسان مخدر، لا يدري ما هو فيه..
إحساسه الروحي معطل، فهو لا يحس ما هو فيه، ولا ماذا يفعل، ولا خطورة وجسامة ما يفعله. على رأى المثل (سارقاه السكين). هو في غفلة، خارج نفسه. ولذلك حسنا قيل عن الإبن الضال، لما استيقظ روحيًا، إنه (رجع إلى نفسه) (لو 15: 17).
الإنسان في الخطية، في دوامة، ينسى فيها روحه، وينسى الله، وينسى القيم والمثل، إنه في غفوة، لا يشعر بكل هذا. وربما يظن نفسه في ملء اليقظة، ويملأ الدنيا نشاطا وحركة! بينما الملائكة تصرخ ما بال هذا الإنسان نائما؟ وإلى متى يستمر في نومه؟ إنه يحتاج إلى من يوقظه، يوقظ ضميره وروحه. يقيمه من بين الأموات، ليضئ له المسيح...
حقًا إن الشيطان، حينما يريد أن يوقِع شخصًا، يخدر ضميره أولا، أو يقوده بطريقه ما إلى حالة الغفوة والغفلة هذه، التي تعطل الحس الروحي، فلا يدرك ما هو فيه.
هنا وأريد أن أقدم لك صورة، لحالة الخاطئ في غفلته...
تَصَوَّرُوا كرة تتدحرج من فوق جبل عالٍ..
كرة أُلْقِيَت من فوق جبل عال فأخذت تتدحرج تِباعًا، في اندفاع مستمر من فوق إلى أسفل وهي لا تملك ذاتها لتقف وتقول أين أنا؟ إنما هي تتدحرج وتتدحرج، بلا فكر، بلا وعي، بلا حِس، بلا إرادة.. قوة الدَّفع تجذبها باستمرار إلى أسفل، خطوة تسلمها إلى خطوة ودحرجة تسلمها إلى دحرجة، بلا هوادة. وهي لا تعرف إلى أين يقودها كل هذا.. ولا تشاء أن تقف، أولا تستطيع أن تقف.. ولكن إلى متى..
إلى أن يصدمها حجر كبير في انحدارها. يعترض طريقها ويوقفها، ويقول لها إلى أين أنت ذاهبة؟ إلى أين تتدحرجين؟ أفيقي إلى نفسك. استيقظي. هذا الانحدار المتتابع يقودك إلى الضياع..!
فتقف. وقد تنظر، فتجد أنها هبطت كثيرا عن مستواها السابق.. هكذا الخاطئ، يحتاج إلى أن يستيقظ. وإن لم يستطيع، لا بُد من أن يوقظه غيره. اسمعوا ماذا يقول المزمور (أنا أضجعت ونمت ثم استيقظت لأن الرب معي. لا بُد من اليقظة، ومن معونة الله فيها.
وسعيد هو الإنسان، الذي لا يطول به النوم..
وكما يقول المرتل في المزمور (أنا أستيقظ مبكرًا) (مز 57).
كل إنسان معرض للغفوة في حياته الروحية. فترات قد تمر على الكل، مع اختلاف في النوعية والمستوى. أما الروحيون فإنهم يتنبهون بسرعة؛ ويفيقون لأنفسهم، ويرجعون إلى طقسهم الأول..
وهنا نود أن نسأل: ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الغفوة أو الغفلة الروحية؟ وما هي الدوافع التي تدفع إلى اليقظة؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fndq5n5