محاولة أخرى يستخدمها أخوتنا الكاثوليك لثبات المطهر، هي قوله عن الذي يجدف على الروح القدس إنه "لا تغفر له في هذا العالم، ولا في الدهر الآتي" (متى12: 32).
ويستنتجون من هذا وجود مغفرة في الدهر الآتي، ويقولون إن هذه المغفرة تتم في المطهر!!
وورد حول هذه الآية في ملحق الترجمة اليسوعية الكتاب المقدس(1). "وفي هذا القول إشارة إلى أن من الخطايا ما يغفر في الدهر الآخر، وهو برهان قاطع على وجود المطهر. وذلك أن الخطية لا تغفر في السماء، حيث لا يدخل أدنى دنس، ولا في الجحيم يتطهر فيه الإنسان من الخطايا العرضية التي لا تستوجب جهنم، ولا يدخل صاحبها السماء ما لم يتطهر منها.
نلاحظ أن الرب قال " في الدهر الآتي "، ولم يقل في المطهر. كلمة الدهر تدل على زمان، وليس على مكان.
أما المغفرة في هذا الدهر فتتضح من قول الرب "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (متى18: 18). وقوله " من غفرتم له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 23). وفي العلاقات الشخصية "اغفروا يغفر لكم" (لو6: 37).
ولكن ما معنى المغفرة في الدهر الآتي:
لا يعنى المطهر إطلاقًا، فالسيد لم يذكر كلمة مطهر في كلامه. ولم يوجد أحد من الآباء الأول، فسر هذه الآية على أنها مغفرة في المطهر، فلم تكن عقيدة المطهر الكاثوليكية قد ظهرت بعد..
فلذلك كل تفاسير الآباء الأول لا تسند عقيدة المطهر.
لا في هذه الآية، ولا في كل الآيات الأخرى التي يحاول الكاثوليك الاعتماد عليها.. وكذلك كل ما ورد في التقاليد القديمة.
وإنما المغفرة في الدهر الآتي تفسر على أمرين:
1 – أولهما حالة إنسان لم تتح له فرصة لنوال مغفرة على الأرض:
كإنسان كان في غربة، ولم يجد كاهنًا يعترف عليه وينال منه حلًا. ولكنه كان تائبًا. هذا ينال المغفرة في الدهر الآتي، أو تعلن له تلك المغفرة التي لم يسمع ألفاظها بأذنيه، وإن كان أحسها في قلبه. أو سائح من السواح hermit – anchorite – كان يعيش في وحدة لا يرى فيها وجه إنسان، لمدة سنوات من هذا العالم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هذا ينال المغفرة أو تعلن له في الدهر الآتي. أو إنسان أساء إلى شخص، وندم على ذلك، وعزم من كل قلبه أن يذهب إليه ويصالحه ويعتذر إليه، ونسمع منه قد غفر له إساءته. ولكنه مات قبل ذلك أثناء غربة أو سفر. هذا ينال هذه المغفرة في الدهر الآتي.
2 – النوع الثاني إنسان حرم من الكهنوت ظلمًا، ومات محرومًا. هذا ينال المغفرة في الدهر الآتي.
وما أسهل أن يقع هذا الظلم، من أشخاص أو حتى من مجامع. ويحدث إما أن الكنيسة تراجع نفسها في الأمر وتحاليل الشخص بعد موته، بعد سنوات أو في دهر آت. وإما أن الله الذي يحكم للمظلومين، يغفر لهذا الشخص في الدهر الآتي، مادام قد حرم ظلمًا..
3 – وعلى العموم فإن المغفرة في الدهر الآتي لا تكون بمظهر.
تكون مغفرة من مراحم الله، التي تقبل التوبة، والتي ترفع ظلمًا قد وقع، والتي تعرف ظروف الإنسان، كالغربة مثلًا، أو السياحة في الجبال. فيغفر الرب بتحويل خطية هذا التائب إلى دم المسيح، دون أن يدخله إلى المطهر، أو يعرضه لعذاب.. فالمغفرة والتعذيب لا يتفقان!
4 – أما من يجدف على الروح القدس، فلا يغفر له هذا الدهر، ولا في الدهر الآتي.
وهكذا نكون قد قدمنا تفسيرًا لهذه الآية، بدون التعرض إطلاقًا لموضوع المطهر الذي لم يتعرض له الرب نفسه. ولا يجوز آيات الكتاب فوق ما تعنى، ولا أن يفرض عليها شخصي، ما كان صاحبة ليفرضه لو عاش في القرن الحادي أو الثاني عشر، قبل مجمع ليون ومجمع فلورنسا.
_____
(1) طبعة سنة 1951 ص488.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/b9d94db