قلنا إن الإيمان ينبغي أن يكون إيمانًا حيًا وإيمانًا عاملًا بالمحبة ولكن البعض يبالغ أحيانًا في تعريف كلمة المؤمنين، حتى ترادف كلمة (المختارين).
وهكذا ينادى أمثال هؤلاء بأن المؤمن لا يمكن أن يهلك، وإذا سمعوا أو قرأوا عن مؤمن قد هلك يقولون أن هذا لم يكن مؤمنًا حسب مفهموهم الخاص!! لا شك أن المختارين لا يمكن أن يهلكوا. ولكن مَنْ قال أن المؤمنين هم المختارين؟!
إن الكتاب المقدس أعطانا معاني كثيرة لكلمة الإيمان: فذكر مرة: الشياطين يؤمنون ويقشعرون (يع 2: 19 ). وقال بولس الرسول في تعريفه للإيمان أنه هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى (عب 11: 1).
وقد شرح لنا الكتاب أن هناك نوعا من الإيمان الميت. ومع انه ميت إلا أن الرسول سماء إيمانًا. كما أعطانا مثلًا عن الإيمان الخالي من الأعمال الذي لا يقدر أن يخلص أحدًا، ألا أن الرسول سماء إيمانًا.
وقد ذكر الكتاب أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (رو 3: 12) فهل الجميع لم يكونوا مؤمنين، وقد خلت الأرض من الإيمان؟! أم أن الله أطلق لقب الإيمان حتى على الذين يخطئون وهم مؤمنون.
إن أمثال هؤلاء الخطاة لم يحرمهم الرب من لقب المؤمنين. فقد قال الرب على لسان أرميا النبي (شعبي عمل شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشققة لا تضبط ماءًا.. شعبي قد نسيني أيامًا بلا عدد) (أر 2: 13، 22) ومع كل هذا سماهم شعبه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كما قال على لسان إشعياء النبي: (ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا عليَّ) (أش 1: 2) فعلى الرغم من عصيانهم سماهم بنين. ويذكرنا هذا بما قاله عن الابن الضال (ابني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجد) (لو 15: 24). فعلى الرغم من ضلاله وموته الروحي سماه ابنًا.
وفي قول الرسول (وان كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئًا) (1 كو 13: 2) دليل آخر على إطلاق حالة الإيمان على الإنسان الخالي من المحبة الذي هو ليس شيئًا.
بل إن الرب أطلق لقب المؤمنين على الذين يشبهون البذار التي سقطت على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل، فيؤمنون إلى حين، وفى وقت التجربة يرتدون) (لو 8: 6، 13).
وطبعا هؤلاء المرتدين لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أن السيد المسيح له المجد فيهم بأنهم كانوا مؤمنين إلى حين. ويشبه هؤلاء طبعًا الذين قال عنهم الرسول: (ولكن الروح يقول صريحًا أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين) (1تى 4: 1). وطبعًا هؤلاء لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أنهم عاشوا في الإيمان قبل أن يرتدوا.
لعله قد وضح الآن كثيرًا بأن هناك فرقا بين الكلمتين. إن كل المختارين مؤمنون ولكن ليس كل المؤمنين مختارين، إذ قد يرتد بعضهم عن الإيمان تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين.
على أن هذه النقطة أيها الأحباء لنا رجعة إليها بعد حين، نتركها الآن قليلًا لكي نتحدث عن الشرط الثاني للخلاص والمدخل الأساسي له وهو المعمودية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hw65m42