يصلح التغصب كثيرً في الانتصار على العادات الخاطئة التي عاشت في الإنسان مدة، وأخضعته وأذلته واستعبدته. وليس من السهل أن تطوعه وهو يقودها في اتجاه عكس اتجاهه السابق.
إن التغصب هو بلا شك ثورة على تدليل النفس، أو هو حرب ضد الذات.
كلنا نعرف أن الإنسان لو ترك نفسه إلى رغباته وشهواتها، وإلى محبة الراحة والاسترخاء، فأنه لا شك يضيعها. أما بالتغصب فإنه لا يترك نفسه إلى أهوائها، بل يأمرها فتطيع فتخضع، ولو يرغمها على غير ما تود، إلى حين أن تصل إلى محبة الخير ومحبة الله... إننا نستعمل التغصب أحيانًا في تربية أطفالنا وأولادنا. لأننا لو دللناهم وتركناهم حسب هواهم لكانت النتيجة هي ضياعهم وهلاكهم.
ونستعمل هذا الغصب لخيرهم، إن فشلت طرق الحب والطيبة والحيلة والإقناع...
يونان النبي لما لم يغصب نفسه إلى الطاعة غصب الله عليه. وبعد أن هرب من الله، أمر الله حوتًا عظيمًا فابتلعه وأرجعه إلى طاعة الله.
وكثير من الناس لم يستفيقوا بسرعة ولم يرجعوا إلى الله حبًا، فرجعوا إليه غصبًا، بتجارب وآلام منوعة.
وخير للإنسان أن يغصب نفسه بإرادته، من أن تغصبه التجارب والأحداث.
الفرق بين القديسين والأشخاص العاديين، أن القديسين غصبوا أنفسهم على الفضيلة في بادئ الأمر حتى تعودوها وأحبوها...
كانت لهم أجساد تجوع وتعطش، وغصبوها على الصوم.
وكانت لهم أجساد تتعب، ولكنهم غصبوها على السهر، كما حدث مع القديس الأنبا بيشوي الذي كان يربط شعره بحبل يشده إذا انحنت رأسه للنعاس...
ومثل داود النبي الذي قطع على نفسه عهدًا حينما قال:
لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعًا للرب (مز131).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d32224d