أبنائي وأخوتي الأحباء:
يسرني أن أهنئكم جميعًا بعيد قيامة السيد المسيح من بين الأموات. المسيح قام، وكانت قيامته عربونًا لقيامة الكل. فالبشر سوف لا تنتهي حياتهم بالموت، وإنما سيقومون لحياة أخرى. ويلذ للنفس أن تتأمل كثيرًا في هذه القيامة العامة، معاينتها عميقة جدًا، ولا تنضب..
القيامة هي لقاء عجيب
1 - إنها أولًا: لقاء صديقين متحدين:
هذان الصديقان عاشًا معًا العمر كله، منذ الولادة، بل وقبلها أيضًا، أثناء الحمل في بطن الأم، لم يفترقا لحظة واحدة، وأعنى بهما الجسد والروح. كل منهما طبيعة متميزة تمامًا:
الجسد طبيعة مادية، والروح طبيعة روحية، اتحدا في طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية، لا تستطيع أن تفصل بينهما فتقول هنا الجسد وهنا الروح. عاشا بهذه الوحدة العجيبة، التي يعبر فيها الجسد عن كل مشاعر الروح: إن فرحت الروح، يبتسم الجسد ويتهلل. وإن حزنت الروح، يظهر حزنها في عينيه.. وبعد عمر واحد، انفصل الاثنان بالموت. وأخيرًا يلتقيان في القيامة.. بعد غربة طويلة، ويتحدان مرة أخرى..!
ترى ما هي مشاعر الروح وهي تلتقي بجسدها، شريك العمر، ربما بعد آلاف أو مئات السنين، مثلما تلتقي أرواح آدم ونوح وإبراهيم بأجسادها..!!
تلتقي الروح بجسدها، بعد أن رأته يتحول إلى حفنة تراب، ثم يعود، وفي صورة أبهَى من الأول، بلا أي عيب، ولا نقص، حتى العيوب التي كانت فيه أثناء ذلك الزمان السحيق.. نعم، يقوم بلا عيب، لأن العيوب لا تتفق مع النعيم الأبدي (وأيضًا يعود وهو أكثر صداقة، فلا يختلف إطلاقًا في الحياة الأخرى مع الروح، إذ يقوم جسدًا روحانيًا).
2- اللقاء العجيب الثاني في القيامة، هو لقاء شعوب وأجناس التاريخ.
إنها قيامة عامة منذ آدم، تجتمع فيها كل الشعوب والأجناس، التي عاشت خلال أجيال وقرون، بكل ملامحها ولغاتها، بكل أبطالها وقادتها. ألعلها تتعارف وتتفاهم؟! نعم، بلا شك. لأنه ستكون للكل لغة واحدة هي لغة الروح، أو لغة الملائكة (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). حقًا ما أعجب هذا اللقاء! إنه قصة القصص، وحكاية دهور طويلة. وأجمل ما فيه موكب المنتصرين، الذين جاهدوا خلال حياتهم في العالم وغلبوا. انتصروا للحق والقيم. يلتقون ووراء كل منهم رواية روتها الأجيال.. ويعود العالم شعبًا واحدًا كما كان، قبل أن يفترق ويتشتت.
ترى كيف سيكون لقاء الشعوب التي كانت متصارعة من قبل؟ أترى تبدو أمامهم تافهة جدًا، تلك الأسباب التي دعتهم من قبل إلى الصراع؟!
3 – اللقاء الثالث العجيب، هو لقاء البشر والملائكة.
وهم طبيعة أخرى أسمى من طبيعتنا، ولكن اللقاء بهم إحدى متع الأبدية..
4- وأسمى من هذا كله بما لا يقاس: لقاؤنا مع الله..
التقاؤنا به -تبارك اسمه- هو النعيم الأبدي، ولا نعيم بدون الله.. هنا ويقف قلمي في صمت خاشع، لأني أمام أمر لا تستطيع الألفاظ أن تعبر عنه، لأنه فوق مستوى اللغة في التعبير، وفوق مستوى العقل في التفكير..
القيامة إذن هي لقاء عجيب.. وماذا أيضًا؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3s22tpw