إن الله نفسه أراد للجسد أن يستريح.
هو الذي خلق الجسد، ويعرف أن طبيعته تحتاج إلى راحة. لذلك منحه اليوم السابع من الأسبوع لكي يستريح فيه. عملًا من الأعمال لا يعمل فيه. وقال عن راحة السبت (السبت إنما جعل لأجل الإنسان، وليس الإنسان لأجل السبت) (مر 2: 27) وكذلك مواسم الرب وأعياده، قال عنها (عملًا ما تعملوا) (لا 23: 3، 7).. إذن لابد أن نعطي الجسد ما يحتاج إليه من راحة.
راحة الجسد ليست خطية، إنما هي وصية إلهية.
بحيث يتصرف الإنسان بعقل. لا يرهق الجسد بحيث يتعب فوق الطاقة. ولا يريحه أزيد مما يحتاج بحيث يصل إلى الكسل أو الخمول.
أتذكر أن أحد أساتذة الطب في لندن قال لي (أنا لا أستطيع أن أمنعك عن الـHard Work فطبيعة مسئوليتك تستدعي ذلك. ولكني أمنعك عن الـOver Work ويقصد بهذا أن العمل الذي يعمله الإنسان بعد أن يصل إلى الإرهاق فيجب حينئذ أن يقف ولا يستمر. وإن استمر بعد الإرهاق أو الإعياء، يكون هذا Over Work.
كما قال لي أيضًا البروفسور: إن العمل الذي تعمله بفرح ورِضَى، لا يؤذي قلبك. أما العمل الذي تعمله وأنت متضايق ومتبرم، فهو الذي يتعب صحتك. فالعمل بلذة لا يرهق...
إذن هناك علاقة بين راحة النفس وراحة الجسد.
لو كانت النفس مستريحة، تستطيع أن تحمل الجسد. ولو تعبت النفس، لا يحتمل الجسد أقل مجهود. وفي راحة الجسد، يقول بعض العلماء، لا تترك الجسد يعمل مدة طويلة بلا راحة، إنما وسط العمل الطويل أعطه فترات راحة ولو دقائق (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وهذه يسمونها بالإنجليزية Break أي تكسر حدة العمل الطويل، بشيء من الراحة.
الجسد أيضًا يتعبه المرض، ويجعله في حالة عدم احتمال.
وكثيرًا ما يكون المريض في حاجة إلى راحة كاملة. يتعبه الكلام إذا هو تحدث ويتعبه الإصغاء إلى كلام كثير. ويتعبه الصوت، والحركة. ويتعبه التفكير، والإلحاح من غيره... لذلك فإن غالبية المستشفيات تمنع زيارة المرضى إلا في مواعيد محدودة. فلا تظنوا أنكم تريحون المريض بزيارته أو كثرة الحديث معه!!
وراحة الجسد غير الكسل.
الكسل معناه أن الإنسان لديه قدرة على العمل، ولا يرغب في ذلك. والكسل له نتائج كثيرة سيئة، سواء في عدم قيام الشخص بمسئولياته. أو من الناحية الصحية قد يصل إلى الوخم أو البلادة. ويفقد الجسد نشاطه الطبيعي الذي يلزمه. كما يؤدي به هذا إلى السمنة والترهل.
والمعروف أن الجو الحار المشبع بالرطوبة يساعد على الكسل، بينما الجو البارد يساعد على النشاط والحركة. والحركة تولد فيه حرارة.
ولذلك فإن الذين يحالون إلى المعاش، ويقضون بقية حياتهم في المقهى أو البيت أو النادي، يصيبهم الخمول. بينما الذين يستمرون في العمل والنشاط، تقوى صحتهم... وبالمثل السيدات اللائي يعملن ويتحركن، غير اللائي يجلسن في البيت بلا عمل ويترهلن.
ونحن لا نقصد براحة الجسد، راحة مطلقة.
فالجسد قد يكون في عمق النوم، ومع ذلك يكون قلبه يعمل في انتظام، كذلك جهازه التنفسي، وكذلك المخ، وباقي أجهزة الجسد المتعددة. كلها تعمل أثناء نومه، وأثناء راحته. وتعمل بكل ٍانتظام، ولكن في هدوء، وبغير إرهاق. فتعب القلب هو في إرهاقه، وليس في توقفه عن العمل وكذلك المخ.
لذلك ليست الراحة معناها عدم العمل إطلاقًا. ربما معناها أحيانًا تغيير نوع العمل. وكما يسمون الراحة بالفرنسية Recreation (أي خلق آخر) فينتقل العقل من صنع فكر إلى صنع آخر.
لأنه مما يرهق العقل التركيز على فكر واحد.
فإن تعب الإنسان من هذا التركيز، ينتقل إلى فكر آخر. والعقل دائم التفكير. ولكنه قد يتعب من التفكير العميق إذا استمر في موضوع واحد مدة طويلة. فيحتاج أن يترك هذا الموضوع إلى حين ثم يعود إليه بعد أن يجدد نشاطه.
وأحيانا ترتبط الراحة مع التعب (بتعقل).
فالإنسان ليستكمل صحته، قد يحتاج إلى تداريب رياضية، يحرك فيها جسده. والعض قد يلجأ إلى المشي أو الجري. وقد يتعب ويحتمل التعب لفائدته الصحية. ونقول التعب وليس الإرهاق. وهذا ما يحدث أيضًا في تمرينات العلاج الطبيعي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/97wwpsm