وليس قوله كنبي يتنبأ على ما سوف يكون، بل قوله تحتيم وتقدير، لأنه إله كما أنه قال: يا سماء كوني ويا أرض كوني، فكانتا. وكما أنه كون كل شيء بقوله، كذلك بقوله: (تكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي، وقوله: سيكون لكم ضيق في هذا العالم)، حتم الضيق علينا والبغضة من كل أحد بهذا القول لكي بصبرنا ننال النعيم الذي لا يناله أحد إلا بالتعب.
وإنما فعل ذلك بنا لعلمه أننا نسترخي ونتهاون بالتعب الذي أمرنا أن نحتمله بهوانا، الجوع والعطش والحزن والبكاء، فخسر النعيم الأبدي. رحمنا الرب وأكثر أجر الضيق علينا والبغضة من الناس، لكي باحتمالنا ننال النعيم. فلو كنا نداوم حفظ ما أوصانا به من تحمل الجوع والعطش والحزن والبكاء، لما ابتلانا بشيء من مضايقات الأعداء والبغضة من الناس. وإنما عندما يرانا نميل إلى اللهو والراحة الجسدانية، يسلط علينا الضيق بغير اختيارنا لكي يؤدبنا به ويحصل لنا الأجر باحتماله. فلولا حبه لنا لم يؤدبنا. إذا كان لا يؤدب الوالد إلا والده، والغريب منه لا يؤدبه. كما قال بولس: ((يا ابني لا تضجر من أدب الرب ولا تفشل إذا ما أدبك فمن أحبه الرب أدبه)).
وهو يعاقب الذين يقبلهم. فمن أراد منا أن لا يبتلي ببلية من عدو أو مرض أو خسارة أو موت فليلازم حفظ الوصايا الصعبة، وتحمل الجوع والعطش والحزن والبكاء. ومن كان منا لا يلازم ويبتلي بموت حبيب أو مرض أو غرامة أو قيام الأعداء فليعلم أن الله يحبه ولذلك أدبه، ويجب عليه أن يتقبل التعب باختياره.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3x7jc9q