حتى في الشدة والضيق بسبب حاجتك فأنت لم تشتط عن الصواب فإن "ملكوت السموات يغصب والغاصبون يخطفونه" (مت11: 12).
انك الأكثر فهمًا إذا اشتريت بقليل من المعاناة أملاكًا من هذا القبيل، ومن ينله شيء من هذا فليأخذ في الاعتبار أنه سوف يمنح العزاء بدلًا منه، وسوف يعوض بفرص غنية للحياة الحسنة "لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهر نموها نحو اسمه" (عب6: 10).
هذا ما ينادي به بولس الرسول في بعض رسائله، وأنت ذاتك حينما ترى خادمك يبذل مجهودًا يفوق قوته لكي ينفذ بالتمام أوامرك، أفلا تبحث عن وسيلة تكفل له راحته كشخص متعب؟ فإذا كان الأمر متعلقًا بالله، أفتظن أنه يهمل خليقته التي خلقها عند الحرج.
وتبعًا للقانون الذي وضعه على الناس أن يشركوا المحتاج فيما يملكون يقول: "اطلبوا أولًا ملكوت السموات وبره وهذه كلها تُزَاد لكم" (مت 6: 33)، وأيضًا: "لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه" (مت6: 8).
في الواقع إن كان أحد ينسى هذه الكلمات ولا يقتنع بقول الكتاب، ألق على الرب همك وهو يعولك، فيقدر احتياجاته كما يشاء، ويحتج بكثرة أبواب الصرف، ويحسب أن ما يملكه قليل، ويشتهي امتلاك ما ليس له ويهمل الفقير، فيجب أن يعرف جيدًا أن واجبنا الأول أن نقدس حاجة الفقير قبل احتياجاتنا. بذلك نكون غير غاشين مخادعين في وصية الله. لهذا السبب أعتبر السيد فلسي الأرملة تقدمة عظيمة، لأنها مست حاجة تلك التي أعطتهما، فقد أعطت فعلًا كل معيشتها التي كانت عبارة عن هذين الفلسين.
ومع ذلك لم يكتف الرسول بالقول "ليس لي ذهب أو فضة، لكنه أضاف، ولكن الذي لي فإياه أعطيك" (أع 3: 6). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). معلمًا بذلك أنه يلزم أن نعطي للمحتاجين مما لنا، سواء أكان شيئًا ماديًا أو غير مادي وأنه يلزم أن ننظر إلى ما نملكه أنه ليس ملكية شخصية، بل كأنه ملكية مشتركة. وأنه يلزم لمن يعطي أن يفكر ثم يتدبر قائلًا: "وأي شيء لك لم تأخذه" (1كو4: 7).
بهذا الفكر أيضًا كان بطرس الرسول نفسه يحذر البعض حينما كتب: "ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضًا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة. إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله. وإن كان يخدم أحد فكأنه من قوة يمنحها الله" (1بط4: 10- 11).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rrd43fb