ويشرح القديس مَثَلْ العشر عذارى، قائِلًا: ”إنَّ خمس منهُن كُنَّ حكيمات وحريصات وخمس جاهِلات لأنهُنْ لم يُفكِرنَ مُسبقًا أن يملأنَ مصابيحهِنْ بالزيت، فظللنَ بلا بِرْ، وبهذا يرمُز الرب إلى هؤلاء الذين يُجاهِدون ليحيوا في بتولية ويبذلون كلّ طاقتهم في هذا الجِهاد، ويعيشون في طهارة واعتدال، وأيضًا إلى هؤلاء الذين يُعلِنون ويفتخرون بأنَّ هذا هو هدفهم، ولكنهم يخضعون لتغيُّرات العالم، فيصيرون صورة باهتة مُظلِمة للفضيلة بدلًا من أن يكونوا عُمَّالًا يُقدِّمون الحق الحي نفسه“.
ويمضي ميثوديوس في حديثه قائِلًا أنَّ الآية القائِلة: ”يُشبِه ملكوت السموات عشر عذارى أخذنَ مصابيحهن وخرجنَ لِلِقاء العريس“ (مت 25: 1) تعني أنَّ جميعهن إتجهنَ لغاية واحدة وطرقنَ نفس الطريق، فلقد رغبنَ جميعهِنْ في نفس الغاية والهدف ولذلك دُعِينَ عشرة لأنهُنْ اخترنَ نفس النذر والدرب، ولكنهُنْ اختلفنَ بعد ذلك في الطريق، لأنَّ بعضهِنْ أعدَّ مؤنة وافرة لمصابِيحِهِنْ التي كانت تُقاد بالزيت، ولكن الخمس الأُخريات كُنَّ مُهمِلات يُفكِرنَ فقط في الزمان الحاضِر، وهكذا انقسمت العذارى إلى مجموعتين:
الأولى حفظت حواسها الخمس، تلك الحواس التي يعتبرها مُعظم الناس أبواب الحكمة، نقية غير مُدنسة بالخطايا، بينما الثَّانية على النقيض، أفسدنَ أنفُسِهِنْ بكثرة من الخطايا، ودنسنَ أنفُسِهِنْ بالشر، ولأنهُنْ لم يستعبدنَ أنفُسِهِنْ ويضبُطنَّها ولكونِهِنَّ بعيدات عن كلّ بر، لذل حملنَ ثِمارًا كثيرة من التعدي والإثم، وكانت نتيجة ذلك أن مُنِعنَ من الدخول وأُغلِقت الأبواب الإلهية في وجُوهِهِنْ. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى).
ويُعرِّف القديس ميثوديوس العذراء التي تستحِق أن تُدعى باسم الخمس عذارى الحكيمات: هي تلك التي تحفظ إيمان الطُرُق الخمس المُؤدية للفضيلة -النظر والتذوق والشم واللمس والسمع- نقيًا صحيحًا، لأنها حفظت حواسِها الخمس نقية طاهرة للسيِّد المسيح، وكمصباح تجعل نور القداسة يُشرِق بوضوح وبهاء من خلال الحواس كلّها كما علَّم السيَّد نفسه قائِلًا: ”جِئتً لأُلقي نارًا على الأرض فماذا أُريدُ لو اضطرمت“ (لو 12: 49)، وهو هنا يقصِد بكلمة ”الأرض“ أجسادنا التي تمنَّى أن تشتعِل فيها الحركة السريعة والانتشار النَّاري المُتقِد الحماس، والزيت يُمثِّل الحكمة والبِّر، لأنه بينما تُمطِر النَّفْس بسخاء وتسكُب هذه الأشياء النبيلة على الجسد، يشتعِل نور الفضيلة ولا ينطفِئ، فتُضِئ هذه الأعمال الصالحة البَّارة أمام الناس (لكي يتمجَّد أبانا الذي في السموات) (مت 5: 16).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/c4m6rd4