الكاتب وشهادة الآباء عنه:
أجمع أباء الكنيسة على أن كاتب الإنجيل الثالث هو القديس لوقا الذي تبع الرسل وتلميذ بولس الرسول. وقد أقتبس منه الآباء واستشهدوا بآياته منذ نهاية القرن الأول، واستخدموه بكثافة أكثر منذ بداية القرن الثاني. ولكن هؤلاء الآباء اقتبسوا واستشهدوا بآيات الإنجيل بأوجهه الأربعة باعتبارها "أقوال الرب" وكلمة الله الموحى بها، والتي استلموها أولًا شفاهة وحفظوها، ثم سلمت لهم مكتوبة بعد ذلك. ولذا فلم يهتموا بذكر مصدر الإنجيل أو السفر الذي اقتبسوا منه أو استشهدوا بآياته لأنها جميعًا تحتوى على "أقوال الرب" وأعماله. ولكن مع ظهور كتب أخرى في أوساط الهراطقة دُعيت أناجيل ونُسبت لكتابها من الهراطقة أو لبعض الرسل، بدأ أباء الكنيسة يحددون الأناجيل القانونية الموحى بها ويميزونها عن الكتب الأبوكريفية الزائفة. وهكذا ظهرت قوائم بالكتب القانونية الموحى بها وأخذ أباء الكنيسة يدافعون في كتاباتهم عن الأناجيل والأسفار التي كتبها الرسل بوحي الروح القدس وعن صحتها وقانونيتها. ومن ثم بدأ أباء الكنيسة منذ منتصف القرن الثاني يذكرون الأناجيل بأسماء جامعيها ومدونيها بالروح القدس من الرسل وكذلك بقيه أسفار العهد الجديد.
أما فيما يختص بالإنجيل للقديس لوقا فقد أقتبس منه وأستشهد به أباء الكنيسة وتلاميذ الرسل، كما اقتبس منه يوستينوس الشهيد كثيرًا وذكر نزول قطرات العرق مثل الدم من السيد المسيح عندما كان يصلى في بستان جثسيماني، والتي لم تسجل إلا في هذا الإنجيل فقط. وينسب العلامة الإنجليزي وستكوت 50 إشارة لتاريخ الإنجيل و70 حقيقة خاصة برواية القديس لوقا أدخلها يوستينوس في حواره مع تريفوا.
\
كما أقتبس منه إنجيل بطرس الابوكريفى كثيرًا، واستخدمت الرسالة الثانية المنسوبة لأكليمندس كثيرًا من آياته، وضمه تاتيان في كتابه الرباعي "الدياتسرون". فيقول أحد العلماء ويدعى بلامر "من الثابت إنه في النصف الثاني من القرن الثاني، كان هذا الإنجيل معترفًا بصحته كسفر موحى به ومن المستحيل إثبات إنه لم يكن معترفًا به من قبل ذلك بكثير". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقال آخر ويدعى بولخر "يتفق القدماء بالإجماع على إن الكاتب هو لوقا تلميذ بولس الذي ذكره في رسالته إلى فليمون".
ومنذ الربع الأول من القرن الثاني أستخدمه الهراطقة مثل باسيليدس (152) الذي علم في الإسكندرية حوالي (120م)، وسردوا Cerdo الذي عاش في بداية القرن الثاني والذي يتكلم عنه ثيودوريت Theoret، ومارسيون (حوالي 140م) الذي أختار هذا الإنجيل فقط من الأناجيل الأربعة مع عشر من رسائل بولس الرسول كقانونه الوحيد، وترك صديقه هيراكليون تفسيرًا لهذا الإنجيل مع إنجيل يوحنا ما تزال صفحات منه باقية وقد أشار إليه أكليمندس الإسكندري (153).
كما شهد لكتابه القديس لوقا لهذا الإنجيل الثالث كل الترجمات السريانية البشيتا واللاتينية القديمة واللاتينية الثانية التي تمت في شمال أفريقيا في عصر مبكر جدًا، وكذلك الترجمة القبطية الصعيدية.
وأقتبس منه أيضًا كتاب "البطاركة الاثني عشر" المكتوب فيما بين سنه 100 و120م. وقد أقتبس منه 22 كلمة نادرة منها 19 كلمة نادرة لم يستخدمها أي كاتب معاصر آخر، كما أقتبس 24 كلمة من سفر الأعمال منها 20 كلمة لم توجد في أي سف آخر من أسفار العهد الجديد سوى أعمال الرسل فقط.
وجاء في الوثيقة الموراتورية (170م) "كتاب الإنجيل الثالث، الذي بحسب لوقا، هذا الطبيب لوقا، أخذه بولس معه بعد صعود المسيح كخبير في الطريق (التعليم)، دونه باسمه حسب فكره. مع أنه لم يرى الرب في الجسد، ولأنه كان قادرًا على التحقق منه، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا".
وجاء في الكتاب المسمى "مقدمه ضد المارسيونيين- Anti Marcionite Prologue". الذي أشتهر في الكنيسة الرومانية، ويرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني "لوقا سوري أنطاكي، سوري السلالة، طبيب المهنة، أصبح تلميذًا للرسل، وتبع بولس الرسول أخيرًا حتى استشهاده (بولس)، وخدم الرب بإصرار، لم يتزوج، ولم يكن له ولد، أمتلئ بالروح القدس، ومات في الرابعة والثمانين من العمر في بيوثية. فبعد أن كُتب الإنجيل الذي لمتى في اليهودية والإنجيل الذي لمرقس في إيطاليا، قاده الروح القدس لكتابه إنجيله هو في إقليم أخائية، ويذكر في مقدمته أن كتابات أخرى قد دونت قبله، لكن تراءى له ضرورة تدوين سيره كاملة وشاملة للمؤمنين من أصل يوناني" (154).
وقال إيريناؤس أسقف ليون "ودون لوقا –الذي كان ملازمًا لبولس- في كتاب الإنجيل الذي أعلنه بولس" (155). وقال ترتليانوس في شمال أفريقيا اعتادت الكنائس الرسولية أن تقرأ الإنجيل بحسب لوقا، ولأن لوقا هو تلميذ بولس وصاحب الإنجيل الذي أعتمده مارسيون دون سواه (156).
وقال أكليمندس الإسكندري، إن المسيح وُلد في عهد أغسطس قيصر "كما هو مكتوب في الإنجيل الذي بحسب لوقا" (157). وقال العلامة أوريجانوس "والثالث كتبه لوقا، وهو الإنجيل الذي أقره بولس، وكُتب من أجل المنتصرين من الأمم" (158). وقال يوسايبوس القيصري "أما لوقا الذي كان من أبوين أنطاكيين، والذي كان يمتهن الطب، والذي كان صديقًا حميمًا لبولس ومعروفًا عند سائر الرسل، فقد ترك لنا في سفرين قانونيين براهين على موهبة الشفاء الروحي التي تعلمها منهم. أما أحد هذين السفرين فهو الإنجيل الذي يشهد بأنه كتبه كما سلمه الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة. والذين قد تتبعهم من الأول بتدقيق. وأما السفر الثاني فهو أعمال الرسل الذي كتبه لا بناء على رواية الآخرين بل بناء على ما رآه هو بنفسه. ويقال أن بولس كلما قال "بحسب إنجيلي" (159) إنما كان يشير إلى هذا الإنجيل الذي بحسب لوقا كأنه يتحدث عن إنجيله هو" (160).
وهكذا شهدت الكنيسة منذ البدء في الشرق والغرب في الشمال والجنوب إن كاتب الإنجيل الثالث الروح القدس هو القديس لوقا تلميذ الرسل ورفيق القديس بولس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vqs44tk