يسأل البعض هذا السؤال الجوهري بالنسبة للعقيدة المسيحية قائلًا ؛ "هل قال المسيح أنا ربكم فاعبدوني ؟ أو أنا الله ربكم فاعبدوني؟ وأن كان قد قال ذلك فأين ورد في الأناجيل ؟ وهل ورد ذلك في الإنجيل للقديس يوحنا فقط أم في بقية الأناجيل الثلاثة الأخرى؟ (يتصور البعض، خطأ، أن الأناجيل الثلاثة الأولى لا تذكر شيئًا عن لاهوت المسيح!! وأن الإنجيل الرابع، الإنجيل للقديس يوحنا، فقط هو الذي يتكلم عن لاهوت المسيح؟! والحقيقة عكس ذلك، فالأناجيل الثلاثة الأولى تتكلم كثيرا عن لاهوت المسيح بدرجة لا تقل عن الإنجيل الرابع، والإنجيل للقديس يوحنا تكلم عن الجانب الإنساني في شخصه المبارك أكثر من الأناجيل الثلاثة الأولى)!!
وهل قال ذلك بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر؟ وهل قال ذلك صراحة؟ وأن لم يكن كذلك فلماذا لم يقل ذلك صراحة وعلانية؟
وللإٌجابة على هذه الأسئلة نقول:
1 ـ لو كان المسيح قد أعلن ذلك صراحة فهل كان سيصدقه اليهود؟
2 ـ وهل كانوا سيقدمون له العبادة علي الفور؟
3 ـ وهل كان مثل هذا الإعلان الصريح من أهداف التجسّد؟
4 ـ وهل كان سيخدم أهداف التجسّد، أم يعطّلها؟
وقد برهن لنا
الكتاب
المقدس عمليًا أنَّ اليهود لم يكونوا ليصدقوا مثل هذا الإعلان الصريح
بالرغم مما قدمه لهم من براهين تدل علي صدق كلامه! وعلي سبيل المثال فقد
حاولوا رجمه(يقول الكتاب " وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَانَّهُ يُقْتَلُ.
يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْما. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ
عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ " (لا 24: 16)) عدَّة مرَّات
عندما أعلن لهم عن مساواته مع الآب ووحدته مع الآب!! يقول الكتاب أنَّه
عندما قال لهم "
يَسُوعُ: أَبِي يَعْمَلُ
حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ. فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ
يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ
فَقَطْ بَلْ قَالَ
أَيْضًا إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلًا ( مساويًا )
نَفْسَهُ بِاللَّهِ.
" (يو 5: 17-18). وتكرّر هذا الموقف أيضًا عندما قال لهم "
أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ" يقول الكتاب " فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا
حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. فَقَالَ يَسُوعُ: «أَعْمَالًا كَثِيرَةً حَسَنَةً
أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا
تَرْجُمُونَنِي؟» أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ
عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ
فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهًا»
" (يو10: 30-33).
كما كان من المستحيل أنْ يُقدّموا له العبادة فورًا، لأنَّه شاء في مشورته الأزليّة وتدبيره الأزليّ وعلمه السابق أنْ يكون ذلك بعد أنْ يُتَمِّمَ كلّ ما جاء لأجله وبعد أنْ يصعد إلي السماء، وبعد حلول الروح القدس ليساعد من يبحث عن الإيمان الحق بهذه الحقائق الإلهية.
لماذا بعد الصعود وحلول الروح القدس؟ لأنهَّ يكون قد تَمَّم عمل الفداء الذي جاء من أجله، وقد تمَّ ذلك علي الصليب عندما قال "قد أُكْمِل" (يو19: 30)، ولأنَّ هذه الحقيقة، حقيقة لاهوته، تتطلَّب إعلان إلهيّ مباشر ومساعدة الروح القدس للإيمان بها لأنـَّها تختصَّ بذات الله. يقول الكتاب " لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ. لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هَكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. " (1كو 2: 11-12). لذا يقول الكتاب " وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ " (1كو12: 3).
وكان الرب يسوع المسيح يتكلّم مع الجموع دائمًا بأمثالٍ ولكن كان يشرح لتلاميذه وحدهم أسرار ملكوت السموات، يقول الكتاب " فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ؟» فَأَجَابَ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَأَمَّا لِأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ." (مت 13: 11-12). ولما كشف لتلاميذه، بالروح القدس، عن حقيقة كونه أنَّه المسيح ابن الله الحي، فقد أكَّد لهم أنَّ هذا الإعلان قد جاء بروح الله "إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (مت16: 17). (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). كما حرص علي تحذيرهم من إعلان هذه الحقيقة لأحد "حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (مت16: 20). ولما كشف لهم عن شيء من مجده وعظمته الإلهية علي جبل التجلِّي، يقول الكتاب " وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلًا: لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ" (مت17: 9).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vvg4vka