عندما تكلّم السيد المسيح في إنجيل معلمنا لوقا عن السهر والاستعداد لمجيء العريس أي الاستعداد لليوم الأخير قال: "أنتم أيضًا تشبهون أناسًا ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين. الحق أقول لكم إنه يتمنطق ويتكئهم ويقوم فيخدمهم. وإذا جاء في الهزيع الثاني، أو جاء في الهزيع الثالث، ووجدهم يصنعون هكذا، فطوبى لأولئك العبيد. وهذا اعلموه؛ أنه لو كان رب البيت يَعلَم في أية ساعة يأتي السارق، لكان يسهر ولم يدع بيته ينقب. فكونوا أنتم أيضًا مستعدين فإنه في ساعة لا تعرفونها يأتي ابن الإنسان" (لو12: 36-40) يكلّم السيد المسيح كل الناس سواء تلاميذه أو المؤمنين به.
ثم سأله بطرس الرسول "يا رب ألنا تقول هذا المثل أم للجميع أيضًا" (لو12: 41) أي كان بطرس الرسول يسأله هل هذا الكلام موّجه لنا فقط –يقصد الآباء الرسل- أم موجّه لكل الشعب؟ أجابه الرب بما معناه أن الكلام السابق موجّه لهم وللشعب كله حسبما قيل "أنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم.. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين".. لكن ما يلي سيوجّه لكم.. أي للرسل.
ثم تكلم الرب بعد ذلك مباشرةً عن الوكيل وقال "فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على عبيده ليعطيهم طعامهم في حينه؟" (لو12: 42) إذًا هذا الوكيل أُقيم على الباقين، فهو ليس مثل الباقين، ليس بمعنى أنه أفضل منهم، بل يقصد أنها مسئولية ومن يحمل المسئولية سيدفع ثمنها. فأحيانًا يهرب البعض من المسئولية من أجل خطورة المسئولية.. ومن يتعب سيأخذ أجرة تعبه. فإن وُجد الوكيل أمينًا سيكافأ عن أمانته ويأخذ أجرًا أكبر (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. ومن يهرب من المسئولية خوفًا من حسابها أو شعورًا بضعفه أمامها، سوف لا يأخذ أجر الوكيل الأمين.. المشكلة هي إذا قَبِل الإنسان المسئولية وهو ليس أمينًا، سيكون حسابه عسيرًا..
فليس الأمر هو تمييزًا، بل هو قبول تحمل المسئولية بدافع الحب أي أن يكون مستعدًا لخدمة الآخرين مثلما قال الرب لبطرس "يا سمعان بن يونا أتحبني؟ قال له نعم يا رب أنت تعلم أنى أحبك. قال له ارع غنمي" (يو21: 16).. لذلك يقول "فوضع الله أناسًا في الكنيسة، أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء.." (1كو12: 28).
فلابد أن يكون عمل الرعاية بدافع الحب، لكن يحمل معه تحذيرًا "فمَنْ هو الوكيل الأمين الحكيم؟" ليس أمينًا فقط، بل حكيمًا أيضًا "طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. حقًا أقول لكم إنه يقيمه على جميع أمواله. ولكن إن قال ذلك العبد الرديء في قلبه إن سيدي يبطئ في قدومه، فيبدأ يضرب العبيد والإماء ويأكل ويشرب ويسكر. يأتي سيد ذلك العبد في اليوم الذي لا يتوقعه، و في الساعة التي لا يعرفها فيشقه من وسطه ويجعل نصيبه مع عديمي الإيمان" (لو12: 43-46) يشقه من وسطه، فقد كان الأفضل له أن لا يكون وكيلًا.. لذلك قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "إن ابتغى أحد الأسقفية فيشتهى عملًا صالحًا" (1تى3: 1) فإن لم يكن أمينًا في مسئوليته، يشقه الرب من وسطه ويجعل نصيبه مع عديمي الإيمان.
قد يهرب الكثيرون من كرامة الأسقفية لمعرفتهم بخطورتها وجسامة المسئولية والوكالة التي يتحملها الإنسان أمام الله. ففي يوم رسامة الأسقف يتسلّم عصا الرعاية ويُقال له: { إن الرب قد ائتمنك على نفوس رعيته ومن يدك يطلب دمها }.. ولذلك كُتب أيضًا عن الكهنوت "لا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله كما هرون أيضًا" (عب5: 4) أي لابد للإنسان أن يشعر بوجود دعوة إلهية، ومن الممكن أن يقبلها بدافع من الحب مثلما قال الرب لبطرس الرسول "يا سمعان بن يونا أتحبني.. ارع غنمي" (يو21: 16)..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8gm4jr8