رأينا السيد المسيح في أبوته وهو يترفق بالخطاة، ورأيناه وهو يحذّر من الخطية.. لذلك كان يقول "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3) وفى نفس الوقت نجده يترفق بالخطاة.. أبوة تحنو ولكنها أيضًا لا تتساهل مع الخطأ...
كان فريدًا في أبوته.. يبكّت الخطاة داعيًا إياهم إلى التوبة.. يحذّر المنافقين.. لا يتساهل مع المرائين. بل يوبخهم وينذرهم بالويلات، وفى نفس الوقت يسعى في طلب الخطاة ليجتذبهم إلى التوبة ويعتني بهم قائلًا لمن لا تعجبهم عنايته الخاصة بالخطاة: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى.. لم آتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مت9: 12، 13).
للأسف أحيانًا يختلط الأمر في حياة الكنيسة في أذهان البعض بين أمرين.. بين حنان السيد المسيح وترفقه بالخطاة، وبين حزمه ومواجهته للشر وعدم التساهل معه. فالذي يكتفي بجانب واحد لا يعرف أن يحدد المسلك القويم في ممارسة العمل الرعوي... فإذا أخذ جانبًا واحدًا مثل محاسبة المخطئ على خطئه، سيفقد الناس إحساسهم بالأبوة الحانية. ولو أخذ فقط جانب الحنان والطيبة، سيفقد الناس إحساسهم بقداسة الكنيسة وقداسة الحياة مع الله، وتهتز في نظرهم القِيَم والمبادئ.
لذلك ينبغي استخدام الترفق لقيادة الخطاة إلى التوبة، واستخدام الحزم مع الذين يرفضون التوبة مقسّيين قلوبهم أو يسلكون في رياء ظانين أن التقوى تجارة.
على الصليب أُعلنت أبوة الله :
ذبيحة المسيح الخلاصية أظهرت أبوة الله الكاملة على الصليب.. أظهرت أن الغفران غفران مدفوع الثمن، وليس غفرانًا بدون قيمة. أحيانًا عندما نقول إن الغفران مجاني، نقصد أن الله هو الذي دفع الثمن. ولكن عندما ندخل في عمق الموضوع نقول إن الغفران مدفوع الثمن وثمنه غالٍ جدًا "لأنكم قد اشتُرِيتُم بثمن. فمجِّدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 20) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).
فعلى الصليب أُعلنت محبة الله في حنانه وأبوته وأيضًا أُعلنت قداسة الله الكاملة كرافض للشر والخطية: لأن السيد المسيح حمل خطايانا في جسده وقدّم نفسه كفارة عن هذه الخطايا... إذن دَفع ثمنًا غاليًا للغفران.. إذن الصليب نفسه هو إعلان عن رفض الله للخطية "الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين" (رو8: 32) وبهذا نرى في الصليب الرحمة والحق (أو العدل) يلتقيان. لذلك يقول المزمور "الرحمة والحق تلاقيا، البر والسلام تلاثما" (مز85: 10).
لقد قدّم السيد المسيح المَثل والقدوة، لذلك نجده قَبْلَ أن يبكّت الناس على خطية، قال لهم "من منكم يبكّتني على خطية" (يو8: 46).. وعندما نصح كل إنسان قال "أخرج أولًا الخشبة من عينك. وحينئذٍ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت7: 5). من أجل ذلك لابد أن يكون الرعاة قدوة في حياتهم وسلوكياتهم وتوبتهم لكي يستطيعوا أن يوبّخوا الخطاة إذا لزِمَ التوبيخ.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8z9wdnv