يرى البعض أن الأديرة في الوقت الراهن قد تخلت عن نسكها وحياتها البسيطة وأفسحت المجال في المقابل للمدنية الحديثة والتطور في المرور إلى الحياة النسكية، ولكن هؤلاء ينسون أن الحياة كلها تتطور بشكل طبيعي، فالشاب القادم اليوم للرهبنة يمتلك السيارة والتليفون المحمول وقد ينتمي إلى أسرة موسرة متحضرة، وبالتالي فإن مستوى المدينة والتطور الذي يحياه في الدير لن يصل بحال إلى مستواه قبل الرهبنة، والملاحظ أن المباني الأثرية الموجودة في الأديرة قد استخدمت فيها أحدث الأساليب التقنية في ذلك العصر عند بنائها، حقيقي أن الخامات كانت من البيئة ولكن الآلات المستخدمة كانت تعكس آخر تكنولوجيا ظهرت حتى ذلك الوقت.
إن الحوار ليس حوارا حول مستوى الرفاهية أو التحديث في الدير ولكنه حوار حول الاحتياج الشخصي للراهب، ويحرص الدير أن يقدم مستوى مقبول من الراحة للراهب حتى يتسنى له الجهاد ومواصلة العطاء، ويؤخذ في الاعتبار أن البني الجسدية للناس الآن لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها في الجيل السابق وما قبله، والبنيان الجسدي آخذ في الضعف جيلا بعد جيل (النسك هو الضبط والناسك هو شخص قادر على ضبط نفسه وبالتالي فالنسك لا يعني الحرمان وأذية الجسد أو الإساءة إليه بنوع من الأنواع.)
وأظن أنه لو عرض على شاب مسكن في البرية مجهزا بأحدث الكماليات ليأتي ويحيا فيه، لما استطاع ذلك أن يغريه بترك العالم والانقطاع في الصحراء ما لم تكن له رغبة صادقة في الحياة في النسك والجهاد ليجاهد ضد ضعفاته ويقدم توبة عن خطاياه، وفي هذه الحالة فهو لن يسعى في الواقع إلى مسكن مريح أو راحة جسدية، وأما التجاوز الذي يصدر عن بعض الرهبان فهو لا يمثل الرهبنة والرهبان، كما أنه قد يكون لهذا الشخص جهاداته الأخرى التي لا يعرفها من يدينونه، وقد أثبتت لنا الخبرة أن أشخاصا ممن كنا ندينهم بسبب مظهرهم قد كانوا قديسين.
يروي الآباء أن أول موقد كيروسين (وابور جاز) دخل إلى الدير، كان الآباء ينظرون إليه في تعجب كمثل شيطان سوف يفسد الحياة النسكية لهم واحتجوا كثيرا إذ كان (الكانون) يؤدي الغرض ولا داعي للتحديث (من وجهة نظرهم) أما الآن فإن المواقد الحديثة ليس فيها ما يغرى فقد صارت قديمة عفا عليها الزمن مقابل ما هو مستحدث الآن..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z47ty2h