المسيح في الفكر الغنوسي يعتمد بالدرجة الأولى على الفكر الدوسيتي، فما هو الفكر الدوسيتي؟ والفكر الدوسيتي جاء من التعبير " dokesis " و" dokeo " والذي يعني " يبدو "، " يظهر "، " يُرى "، ويعني الخيالي phantastic . فقد آمنوا أن المسيح كان مجرد خيال وشبح (phantom)، وأنه أحد الآلهة العلوية وقد نزل على الأرض في جسد خيالي وليس فيزيائي، مادي، حقيقي، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا عظام، لأنه لم يكن من الممكن، من وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهم ! لذا قالوا أنه نزل في صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك، جاء في شكل إنسان دون أن يكون له مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام، جاء في "شبه جسد" و"هيئة الإنسان"، وقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب.. الخ وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس، فأن النور وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح". كان مجرد خيال(12).
وجاء في أحد كتبهم والذي يسمى بـ " أعمال يوحنا "(13)، أن المسيح عندما كان يسير على الأرض لم يكن يترك أثرا لأقدامه وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يده تخترق جسده بلا أي مقاومة حيث لم يكن له جسد حقيقي. وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس، فتارة يكون لينًا وأخرى جامدًا ومرة يكون خاليًا تمامًا. كان بالنسبة لهم مجرد شبح وحياته على الأرض خيال. وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كما يشاء وقتما يشاء !! أي كان روحًا إلهيًا وليس إنسانًا فيزيقيًا(14).
+ وقال بعضهم أنه اتخذ جسدا نفسيا Psychic، عقليا، وليس ماديا.
+ وقال بعض آخر أنه اتخذ جسدًا نجميًا Sidereal.
+ وقال آخرون أنه اتخذ جسدا ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة(15).
وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وقد أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35-107) تلميذ القديس بطرس الرسول وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا: "إذا كان يسوع المسيح -كما زعم الملحدون الذين بلا إله- لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد "(16)، " وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا، كما أدعى بعض غير المؤمنيين، الذين ليسوا سوى خيالات "(17)، " لو أن ربنا صنع ما صنعه
في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا "(18).
(4) كما كان لهذه الجماعات، أيضا، اعتقادات أخرى في المسيح، فقالوا أن المسيح الإله نزل على يسوع الإنسان وقت العماد وفارقه على الصليب، وقالوا أيضا أن المسيح الإله والحكمة الإله نزلا على يسوع واتحدا به وفارقاه أيضا عند الصليب !! أي أن الذي صلب، من وجهة نظرهم هو المسيح الإنسان وليس المسيح الإله !!! وهؤلاء يؤمنون أن المسيح هو في ذاته كيان إنساني، كانت نفسه عبارة عن كيان إلهي وليست مجرد شرارة إلهية داخله، بل كيانا إلهيًا خاصًا، جاء من أعلى وسكن مؤقتًا في يسوع الناصري ليكشف من خلاله الحقائق الضرورية لأتباعه المقربين(18).
____________________
(12) Irenaseus Ag. Her. 1:24.
(15) Catholic Enc. Docetism.
(16) رسالته إلى ترالس 10: 1.
(17) رسالته إلى أزمير (سميرنا) 2.
(18) السابق 4: 2.
(18) ) Christianity Turned on Its Head: The Alternative Vision Of The Gospel Of Judas. P.88.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dg5q34k