وكالعادة هرول العديد من الكتاب العرب في الكثير من الصحف، المصرية والعربية، يهتفون ويهللون لهذا الكشف الذي تصوروا وزعموا أنه سيدمر المسيحية ويقلبها رأسًا على عقب!! وراحوا يمدحون الكتاب وما جاء فيه دون قراءة نصه ومعرفة محتواه، وهل يتفق في فكره مع الفكر المسيحي الُمسلم من المسيح لتلاميذه وخلفائهم، بل وهل يتفق مع الفكر اليهودي والإسلامي من جهة الإيمان بإله واحد، أم لا؟! لقد تجاهلوا ذلك وراحوا فقط يهللون لدمار الفكر المسيحي المنتظر، كما تخيلوا!! حتى أن الكاتب السياسي المعروف الأستاذ محسن محمد أخذ يقول في جريدة الجمهورية الصادرة يوم الخميس 13/4/2006: "في وثائق المنيا أن السيد المسيح هو الذي طلب من يهوذا أن يبيعه ويسلمه للرومان.. وعلي هذا الأساس فأن يهوذا لم يخن السيد المسيح بل انه أطاعه عندما سلمه للرومان ولم يفعل ذلك طمعًا أو خبثًا. وقال السيد المسيح ليهوذا: ستحتقر لهذا العمل وستلعنك الأجيال. وطبقًا للأوراق الجديدة فإن الفاتيكان لابد أن يغير تفكيره وان يعرف أن ما فعله يهوذا كان بتعليمات شخصية من السيد المسيح نفسه وانه كان مطيعًا له. وفي المؤتمر أسماء العلماء الذين راجعوا أوراق البردي وقاموا بترجمتها وقبل ذلك بالتحقق من صدقها وكلهم متخصصون في الدراسات القبطية واللغة اليونانية واللغة المصرية القديمة وأوراق البردي التي وجدت في المنيا تدمر ألفي سنة من المعتقدات المسيحية وتجعل ألاف اللوحات التي رسمها الفنانون عبر العصور بلا قيمة, أو أنها لا تمثل الحقيقة. وهذه الأوراق تفوق بمراحل كل اللفائف التي وجدت في البحر الميت"!!!
ومن بين العديد من الجرائد والمجلات التي نشرت هذه الأخبار وهللت لها نشرت جريدة الفجر الصادرة بتاريخ 3/4/2006م مقالة مترجمة لخصت فيها ما جاء في جريدتي الجارديان البريطانية والميل اون تايم، وتعبر عن رأي الجريدة أيضًا، تقول فيها: "تخشي قطاعات كبيرة في الكنيسة الكاثوليكية أن يسبب ظهور ذلك الإنجيل هزة عنيفة في المعتقدات المسيحية, ووصف احد خبراء الفاتيكان إنجيل يهوذا بأنه شديد الخطورة.. أن المخطوطات التي عثر عليها كانت مكتوبة باللغة القبطية. واغلب الظن أنها مترجمة عن اللغة اليونانية القديمة, وتؤكد الاختبارات العلمية التي أجراها العلماء عليه أنه نص اصلي.. أي أنه تاريخيًا نص لا يرقي إليه الشك.. ما يمكن التشكيك فيه هو مدي مصداقيته, ومدي حقيقة ما ورد فيه, خاصة أن أول دفاع أطلقه علماء الدين في الفاتيكان هو أن هذا الإنجيل كتبته طائفة منشقة في أيام المسيحية الأولي, أرادت فقط أن تطهر سمعة يهوذا الإسخريوطي.
تباري رجال الدين المسيحي في الهجوم علي الإنجيل قبل أن يظهر.. أن قلب الكنيسة الكاثوليكية الذي يرفض منذ القرن الثاني الاعتراف بإنجيل يهوذا, ويتعامل معه علي أنه هرطقة شديدة الخطورة لم يقبل أن يتراجع اليوم عن موقفه.. أعلن الفاتيكان أن من الخطر كل الخطر, أن يحاول احد الاقتراب من شخصية يهوذا بشكل يخالف ما ورد في الأناجيل الأربعة.. وأن نشر إنجيل يهوذا لن يسبب إلا ارتباكًا عنيفًا للمؤمنين بالمسيحية في العالم كله.
ولم يفت الفاتيكان الفرصة للهجوم علي قناة ناشيونال جيوجرافيك, وتصدي كثير من مؤرخي الكاثوليكية للتنكيل بإنجيل يهوذا, مؤكدين علي أنه مجرد نص ناقص, لا يمكن أن يرسم صورة واضحة لما كان عليه الوضع أيام المسيح, ورأي هؤلاء المؤرخون أن القناة لا تسعي إلا إلى إحداث فرقعة إعلامية, خاصة أنها تنوي نشر مقاطع إنجيل يهوذا المترجم في عيد القيامة.. وقبل شهر واحد من إطلاق فيلم شفرة دافنشي الذي ينتظره العالم كله بشغف.. لأنه يناقش المسيحية بنفس المنطق الذي يهرطق الثوابت.. بلا أدلة تاريخية أحيانًا".
وتقول شبكة النبأ المعلوماتية: "أعلن المجلس الأعلى للآثار المصرية الأربعاء أن مصر استعادت من الولايات المتحدة مخطوطة تعتبر النسخة الوحيدة في العالم من انجيل يهوذا غير المعترف به من جميع الكنائس المسيحية في العالم.. وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية زاهي حواس: "وتبين بعد ترميم المخطوطة وترجمتها أنها سفر ليهوذا الذي يصور أبعادا مختلفة لعلاقته مع السيد المسيح بشكل مختلف عما نجد في الأناجيل الأربعة المعروفة متى ومرقص ولوقا ويوحنا والتي أقرها المجمع القبطي الذي عقد في عام 325 ميلادية في أحد مدن آسيا الصغرى. وقال الحواس إن الإنجيل المكتشف يظهر أن يهوذا لم يخن المسيح ولم يسلمه للرومان مقابل 30 قطعة من الفضة بل كان الحواري الطائع الأمين الذي قام بهذا العمل بناء على أوامر السيد المسيح نفسه".
وتقول جريدة الـ BBC العربية: "يهوذا: خائن للمسيح أم صديقه الأقرب؟ يهوذا لم يكن خائنا وإنما صديق مقرب ليسوع المسيح، وعندما أسلمه للرومان لم يكن يفعل ذلك إلا استجابة لرغبة صديقه الحميم. قد يكون هذا النبأ بمثابة الصدمة لبعض المتدينين حيث تقر معظم الروايات الدينية التي وردت في العهد الجديد غير ذلك، وتصور أناجيل متى ومرقص ولوقا ويوحنا يهوذا الإسخريوطي وهو أحد الحواريين من تلاميذ المسيح على أنه شخص به مس من الشيطان، أسلم يسوع للرومان لقاء حفنة من النقود ثم انتحر. لكن المؤتمر الحاشد الذي دعت إليه الجمعية الوطنية الجغرافية في واشنطن يوم الخميس، تعرض بالشك للكثير من هذه المفاهيم. فقد كٌشف النقاب خلال المؤتمر عن إنجيل جديد هو " إنجيل يهوذا " الذي يبين أن يهوذا كان من أقرب المقربين ليسوع وربما كان أقربهم إليه وأنه لهذا السبب طلب منه يسوع أن يخلصه من عبء الجسد ليتحد في طبيعته الإلهية فقط".
وتقول جريدة نوافذ الاليكترونية: "قررت الجمعية الوطنية الجغرافية الأميركية التي تصدر المجلة الشهرية ذائعة الصيت (National geographic) نشر إنجيل يهوذا الإسخريوطي، وهو الإنجيل الذي سيعود قريبًا إلى مصر ليودع بالمتحف القبطي بالقاهرة (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). كان الإنجيل المنسوب ليهوذا اكتشف عند مدينة (بنى مزار) بالمنيا ـ شمال الصعيد ـ في العام 1978 وتم تهريبه إلى الخارج ووصل إلى.سويسرا. وفي العام 2000 وضعت " جمعية الفنون القديمة " ببازل يدها على المخطوط ذي الورقات الثلاث عشرة، وبدأت بترجمتها من اللغة القبطية القديمة إلى عدد من اللغات الحية. وفي العام الماضي وقعت الجمعيتان الأميركية والسويسرية اتفاقًا لنشر هذا الإنجيل، بعد أن يتم ترميمه بمبلغ مليوني دولار تتقاسمهما الجمعيتان تحت إشراف العالم السويسري رودلف كاسير. ولأن الكنائس الرسمية في مصر والعالم تأبى الاعتراف بهذا الإنجيل، فإنها استحسنت أن تسميه بإنجيل " المنيا " - حيث عثر عليه - وإن كان المجلس الأعلى للآثار المصرية ماض في طريقه إلى استرداد هذا الإنجيل، حرصًا على قيمته الأثرية، تاركًا الجدل الديني والمذهبي يشتعل حوله. فهذه المساحة ليست في دائرة اختصاصه!
ولكن، لماذا ترفض الكنائس في مصر والعالم هذا الإنجيل، بل لماذا ترفض أساسًا نسبته إلى يهوذا؟ القصة المعترف بها لدى جميع الكنائس أن يهوذا الإسخريوطي شنق نفسه بفرع شجرة تين بعد وقت ضئيل من خيانته للمسيح، تكفيرًا عن ذنبه وشعوره بالخيانة. لكن هذا الإنجيل الذي عثر عليه بالمنيا يظهر يهوذا بصورة مُغايرة، فيصفه بالتلميذ المفضل للمسيح، ويضع خيانته في خانة استكمال " المهمة السماوية " التي تقود إلى موت المسيح على الصليب إنقاذًا للبشرية، وهذا يؤسس لوجود أهم المبادئ في المسيحية وهو " سر القيامة "، ما يتطابق مع نظرة المذهب " الغنوسي " الذي يعود إلى القرن الثاني الميلادي، والذي عدته الكنيسة في حينه خصمها الأول، والغنوسية تعتبر يهوذا ـ (الخائن) أكثر حواريي المسيح استنارة، لأنه تصرف بطريقة خلصت البشرية من ذنوبها من خلال صلب المسيح وقيامته، وهكذا تمحو من يهوذا أية شبهة للخيانة!
الكنيسة الأرثوذكسية المصرية تطعن بالتزوير على هذا المخطوط، نافية أنه ليهوذا الإسخريوطي. فيهوذا ليس لديه وقت ليكتب شيئًا.. أما د. زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية فيقول: ليس للمجلس شأن بالجدل الديني حول هذا المخطوط، ومن البداية رفضنا أن نسميه بإنجيل يهوذا فهو مسمى صحافي أكثر من كونه مسمى علميًا. أيضًا المجلس يضم خبراء وعلماء ومفتشين في علوم الآثار لا رجال دين. ونحن نسترد هذا المخطوط ليس لأننا نؤمن بما كتب فيه وإنما لأن عمره بلغ أكثر من 1700 سنة، أي أنه مخطوط أثرى ومكتشف في أرضنا، واسترداده يأتي كجزء من سياق استردادنا لآثارنا المسروقة المهربة إلى الخارج، والتي قمنا باسترداد عدد منها في السنين الأخيرة!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/x943pzt