استعملت القرعة في العهد القديم كطريقة لتعين النصيب أو للبتّ في الأمور الهامة التي لم يشاءوا تحكيم الفرد فيها. كالكاهن أو النبي أو الشيخ أو القاضي بل تحكيم القرعة بنا تدل عليه ظنًا منهم أنها تعّبر عن إرادة الله. وكانت القرعة إحدى الطرق لاستشارة الله التي كانت تستعمل عند العبرانيين والشعوب الأخرى القديمة. وكان من جملة الاستشارة الإلهية عند العبرانيين استعمال الأوريم والتميم والافود. وكانت الشريعة تتساهل في استعمال هذه الطرق الثلاث. وكانت هناك طرق أخرى تعد غير شرعية بل محرمة مثل الاستشارة بالعصا (هو 4: 12) أو السهام (حز 21: 21). والعرب كانوا يستعملون أزلام الميسر للتقسيم بوحي القرعة والازلام سهام بلا نصل. توضع في جراب فتجال ويسحب منها سهم على اسم شخص كاليانصيب في أيامنا (راجع المعاجم المطولة في مادة "زلم").
ومما يدل على إيمانهم بأن الرب هو الذي يعّين بواسطة القرعة ما جاء في (يش 18: 6، 8) عن توزيع الأراضي بالقرعة، ومما جاء بأكثر وضوح عن الوحي بالقرعة قوله في (ام 16: 23) "القرعة تلقى في الحضن ومن الرب كل حكمها".
أما الغايات التي تستعمل القرعة من أجلها فهي كما يلي:
1- معرفة الجاني أو المذنب وبها عرفوا عخان (يش 7: 16، 18) ويوناثان (1 صم 14: 41، 42) ويونان (يو 1: 7). ومن الشاهد الأخير نرى أن الاعتماد على القرعة كان شائعًا عند البحارة الفينيقيين كما كان شائعًا عند العبرانيين.
2- التعين لوظيفة أو منصب كيوم تعين أول ملك لبني إسرائيل حيث ألقى النبي صموئيل قرعة (1 صم 10: 20؛ إلخ.). وبالقرعة انتخب متياس (أع 1: 26). وبها تم تقسيم خدمات العبادة في الهيكل بين أولاد اليعازار وإيثامار (1 أخبار 24: 4-19) وبالقرعة تعينت خدمة زكريا (لو 1: 9) وتم توزيع الوظائف على المغنيين والموسيقيين في الهيكل (1 أخبار 25: 8-13). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وفي أيام نحميا ألقوا قرعة على الذين يقدمون الحطب للهيكل (نح 10: 34، 35).
3- تقسيم الأملاك والأشياء. وكان أهمها تقسيم كنعان على الأسباط (عد 26: 55؛ إلخ.؛ 33: 54؛ 34: 13؛ 26: 2؛ يش 13: 6؛ 14: 2؛ 16: 1). وقد استعير هذا المعنى للتعبير عن حظ الإنسان الذي يقدره له الله (مز 16: 5؛ اش 17: 14؛ 34: 17؛ ار 13: 25؛ دا 12: 13) أو الذي يرجوه من الله.
وقسموا بالقرعة غنائم الحرب وأمتعة المحكوم عليهم بالسجن أو الموت (يوئيل 3: 3؛ نا 3: 10؛ عو 11؛ مز 22: 18؛ مت 27: 35؛ يو 19: 24).
4- وكانت القرعة تلقى يوم التكفير على تيس الرب وتيس عزازيل (راجع يوم الكفارة). وفي تقاليد المشنا أن الأداة التي يلقونها قرعة كانت مصنوعة من خشب صلب ثم صنعت من ذهب، وكانت توضع في وعاء خاص تخض به وتلقى أو تسحب منه لمعرفة أي التيسين للرب.
5- وجاء في (سفر استير 3: 7) أنهم كانوا يلقون قرعة أمام هامان للاستعلام عن الوقت المناسب لإتمام مقاصده الشريرة.
وقد ألقى الجنود الرومانيون قرعة على ثياب يسوع عند صلبه لكي يقتسموها بينهم (مت 27: 35).
وفي كنيستنا القبطية الأرثوذكسية مازال هذا الأمر مُتبعًا فيما يُعرف باسم: "القرعة الهيكلية"، والتي بها يتم اختيار بطريرك الكنيسة القبطية، واحدًا من أعلى ثلاثة حصلوا على أصوات الناخبين.
كان استخدام القرعة للوصول إلى قرار، عادة واسعة الانتشار في العالم القديم، وبخاصة بين اليهود لمعرفة إرادة الله أو لضمان الحياد وعدم الانحياز. ولا ندري -على وجه اليقين- الوسائل التي كانوا يستخدمونها في هذا الصدد. والأرجح أنهم كانوا يستخدمون بعض الأحجار التي تحمل علامات خاصة، أو كانوا يستخدمون عصيًا أو سهامًا (حز 22:21؛ هو 12:4). وكان بنو إسرائيل يستندون في إلقاء القرعة، على أساس هيمنة الله على كل شيء،" لأن القرعة تُلقى في الحضن، ومن الرب كل حكمها" (أم 33:16). وكانت القرعة تبطل الخصومات" (أم 18:18).
والقُرعة هي النصيب (انظر مز 16، 5؛ إش 34: 17؛ 57: 6؛ إرميا 13: 25؛ أع 8: 21) وقد استخدمت القرعة في:-
1- اختيار أحد التيسين في يوم الكفارة ليكون أحدهما ذبيحة خطية (لا 8:16).
2- تقسيم ارض كنعان بين الأسباط (عدد 26: 55، 56؛ 23: 54؛ يش 13: 6..؛ إلي قض 3:1؛ أع 13: 19).
3- اختيار أفراد الجيش من أسباط إسرائيل لمحاربة سبط بنيامين (قض 3:20).
4- تقسيم البلاد على بني هرون (1 أخ54:6-61).
5- تقسيم داود لفرق الكهنة واللاويين (1 أخ 5:54، 7؛ انظر أيضًا لو 9:1).
6- تقسيم حراسة المقادس (1أخ25: 8، 9) والبوابين (1أخ26: 13، 14).
7- ألقى النوتية في السفينة التي كان فيها يونان، قرعة لمعرفة السبب في الكارثة (يونان 7:1).
8- ألقى هامان بن همداثا الأجاجي "فورًا" أي قرعة لتحديد اليوم المناسب لإهلاك اليهود (أس 7:3؛ 24:9).
9- في أيام نحميا بعد العودة من السبي، ألقوا قرعا على قربان الحطب لمعرفة من يقدمه (أع 34:10). كما ألقوا قرعًا ليأتوا بواحد من كل عشرة من العائدين من السبي للسكنى في أورشليم (نح 1:11).
10- اقتسم الجنود الرومان ثياب الرب عند الصليب بالقرعة (مز 22: 18؛ مت 27: 35؛ مرقس 15: 24؛ لو 23: 24؛ يو 19: 24).
11- يقول الرسول بولس إنه عندما كان المؤمنون بالرب يسوع يقتلون، ألقى هو قرعة "بذلك" (أع 10:26) أي أبدى موافقته على قتلهم.
12-عند اختيار التلاميذ لمن يحل محل يهوذا الإسخريوطي، ألقوا قرعة بين تلميذين وصلوا، فوقعت القرعة على متياس (أع 24:1-26).
ولا نجد ذِكرًا بعد ذلك في العهد الجديد، لاستخدام القرعة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ahjdf54