St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary  >   19_J
 

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

شرح كلمة

غَفَرَ | غُفْران | مَغْفِرة

 

الغفران أو المغفرة صفة من صفات الله المقدسة. ولا غفران إلا به (مز 130: 4؛ مر 2: 5- 12). والغفران عطية الله للمؤمن (أع 13: 38، 39؛ 1 يو 2: 12) نتيجة غنى نعمة الله للإنسان (أف 1: 6، 7) بواسطة كفارة المسيح عن بني البشر (عب 9: 9- 28). وواجب الإنسان أن يطلب الغفران، بإيمان ونية صادقة، وأن يبشر الآخرين به، لكن لا سلطة له عليهم لأنه هو نفسه بحاجة إلى الغفران الإلهي. وما غفران المؤمن لأخيه الإنسان إلا غفران باسم الرب، لأن الرب موجود مع المؤمنين في كل أعمالهم إذا كانت أعمالهم صادرة عن إيمانهم. وعلى هذا الأساس طلب الله من المؤمنين أن يغفروا لإخوتهم المسيئين إليهم، لأنهم إن غفروا للناس زلاتهم يغفر لهم أبوهم السماوي أخطاءهم، ولا يغفر الله تلك الأخطاء ما لم يغفر الناس بعضهم لبعض (مت 6: 14، 15). وعلى هذا الأساس طلب الله أيضًا أن يستمر الإنسان في الغفران ولا يمل (مت 18: 22؛ لو 17: 3، 4). والمقصود من الآية في (يو 20: 23) "مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت" أن في استطاعة المسيحيين -في شخص الأب الكاهن- أن يعلنوا الغفران لمن يتمم شرطيّ التوبة والإيمان بالمسيح. وتعني المغفرة سَتْر الخطيئة للمؤمن فردًا كان أو شعبًا وعدم حساب الله لها (مز 32: 1، 2؛ 85: 2) ومحو المعاصي والآثام وستر وجه الله عنها وعدم تَذَكُّرها (مز 51: 1، 9؛ اش 43: 25؛ عب 8: 12). وإبعادها عن البشر كبعد الشرق عن الغرب (مز 103: 12) وطرحها في أعماق البحر ودوسها (مي 7: 19).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غفر الله له ذنبه غفرانًا ومغفرة: ستره وعفا عنه.

(1) الغفران في العهد القديم:

St-Takla.org Image: Now it came to pass on the next day that Moses said to the people, "You have committed a great sin. So now I will go up to the LORD; perhaps I can make atonement for your sin (Exodus 32:30) صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى يوعد الشعب بالغفران (خروج 32: 30)

St-Takla.org Image: Now it came to pass on the next day that Moses said to the people, "You have committed a great sin. So now I will go up to the LORD; perhaps I can make atonement for your sin (Exodus 32:30)

صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى يوعد الشعب بالغفران (خروج 32: 30)

تُنقل معنى الغفران في العهد القديم ثلاث كلمات عبرية مشتقة من ثلاثة جذور.

أولها: "كفر" وهي تنقل معنى "الكفَّارة" أو التغطية والستر، وترتبط عادة بالذبائح، فهي تتضمن أن الكفارة قد تمت. وثانيها: الفعل "نسا" ومعناه أساسًا "يرفع" أو "يبعد"، فهو يشير إلى رفع الخطية عن الخاطئ وإبعادها. وثالثها: "سَلَح" وتحمل معنى الصفح والإبعاد. والكلمتان الأولى والثالثة تستخدمان دائمًا في الإشارة إلى غفران الله، أما الكلمة الثانية "نسا" فتستخدم أيضا في حالة غفران الإنسان.

والغفران ليس حقيقة بديهية أي أنه ليس من طبيعة الأمور، فهناك الكثير من النصوص الكتابية تشير إلى أن الله لم يغفر بعض الخطايا (انظر مثلًا: تث 29: 20؛ 2 مل 24: 4؛ إرميا 5: 7؛ مراثي 3: 42). ولكن حيث يتم الغفران، فإن ذلك يستوجب الشكر والعرفان، فالخطية تستوجب العقاب، والغفران إنما هو نعمة مذهلة. ويقول المرنم: "لأن عندك المغفرة" ويضيف (ما قد يبدو عجيبًا لنا) "لكي يُخاف منك" (مز 130: 4).

وكثيرًا ما ترتبط المغفرة "بالكفارة" والذبائح كما رأينا في الكلمتين العبريتين "كَفَر وسَلَح." كما نجد أن كلمة "نسا" -بالإضافة إلى استخدامها بمعنى المغفرة- فإنها تستخدم أيضا للدلالة على "حمل" عقاب الخطية (عد 14: 33، 34؛ حز 14: 10). ويبدو أن المفهومين مرتبطان. وليس معنى هذا أن الله إله صارم غير غفور، بل هو "إله كل نعمة" وهو الذي دبر الوسيلة لرفع الخطية. ولم يكن للذبائح أي فائدة إلا لأنه جعل الدم وسيلة للتفكير (لا 17: 11). ولا يعرف العهد القديم شيئًا عن غفران يُنتزع من الله عنوة، أو يُشتري برشوة.

فالغفران -إذًا- ممكن لأن الله هو إله كل نعمة، أو كما جاء في سفر نحميا: "إله غفور وحنان" (نح 9: 17)، أي إله مستعد للغفران. وكما يقول دانيال: "للرب إلهنا المراحم والمغفرة" (دانيال 9: 9). ومن أهم الأقوال عميقة الدلالة عن الغفران - في كل العهد القديم: "الرب الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى ألوف غافر الإثم والمعصية والخطية. ولكنه لن يبرئ إبراء" (خر 34: 6، 7). فالغفران مصدره الله المنعم، ولكن غفرانه ليس غفرانًا بلا تمييز، فهو "لن يبرئ إبراء." فمن جانب الإنسان، تلزم التوبة إذا أراد أن يُغفر له، وإن كانت لا تذكر التوبة صراحة أساسًا للغفران، ولكنها ترد ضمنًا في كل مكان. فالخطاة التائبون تُغفر لهم خطاياهم، أما غير التائبين الذين يصرون على طريقهم الشرير فلا غفران لهم.

ومن الجدير بالملاحظة، أننا نجد فكرة الغفران توضحها صور مجازية قوية، بالإضافة إلى ما تحمله الكلمات الثلاث -السابق ذكرها- من معان. فيقول المرنم: "كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا" (مز 103: 12)، كما يقول إشعياء النبي: "فإنك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي" (إش 38: 17) "وأنا هو الماحي ذنوبك" (إش 43: 25؛ انظر أيضًا مز 51: 1، 9). ويقول الرب على فم إرميا النبي: "لأني أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد" (إرميا 31: 34). ويقول ميخا النبي: "وتُطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم" (ميخا 7: 19).

فهذه العبارات القوية الجازمة، تؤكد كمال غفران الله، فهو عندما يغفر الخطية فإنه يمحوها تمامًا ولن يعود يراها. ولكن يجب الإقرار بالخطية، لأن "من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يقر بها ويتركها يرحم" (أم 28: 13). ويقول داود: "أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي" (مز 32: 5).

 

(2) الغفران في العهد الجديد:

هناك بضع كلمات يونانية تستخدم للتعبير عن الغفران. ويؤكد العهد الجديد أهمية أن نغفر للآخرين كي يُغفر لنا، فيقول الرب: "اغفروا يغفر لكم" (لو 6: 37) كما يقول في الصلاة التي علَّمها لتلاميذه: "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا... فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضا زلاتكم" (مت 6: 12، 14، 15). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فالاستعداد للغفران للآخرين دليل على أننا قد تُبنا حقيقة. كما يجب أن يكون الغفران من كل القلب، فهو ينبع من غفران المسيح لنا. لذلك يجب أن يكون مثل غفران المسيح "كما غفر المسيح لكم هكذا أنتم أيضًا" (كو 3: 13). وقد شدد المسيح مرارًا عديدة على ذلك، كما في مثل العبد الشرير (مت 18: 23-35).

ويرتبط الغفران في بعض المواضع بالصليب، كما في الرسالة إلى الكنيسة في أفسس: "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" (أف 1: 17)، كما أن دم المسيح قد سُفك "من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت 26: 28). ولكن كثيرًا ما يرتبط الغفران بالمسيح نفسه: "كونوا.. متسامحين كما سامحكم الله أيضًا في المسيح" (أف 4: 22)، "هذا رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلصًا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا" (أع 5: 31) "فليكن معلومًا.. أنه بهذا (بالمسيح) ينادي لكم بغفران الخطايا" (أع 13: 38).

وقد أعلن الرب يسوع -في أيام تجسده- غفرانه للخطايا كما في حالة المفلوج الذي أنزلوه له من السقف، فشفاه لكي يعلموا "أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا" (مر 2: 10). ولكن لا يمكن أن نفصل بين المسيح وبين عمله على الصليب، فالغفران من المسيح أو به، يعنى الغفران الناتج عن أنه المسيح ابن الله الذي أسلم نفسه "من أجل خطايانا،" فلا يمكن أن نعرف المسيح منفصلًا عن الصليب، لأن موته إنما كان "من أجل الخطية،" ففحوى "العهد الجديد" كله إنما يربط بين الغفران وموت المسيح كفارة عن الخطايا.

فالغفران إذًا يرتكز أساسًا على عمل المسيح الكفاري أي أنه من مجرد النعمة "فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1 يو 1: 9).

ومن جانب الإنسان عليه أن يتوب، فقد نادى يوحنا المعمدان "بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا" (مرقس 1: 4)، وهو ما نادى به بطرس الرسول أيضًا قائلًا: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا" (أع 2: 38) بل إن الرب يسوع نفسه أمر "أن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم" (لو 24: 47).

كما أن الغفران يرتبط أيضًا بالإيمان، فيقول الرسول بطرس: "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (أع 10: 43) ويجب ألا نظن أن الإيمان والتوبة هما أساس استحقاق الغفران، بل هما الوسيلة التي بها نحصل على نعمة الله.

وهناك نقطتان يجب ألا تفوتنا الإشارة إليهما: أولاهما: الخطية ضد الروح القدس التي لا غفران لها (مت 12: 31، 32؛ مرقس 3: 28، 29؛ لو 12: 10؛ مع 1 يو 5: 16). والإشارة هنا ليست إلى خطية معينة، بل إلى الإصرار على التجديف على روح الله من جانب شخص يرفض باستمرار دعوة نعمة الله (الرجاء الرجوع إلى "خطية لا تغفر" في موضعها من حرف "الخاء" هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت).

ثم قول الرب للتلاميذ بعد قيامته من الأموات: "مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 23). وهو إعطائهم سلطان الحِل والرَّبط ككهنة، ولم يقله السيد الرب لجميع المؤمنين، بل للآباء الرسل فقط، والذين بدورهم سلَّموا هذا السر لِمنْ يليهم من خلال سر الكهنوت.

 

* انظر أيضًا: كتاب الكهنوت - البابا شنودة الثالث (وبه فصلًا عن موضوع إنكار الكهنوت الذي ينادي به البروتستانت، مع أسئلة أخرى).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/19_J/j_17.html

تقصير الرابط:
tak.la/7bc76v6