الصلاح هو الاستقامة والسلامة من العيب، والصلاح هو ما يستحق الاستحسان لأجل القيمة الأدبية المتأصلة فيه، وبسبب تأثيره النافع الظاهر. والكتاب المقدس يستخدم الكلمة في كلا المعنيين. فيقال مثلًا عن الذهب أنه "جيد" (أو صالح - تك 2: 12) كما يقال عن البقرات والسنابل أنها حسنة [أو صالحة - (تك 41: 26)] وعن الأشجار أنها جيدة أو صالحة (مت 7: 17) والكنز الصالح (لو 6: 45) والأرض الصالحة (لو 8: 8)... و"أن فسد الملح ...لا يصلح بعد لشيء" (مت 5: 13؛ لو 14: 34).. إلخ.
ولكن الكتاب المقدس يستخدم أيضًا "الصلاح" بالمعنى الأدبي بشكل خاص، ويمكن إيجاز تعليمه عن الصلاح كالآتي:
1- الله هو المثل الأعلى لكل ما هو صالح: فعندما يتكلم الكتاب المقدس عن ما هو صالح، فأنه يقدم الله نفسه كالمثل الأعلى فيقول المرنم: "لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته وإلى دور فدور أمانته" (مز 100: 5) فكل ما يخططه ويفعله ويخلقه ويأمر به ويرضى عنه، صالح، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وفي الواقع ليس هناك من هو صالح، بلا حدود أو قيود، سوى الله (مرقس 10: 18) فهو المثال والديَّأن والمقرَّر لِمَا هو صالح ولا يعتبر الإنسان أو أي شيء آخر صالحًا إلا إذا كان مشابهًا لله مطابقًا لمشيئته.
2- اعمال الله صالحة: فأعمال الله تنم عن صفاته وحكمته وقدرته (مز 104: 24- 32؛ رو 1: 19، 20) وتعلن مجده (مز 19). وعندما خلق الله العالم، خطوة بعد خطوة، كان ينظر -بعد كل خطوة- إلى ما خلق ويرى أنه "حسن" [أي صالح - تك 1: 4، 10، 12، 18، 21، 25] وعندما تم كل شيء "رأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن (صالح) جِّدًا (تك 1: 31).
وقد بدأت الخطية من المخلوق وليس من الخالق، فلم توجد الخطية في العالم لأن الله لم يستطع أن يعمل صالحًا بلا شر، بل لأن المخلوق - في ملء حرية إرادته - فعل الخطية.
3- هبات الله وعطاياه صالحة: لأنها تعبير عن جوده ومحبته ورحمته، ولصالح خليقته. ويكتب الرسول يعقوب: "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبى الأنوار الذي ليس عنده تغيير إلي ظل دوران" (يع 1: 17). ففي عنايته ورحمته يصنع ما هو صالح لجميع الناس، للصالحين والأشرار (مت 5: 45؛ لو 6: 35؛ أع 14: 17) وكأب سماوي كامل يعطي عطايا صالحة جيدة لكل أولاده (مت 7: 11).
ويبدو صلاح الله لشعبه في العهد القديم، في وعوده العديدة بالبركة والسلام (إش 9: 7؛ 11: 11، 12؛ 66: 19، 20؛ يؤ 3: 1- 20). والنجاح والازدهار (يؤ 3: 17 - 20؛ عا 9: 13- 15).
ونقرأ في العهد الجديد أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله أي للمؤمنين (رو 8: 18) بما في ذلك "التأديب" (عب 12: 10) والتجارب (يع 1: 2- 12) والامتحانات والاضطهادات (2 كو 4: 17) فكل هذه الأمور تدفع المؤمن للالتجاء إلى الله لطلب بركته وقوة الروح القدس.
4- أوامر الله صالحة: فحيث أن شريعة الله هي انعكاس لصفاته، فأن وصاياه تعلن كماله الأدبي وكمال مشيئته. فالمثل الأعلى للصلاح في الكتاب المقدس هو مشابهة الله الآب (مت 5: 48) كما هو معلن في كلمته وفي حياة وتعاليم الرب يسوع المسيح. فقد جاء المسيح لا لينقض ناموس الله بل ليتممه لأجل تبريرنا (مت 5: 17- 19) فالناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة (رو 7: 12).
5- الطاعة لوصايا الله صالحة: فالطاعة ترضية وهي أساس البركة والصلاة المستجابة (1 يو 3: 22، 5: 2 و3) وتبدو ثمارها في القيام بالأعمال الصالحة التي أعدها الله للمؤمن ليسلك فيها (مت 5: 16؛ أف 2: 10؛ كو 1: 10؛ 2 كو 9: 8).
وبأي معنى يمكن أن يوصف أي عمل بأنه صالح؟ عندما يكون هذا العمل حسب مشيئة الله ومطابقًا للمثال المعلن في كلمة الله الموحى بها (2 تى 3: 16، 17)، وعندما يصدر العمل عن دافع صحيح، أي بدافع المحبة لله وللآخرين، والعرفان بفضل الله وإحسانه (2 كو 5: 14؛ 1 تس 1: 3؛ عب 6: 10)، وعندما يتم لهدف صالح، أي لامتداد ملكوت الله ونشر معرفته، ولمجده (مت 5: 16؛ 1 كو 10: 31؛ انظر أيضًا 1 كو 6: 20؛ 1 بط 2: 12).
وقد أعطى الله الناموس للإنسان في صيغتين: صيغة إيجابية تتضمن محبة الله ومحبة القريب التي هي تكميل الناموس (رو 13: 8، 10) وصيغة سلبية في سائر الوصايا العشر باستثناء الوصيتين الرابعة والخامسة، فالله محبة، وتسير قداسته ومحبته جنبًا إلى جنب. وهكذا يجب أن يجمع الإنسان بين المحبة والبر في سلوك منقاد بالروح، حتى تكون أفعاله صالحة حقًا (رو 8: 3، 4؛ غل 5: 22، 23). فالأعمال الصالحة إذًا هي أعمال المحبة، كما فعلت مريم عندما سكبت الطيب على الرب يسوع المسيح، فقد قال عنها أنها قد عملت به عملًا حسنًا [صالحًا - (مرقص 14: 3- 6؛ انظر أيضًا مت 5: 13- 16؛ رو 12: 9 - 21؛ 13: 8 -10)] إلي يمكن للمؤمن أن يحيا حياة صالحة إلي بقوة الروح القدس الساكن فيه (رو 8: 2، 3، 11- 14).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/y762jpb