كثيرًا ما يقتصر مَن يكتبون عن "حياة المسيح" على الفترة من بيت لحم إلى الصعود بينما حياة المسيح تبدأ قبل ذلك بكثير، منذ الأزل وتستمر إلى ما بعد الصعود إلى الأبد. وليس الصعود مجرد حقيقة عظيمة من حقائق العهد الجديد، ولكنه عنصر هام في حياة المسيح وحياة المسيحيين، إلي يمكن أن تكتمل النظرة إلى يسوع المسيح بدون أن تشمل تلك النظرة الصعود ونتائجه، فالصعود هو ذروة عمله الفدائي فمسيح الأناجيل هو مسيح التاريخ، مسيح الماضي، ولكن الصورة الكاملة للمسيح في العهد الجديد، هي صورة المسيح الحي، المسيح المقام، الجالس عن يمين العظمة في الأعالي، مسيح الماضي والحاضر والمستقبل. لذلك يلزم أن ندرس بدقة فصول العهد الجديد التي تشير إلى الصعود ونتأمل بعناية ما تتضمنه من تعاليم.
1- التوقعات:
هناك إشارات للصعود في الكثير من الفصول في الأناجيل التي تتناول خدمة ربنا يسوع المسيح في أيام تجسده (لو 9: 31 و51، يو 6: 62، 7: 33، 12: 32، 14: 12و 28، 16: 5 و10 و17 و28، 20: 17). فهذه الفصول تدل على أن الصعود كان علي الدوام في فكر الرب. كما أن الصعود كان متضمنا في كل إشاراته إلى مجيئه ثانية إلى الأرض على سحاب السماء (مت 24: 30، 26: 64).
2- تسجيل قصة الصعود:
نقرأ في أنجيل مرقس: "أن الرب بعدما كلمهم (تلاميذه) ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان، والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة" (مر 16: 19 و20).
ولكن هذا ليس سوى ملخص، كما أن أنجيل لوقا ينتهي بإشارة واضحة إلى حقيقة الصعود حيث يقول: "وأخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم، أنفرد عنهم وأُصعد إلى السماء. فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم" (لو 24: 50- 52).
وليس ثمة مشكلة في عدم ذكر أنجيل يوحنا لموضوع الصعود، فالصعود - كما يقول دكتور "هورت" (Hort) - يقع خارج دائرة الأناجيل... فمكانه الصحيح هو في بداية سفر أعمال الرسل.
1- قصة الصعود:
القصة في الأصحاح الأول من سفر أعمال الرسل واضحة تمامًا، فقد تحدث الرب يسوع المسيح مع تلاميذه على جبل الزيتون، وفي أثناء الحديث "ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع 1: 9). لقد ارتفع جسده حتى اختفي عن أنظارهم، "وفيما كأنوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق، إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض، وقالا: "أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء ! أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا رأيتموه منطلقا إلى السماء (أع 1: 10و11) إلي شك في أن هذه الشهادة شاهد عيان. وقد كان لوقا مؤرخًا مدققًا (انظر لو 1:1- 4).
2- الإشارات إلى الصعود:
يذكر "الصعود" تصريحًا أو تلميحًا جملة مرات في سفر أعمال الرسل (أع 2: 33- 36، 3: 21، 7: 55 و56، 9: 3-5، 22: 6-8، 26: 13- 15). وكل هذه النصوص تؤكد وجود المسيح في السماء عاملًا في العالم.
1- الرسالة إلى رومية : يقرر الرسول (8: 34) أربع حقائق مرتبطة بالرب يسوع المسيح، هي موته وقيامته وجلوسه عن يمين الله، وشفاعته في المؤمنين. وواضح أن الحقيقتين الأخيرتين هما ذروة عمل الفداء.
2- الرسالة إلى أفسس: بينما تؤكد الرسالة إلى رومية - حسب القصد من الرسالة- حقيقة القيامة، نجد أن الرسالة إلى أفسس تؤكد - كجزء من القصد الأساسي منها - حقيقة الصعود، إذ نجد أن ما عمله الله في المسيح، يتجاوز القيامة، إذ"أجلسه عن يمينه في السماويات فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة ... رأسا فوق كل شيء للكنيسة" (أف 1: 20- 23). ثم يذكر حقيقة أخرى، هي أنه "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع" (أف 22: 6) وتتجلي حقيقة الصعود بكل وضوح، في القول: "إذ صعد إلى العلاء، سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا، وأما أنه صعد فما هو إلي أنه نزل أيضًا إلي... الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق السموات لكي يملأ الكل" (أف 4: 8-10). وليس هناك ما هو أوضح مما تؤكده هاتان الرسالتان معًا على قيامة المسيح وصعوده.
3- الرسالة إلى فيلبى: يذكر الرسول أن الله قد رفَّع المسيح بعد اتضاعه، فالذي "وضع نفسه" هو الذي "رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم" (في 2: 6-11). كما يقول الرسول أن المؤمنين، سيرتهم الان هي في السموات "التى منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح" (في 3: 20).
4- الرسالة إلى تسالونيكي: أن التأكد على مجيء المسيح ثانية في الرسالة الأولى إلى تسالونيكى، يفترض حقيقة الصعود، فالمؤمنون ينتظرون ابن الله من السماء (1: 10) الذي "بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء" (4: 16).
5- الرسالة إلى تيموثاوس: ترد الإشارة إلى الصعود بوضوح في ختام ما يبدو أنه كان ترنيمة معروفة في الكنيسة الأولى، في القول: "الله ظهر في الجسد .... رفع في المجد" (1 تي 3: 16، انظر أيضًا 1 تي 6: 14، 2 تي 4: 1).
6- الرسالة إلى العبرانيين: الإشارات إلى الصعود ونتائجه في هذه الرسالة، أكثر منها في أي سفر آخر من أسفار العهد الجديد. فنقرأ في مستهل الرسالة: "الذي ...بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايأنا، جلس في يمين العظمة في الأعإلي" (1: 3) بما يتضمنه ذلك من مركز العظمة والسلطان(1: 4-13). كما يقول أننا نحن المؤمنين: "نراه مكللا بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت" (2: 9). ويصف يسوع المسيح بأنه "رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات، يسوع ابن الله" (4: 14)، " حيث دخل (إلى ما داخل الحجاب) كسابق لأجلنا، صائرًا على رتبة ملكي صادق، رئيس كهنة إلى الأبد" (6: 20). ومن "أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوت لا يزول، فمن ثم يقدر أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذهو حي في كل حين ليشفع فيهم" (7: 24و 25).
والنقطة الرئيسية في الرسالة هي "أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السموات" (8: 1)، ومركزه هناك يتضمن أنه قد "وجد فداء أبديًا" لشعبه، وأنه يظهر الان يظهر الان أمام وجه الله لأجلنا" (9: 12 و24). كما نقرأ أن جلوسه هذا عن يمين الله، هو في أنتظار أن يوضع "أعداءه موطئًا لقدميه" (10:12 و13). وأحد التحريضات الأخيرة للمؤمنين هو أن ينظروا "إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع" الذي "جلس في يمين عرش الله" (12: 2).
يذكر الرسول بطرس بكل وضوح أن روح المسيح الذي كان في الأنبياء قد "سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها" (1: 10و11) . كما يقول - فيما يختص بالمعمودية - أنها - سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح ، الذي هو في يمين الله، إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له" (3: 22).
1- في الرسائل: لا يذكر يوحنا في رسائله شيئًا مباشرًا عن الصعود، ولكنه يقول " ان أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار" (1 يو 1:2) وكلمة "شفيع" هنا هي نفسها كلمة "المعزي" في الأنجيل والتي تشير إلى الروح القدس (يو 14: 16). فالمسيح هو الشفيع أو المعزي في العلاقة مع الآب والروح القدس هو المعزي الساكن فينا.
2- في سفر الرؤيا: يتحدث سفر الرؤيا كثيرًا عن المسيح الحي في السماء، الذي يعمل في الكنيسة وفي العالم، والذي سيأتي ثأنية ظافرا لكي يمتلك (1: 7و13- 20، 5: 5-13، 6: 9-17، 14: 1- 5، 19: 11- 16) والارتباط بين هذه الفصول وبين المسيح الذي كان ميتا وهو الان حي إلى أبد الآبدين (1: 18، انظر أيضًا 2: 8، 5: 6) يدل -بما لا يدع مجالًا لشك- على صعود المسيح إلى السماء.
1- الحقيقة : يوجه العهد الجديد النظر إلى حقيقة صعود المسيح وحقيقة جلوسه في يمين الله. وكثيرًا ما يشار الى ما جاء في المزمور المائة والعاشر، عندما يُذكر الصعود، وبخاصة في الرسالة الى العبرانيين، بالارتباط مع كهنوت المسيح ووجوده في مركز السلطان والكرامة عن يمين الله. فالصعود يُعتبر نقطة الاتصال بين المسيح في الأناجيل والمسيح في الرسائل.
ويقول الرسول بطرس في يوم الخمسين: "وإذارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب، سكب هذا الذي أنتم الان تبصرونه وتسمعونه" (أع 2: 33). فكان الصعود هو نقطة الذروة في تمجيد المسيح بعد قيامته، وكان لا بُد من حدوثه لتمجيد المسيح في السماء. فالصعود هو النتيجة الحتمية للقيامة. ولم تكن رسالة الكرازة في حاجة إلى أن يكون الصعود جزءًا منها، مثله في ذلك مثل الميلاد العذراوى للمسيح فكلاهما يتضمنان تعليمًا للمؤمنين أكثر مما لغير المؤمنين فالصعود هو الخاتمة المنطقية للتجسد وإكمال عمل الفداء، وللدخول إلى مجال أوسع للعمل في حالته الممجدة كرب وكاهن ورأس لكنيسته (يو 7: 39، 16: 7).
2- الخلاصة : يمكننا أن نوجز ما يقوله العهد الجديد عن وجود ربنا يسوع المسيح الان في السماء، فقد صعد إلى السماء (مرقس 16: 19، لو 24: 51، أع 1: 9)، وهو جالس عن يمين الله في السماء (كو 31، عب 1: 3، 8: 1، 10: 12). وهو الذي سكب عطية الروح القدس في يوم الخمسين (أع 2: 33)، وهو الذي يضم للكنيسة الذين يخلصون (أع 2: 47). وهو الذي عمل مع التلاميذ في كرازتهم بالأنجيل (مرقس 16: 20) وهو الذي شفي الرجل الأعرج عند باب الهيكل (أع 3: 16). وهو الذي وقف لاستقبال إلي شهيد (أع 7: 56) وهو الذي ظهر لشاول الطرسوسى (أع 9: 5). وهو الذي يشفع في شعبه (رو 8: 26، عب 7: 25) وهو الذي يقدر أن يعين المجربين (عب 2: 8) ويرثي لضعفاتهم (عب 4: 15). وهو قادر أن يخلص إلى التمام (عب 7: 25) وهو حي إلى الابد (عب 7: 25، رؤ 1: 18) وهو لنا رئيس الكهنة العظيم (عب 4: 14، 7: 26، 8: 1، 10: 21). وله كهنوت لا يزول (عب 7: 24)، ويظهر الان أمام وجه الله لأجلنا (عب 9: 24) وهو شفيعنا عند الآب (1 يو 2: 1) وهو جالس عن يمين الله منتظرًا أن يوضع أعداؤه موطئًا لقدميه (عب 10: 13).
هناك عادة اعتراضان فيما يختص بالصعود يلزمنا النظر فيهما:
1- قوانين الطبيعة: وليس في الصعود مشكلة أعظم مما في القيامة أو في التجسد فنحن لا ندرك كنه جسد قيامة المسيح، وكل ما نعرفه أنه كان يختلف عن الجسد الذي وضع في القبر مع أنه كان أساسًا نفس الجسد فهو نفس الجسد، ومع ذلك يختلف عنه. وكان الصعود الخاتمة الطبيعية لحياة ربنا يسوع المسيح على الأرض فالصعود لا ينفصل إطلاقًا عن القيامة، وعليه فكل ما يمكن أن يقال عن القيامة فيما يختص بقوانين الطبيعة ينبطق أيضًا على الصعود.
2- تحديد مكان العالم الروحي: يعترض البعض على أن ما جاء في سفر أعمال الرسل عن الصعود، يتضمن القول بأن السماء توجد فوق الارض. ولكن اليس هذا أخذا للقصة بمعناها الحرفي فحسب؟ فالسماء مكان وحالة في نفس الوقت. وحيث أن الشخصية تستلزم بالضرورة مكانًا لوجود شخص ربنا الإله والأنسان في نفس الوقت فالقول بأن السماء فوق الأرض قد يكون مجرد تعبير رمزى، وعلينا أن نفكر في الأنتقال من حالة إلى حالة أكثر مما في الأنتقال من مكان إلى مكان...فالمعني الحقيقي للصعود هو.. أن ربنا أنسحب من عالم القيود والمحدوديات إلى وجود أسمى وأشمل حيث يوجد الله. إلي أهمية لإختلاف مفهومنا الآن عن الكون المادي، عن المفهوم في أيام العهد الجديد، فما زلنا نتحدث عن شروق الشمس وغروبها، مع أن هذا ليس صحيحًا بالمعنى العلمي الدقيق، وهكذا اختفي السيد المسيح عن النظر دون اعتبار للمسافات أو الاتجاهات، ونحن نقبل هذه الحقيقة دون تفسير علمي لها، فقد كان الصعود تغييرًا لحالة الوجود، والحقيقة الأساسية هي أنه ارتفع واختفي عن أنظار التلاميذ. فحقيقة الصعود حقيقة أكيدة مثل القيامة، وكلتا الحقيقتين متلازمتان.
كان الصعود تعظيما وتمجيدًا ليسوع المسيح بعد أن أكمل عمله (في 2: 9) فللمسيح مجد مثلث: (1) مجده كابن الله منذ الأزل قبل التجسد (يو 17: 5) (2) مجده كالله الذي ظهر في الجسد (يو 1: 14، 1 تي 3: 16)، (3) مجده كابن الله المرتفع بعد القيامة والصعود (لو 24: 26، 1 بط 1: 21). فكان للصعود معناه الكبير بالنسبة للرب يسوع، ويجب الأنتباه إلى هذا المعنى في تعليم العهد الجديد. ففي صعوده وجلوسه عن يمين الله، الدليل على: (1) أنتصاره (أف 4: 8) (2) تبوئه مكان الكرامة (مز 110: 1، عب 2: 9). (3) أخذه مكان القوة والسيادة (أع 2: 33- 36، أف 1: 20 و21). (4) وجوده في مكان الفرح والابتهاج والسعادة (مز 45: 7 و8، رؤ 21: 4). (5) وجوده في مكان الراحة بعد إتمام العمل، حيث أنه الان جالس في يمين العظمة في الأعالى (عب 1: 3). (6) وجوده في مكان الرفعة والسمو إلى الأبد، إذ"رفَّعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم" (في 2: 9).
تاسعًا: أهمية الصعود بالنسبة للمؤمنين:
تكمن أهمية الصعود بالنسبة للمؤمنين، لا في ابتعاده جسديًا بل بالحرى في قربه روحيًا، فهو الانحر من القيود والمحدوديات الأرضية وحياته في السماء هي الضمان لوصولنا إليها "أني أنا حي فأنتم ستحيون" (يو 14: 19).
1- الفداء قد أكمل: أن في صعود المسيح وجلوسه عن يمين الله، الدليل على إكمال عمل الفداء (عب 8: 1)، وفي نفس الوقت إظهار كفاية بره لأجل الأنسان. فلكي يصل الأنسان الخاطئ إلى السماء يلزمه أمران:
أ- إزالة الخطية (سلبيًا) ب- وجود البر (إيجابيًا وقد أظهرت القيامة كفاية الكفارة عن الخطية، واظهر الصعود كفاية البر، فقد "صار لنا حكمة من الله وبرًَّا وقداسة وفداء" (1 كو 1: 30) وروح الله يبكت العالم "على بر...لأنى ذاهب إلى أبي" (يو 16: 10). ومما يتفق مع هذا أننا نجد في الرسالة إلى العبرانيين أن كل إشارة إلى كفارة المسيح، ترد في صيغة الماضي، دلالة على أنها قد تمت "مرة واحدة" وإلى الأبد.
2- رئيس الكهنة: وهذا هو الموضوع الرئيسي في الرسالة إلى العبرانيين، وأهم جانب في عمل الكهنوت هو تقديم الأنسان إلى الله، مما يعني المثول في محضر الله (عب 5: 1)، أنه الاقتراب إلى الله والسكني في محضره ونجد هرون يمثل عمل الكاهن، أما ملكي صادق فيمثل شخص الكاهن. والمسيح هو الكاهن والذبيحة الكهنوتية أيضًا. فبعد أن تقدم الكفارة دخل إلى السماء "بدم نفسه" (عب 9: 12) وكرئيس كهنة - الإله والأنسان في نفس الوقت - قادر أن يرثي (عب 4: 15) وقادر أن يعين (عب 2: 18) وقادر أن يخلص إلى التمام (عب 7: 25).
3- رب: فبالصعود صار المسيح رأسًا للكنيسة (أف 1: 22، 4: 10و 15، كو 2: 19) وبذلك فهو رب الكنيسة وحياتها، الذي يذكر أنه "ملك" في علاقته، بجسده أي الكنيسة، بل هو لها رأس ورب.
4- الشفاعة الكفَّارية: نجد في الكثير من فصول العهد الجديد، أن هذا هو العمل الرئيسي للمسيح في السماء الآن (رو 8: 33، 34) فهو الوسيط الكامل بين الله والناس (1 تي 2: 5، عب 8: 6) وهو شفيعنا عند الآب (1 يو 2: 1) ومجرد وجوده عن يمين الله فيه كل الضمان لشعبه.
5- عطية الروح القدس: هناك ارتباط وثيق بين صعود المسيح وحلول الروح القدس، فإذا ارتفع بيمين الله " أخذ موعد الروح القدس من الآب" وسكبه على شعبه (أع 2: 33). والروح القدس هو الذي يبكت الخطاة (يو 16: 9) وهو الذي يعلِّم المؤمنين ويرشدهم إلى كل الحق (يو 14: 26، 16: 13-15).
6- رفقته الدائمة: أنه في ضوء صعود المسيح ووجوده الآن في السماء، نستطيع أن ندرك قوة مثل هذا القول "ها أنا معكم كل الأيام" (مت 28: 20). ووجوده "حي إلى الأبد" هو مصدر القوة والالهام لكل مؤمن وللكنيسة ككل. ففي أسفار العهد الجديد نجد أنه منذ الصعود هناك التأكيد بأن المسيح حي وبحياته نحن نحيا ونستمتع بالشركة مع الله، وننال رحمة ونجد نعمة في حياتنا اليومية ونفرح بالأنتصار على الخطية والحزن والموت.
6- الأنتظار : أن ربنا يسوع المسيح يجلس الآن عن يمين الله "منتظرًا بعد ذلك حتى يوضع أعداءه موطئا لقدميه" (عب 10: 13) وهو قد دخل إلى السماء "كسابق لنا (عب 6: 20) ووجوده في السماء ضمان بأن كل شعبه سيقاسمونه هذه الحياة. بل أن صعوده مرتبط تماما بمجيئه ثانية (في 3: 20 و21، 1 تس 4: 16، عب 9: 28). وعند هذا المجيء سيقوم الأموات في المسيح أولًا ويتغير المؤمنون الأحياء (1 تس 4: 16و 17) ثم يدين المسيح الأحياء والأموات (رو 2: 16، 2 تي 4: 1 و8) فمجيئه ثانية، سيأتي لشعبه بالفرح والسعادة والمجد (أع 3: 21، رو 8: 18 و19) أما لأعدائه فسيأتي بالدينونة (1 كو 15: 25، عب 2: 8، 10: 13).
ونعلم من الرسالة إلى العبرانيين أنه بالارتباط بحياة المسيح الآن في السماء، يستطيع المؤمنون أن يدركوا الفرق بين البلوغ الروحي وعدم البلوغ (عب 6: 1، 10: 1)، فالهدف من هذه الرسالة هو تأكيد هذا الحق فوق كل شيء آخر. فالمسيحية هي ديانة حرية الاقتراب إلى الله واتحاد المؤمنين بالمسيح في السماء. وفي امتياز الاقتراب إلى الله والاتحاد بالمسيح يجد المؤمن سر الحياة القوية النامية الممتلئة بالفرح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gyvc5b8