تستخدم هذه الكلمة للدلالة علي المرأة التي تمارس علاقات جنسية غير شرعية، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة. كما كانت تطلق- في العهد القديم- وما شابهها من كلمات علي المرأة المكرسة للدعارة في معابد الأوثان، أو التي تهب نفسها لحياة الفسق والفجور من أجل كسب مادي، وقد وجدت مثل هذه الفئة من النساء بين كل الشعوب القديمة، بما في ذلك إسرائيل. والدليل علي وجود هذه الفئة منذ أقدم العصور، هو ما فعلته ثامار (تك 38).
وقد ظهرت هذه الفئة نتيجة للظروف الاجتماعية والجنسية التي امتدت إلي كل مكان. وبعد أن تدفقت التأثيرات الأجنبية المفسدة في أيام سليمان، انحدرت هذه الفئة إلي أعماق الخزي، حتى أشار الأنبياء إلي أغاني الزواني الخليعة الشهوانية (إش 23: 16)، وإلي فنون الإغواء التي برعن فيها حتى شجبها الأنبياء (أم 6: 24؛ 7: 10؛ 29: 23؛ إش 23: 16؛ إرميا 3: 3؛ 5: 7؛ حز 16: 25؛ انظر أيضًا تث 23: 17). وكانت الأموال تٌغدق علي نساء هذه الفئة من الزواني، وكان الضعفاء والغافلون يؤخذون بحبائلهن، حتي صار من أعظم اهتمامات الأب التقي في إسرائيل، أن يحذر ابنه من المرأة الشريرة التي "تقتنص النفس الكريمة" (أم 6: 24، 26) ومن تعبير الحكيم عن الزانية أنها امرأة أجنبية (أم 23: 27) أو "امرأة غريبة" (أم 7: 5). ومن التحذيرات من "ملق لسان الأجنبية" (أم 6: 24؛ انظر أيضًا 1 مل 11: 1- 3؛ عز 10: 2) يمكن أن نستنتج أنه في تلك الأيام كانت تلك الطبقة تتكون أساسًا من الأجنبيات والغريبات القادمات من خارج إسرائيل.
وكان محظورًا علي الرجل أن يدفع ابنته إلي الخطية: "لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنى" (لا 19: 29). لكن يبدو أنها كانت حرة في اختيار ذلك الطريق بنفسها [ارجع إلي حادثة ثامار في (تك 38)]. وكان الناموس يقضي بأن "لا يدخل ابن زني في جماعة الرب" (تث 23: 2).
ويأخذ الأمر لونًا أشد قتامة متي نظرنا إليه في ضوء الظروف الشائنة التي شاعت في سورية قديمًا فيما يختص بهذا الأمر، فقد كانت الزانية أكثر من مجرد مشكلة أو خطر اجتماعي، فقد كانت تعتبر "قديشة" (أي مقدسة)، وهي بذلك كانت أبعد أثرًا وأشد خطرًا، فقد كان ذلك النظام يتهدد بقاء ديانة "يهوه"، إذ كان هذا النظام يؤلّه قوي الطبيعة والأعضاء التناسلية في الإنسان. وكان أتباع ذلك النظام يعبدون أوثانهم بطقوس فاجرة وشعائر خليعة. وكانت الزانية الداعرة في المعبد توصف بأنها "قديسة" وعضو في الهيئة الكهنوتية للمعبد. وهكذا انحدر الرجال والنساء إلي ممارسة الدعارة في عبادة آلهتهم، وتحولت المعابد الوثنية إلي مواخير للدعارة، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وظل هذا السؤال الخطير يتردد في إسرائيل -لوقت ما- وهو هل تقوم مثل هذه العبادة ويُسمح بها في إسرائيل، كما حدث في بابل وفي اليونان من قبل. ومن المؤسف أن استثارة الشهوات الدنيئة وجدت لها مجالًا بين الإسرائيليين (عا 2: 7؛ هو 4: 13). ويعطي الأنبياء صورًا حية واضحة عن الجمع بين عبادة البعل وعشتاروت، وعبادة الرب "يهوه"، كما يذكرون المدَى الذي وصل إليه تحويل المقادس المحلية إلي هذه الصور من الفساد. فنددوا بذلك باعتباره قمة الفجور الذي يستجلب دينونة الله. وقد أخذ آسا ويهوشافاط علي عاتقيهما أن يطهرا البلاد من مثل هذا الفساد والرجاسات المقيتة (1 مل 14: 24؛ 15: 12؛ 22: 46). وأوصت الشريعة بنفي الزواني والمأبونين، كما حظرت إدخال المكاسب الدنسة إلي الهيكل: "لا تكن زانية من بنات إسرائيل، ولا يكن مأبون من بني إسرائيل. لا تدخل أجرة زانية ولا ثمن كلب إلي بيت الرب إلهك عند نذر ما لأنهما كليهما رجس لدي الرب إلهك" (تث 23: 17، 18). كما حظرت الشريعة علي الكاهن أن يتخذ له زوجة من الزواني: "امرأة زانية أو مدنسة لا يأخذوا" (لا 21: 7)، كما أمرت الشريعة أن تحرق ابنه الكاهن التي تزني: "إذا تدنست أبنة الكاهن بالزنى فقد دنست أباها. بالنار تحرق" (لا 21: 9).
وقد ندد الأنبياء بالارتداد الروحي باعتباره زني ودعارة، وقد أصبحت عبادة الرب "يهوه" -إلي حد ما- بمنأى عن هذا الخطر الذي كان يحدق بها، وذلك عن طريق تأديب الرب الصارم للشعب في السبي.
وفي أزمنة العهد الجديد كانت أخطار مشابهة تحيط بالمسيحيين وبخاصة في بلاد اليونان وأسيا الصغرَى (أع 15: 20، 29؛ رو 1: 24- 30؛ 1 كو 6: 9؛ غل 5: 19)، فقد كانت الآراء المتسيبة عن العلاقات الجنسية شائعة في الجيل الذي عاش فيه الرب يسوع المسيح بالجسد، وهذا واضح من الإشارات العارضة إلى جانب تعليمه الخاص ردًّا علي الأسئلة المتعلقة بالطلاق والزنا. ونجد في السؤال: "هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟" (مت 19: 3) دليلًا علي ما كان يثور من جدل بين المعلمين اليهود، ولكن الرب يسوع رجع إلي جذور الموضوع، بعبارته الحاسمة: "إن كل من ينظر إلي امرأة ليشتهيها فقد زني بها في قلبه" (مت 5: 28). ولا تقتصر عبارة الرب يسوع علي حالة المرأة المتزوجة، فالسمة العامة للتعبير الوارد في (مت 5: 28) تلغي فكرة أن هذه العبارة مقصورة علي الخطية بعد الزواج، مع امرأة متزوجة. ولا يفوتنا أن نذكر ما فعله الرب يسوع مع المرأة الخاطئة التي "أمسكت في زنا"، وكيف أنقذها من براثن الفريسيين، ليأتي بها إلي دائرة النعمة والفداء (مت 21: 31، 32) فهو كان ينحو علي الدوام ناحية الرحمة في تعامله مع مثل هذه الحالات كما نري في تلك القصة الرائعة في الإصحاح الثامن من إنجيل يوحنا (يو 7: 53- 8: 11).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ywvm77t