الخاتم هو أداه من الحجر أو المعدن أو أي مادة صلبة يحفر عليها رسم أو شكل معين، وتستخدم للطبع على مادة لينة، مثل الطين أو الشمع، لإثبات صحة وثيقة أو ما أشبه، كضمان لها.
كان يُنقش على الخاتم اسم صاحبه أو رسم معين أو كلاهما معًا (حز 28: 13). وكانت الأختام في بابل القديمة اسطوانية الشكل. وقد عثر على نماذج منها يرجع تاريخها إلى حوالي عام 3300 ق.م. وتدل هذه على ارتقاء في الفن في ذلك العصر السحيق. وكانت الخواتم تلبس في الأصابع والآذان والمعاصم السحيق. أو تربط بحبل وتعلق في العنق (اش 3: 21؛ لوقا 15: 22؛ تك 38: 18؛ إرميا 22: 24) . وكان الناس يختمون بأختامهم المكاتيب أو المستندات. وهذا ما يفعله الاميون في بعض البلدان حتى اليوم (1 مل 21: 8؛ نحميا 9: 38؛ استير 8: 8؛ ارميا 32: 10؛ يوحنا 3: 33) . وقد وجد عدد كبير من الأختام وآثار الأختام في فلسطين يرجع تاريخها إلى المدة بين القرنين الثامن والخامس قبل الميلاد، وتحمل هذه أسماء أصحابها. وكانت الصناديق والقبور والأشياء التي لا يُراد فتحها تختم بخاتم الشخص الذي يملك سلطة منع الناس عنها (أيوب 14: 17؛ 41: 15؛ دانيال 6: 17؛ متى 27: 66؛ رؤيا 5: 1). وكان إذا أريد ختم باب أو صندوق أو قبر يوضع عليه قليل من الطين أو الشمع ثم يختم بالخاتم. والأرجح أن قبر المسيح ختم على هذه الصورة، أي طلي رباط الحجر الذي كان على بابه بالطين أو الشمع ثم ختم بخاتم عمومي أو شخصي بحيث كان يعرف إذا كسر الختم.
وقد وردت كلمة "ختم" على سبيل الاستعارة في الكتاب المقدس للدلالة على عمل أو علامة أو طريقة التثبيت والتمييز (5 تي 2: 19) والتأمين (رو 4: 11؛ اف 1: 13؛ رؤيا 7: 3).
يرجع استخدام الأختام إلى عهود موغلة في القدم، وبخاصة في مصر وبابل وأشور، فيسجل هيرودوت Herodotus عادة البابليين في حمل الأختام. وكان الخاتم عندهم عادة على شكل اسطوانة من الحجر الصلب أو البلور، وكانت تثقب هذه الأسطوانة طوليًا من طرف إلى الطرف الآخر ويمرر بداخلها خيط لتعليقها به. وفي أكثر الأحوال كان يحفر الرسم ومعه اسم صاحب الخاتم - على السطح الخارجي للأسطوانة، وكان يعلق الخاتم حول الرقبة أو يربط حول الخصر [ انظر: "خاتمك وعصابتك" (تك 38: 18)، مع "كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك" (نش 8: 6) أي أن خاتمًا كان معلقًا حول الرقبة يتدلى على الصدر، وآخر حول الساعد ]. وكانت الأسطوانة هي أقدم أشكال الختام، سواء في مصر أو في بابل، إلا أن هذا الشكل تغير بالتدريج في مصر ليحل محله "الجعران" Scarabaeus كنمط شائع، كما كانت هناك أيضًا أشكال أخرى، كالأختام المخروطية الشكل.
ومنذ قدم أزمنة الحضارة كان خاتم الأصبع ينقش عليه شعار مميز أو شارة مميزة ويستخدم كوسيلة سهلة ومريحة للبصم به عند اللزوم. وأقدم الأختام الموجودة من ذلك النوع هي ما اكتشف في مقابر المصريين القدماء. كما استخدمت بعض الشعوب القديمة الأخرى مثل الفينيقيين الأختام أيضًا. وانتقلت هذه العادة من الشرق إلى اليونان وغيرها من بلدان الغرب. وقد تنوعت الأختام التي استخدمت في روما سواء من الأباطرة أو الأفراد. وقد استخدمت في الأزمنة القديمة كل أنواع الأحجار الكريمة تقريبًا في صنع الأختام، بالإضافة إلى المواد الرخيصة مثل الحجر الجيري أو الفخار. وكان الشمع أول ما استخدم في الغرب كمادة يطبع عليها بالخاتم. أما في الشرق القديم فقد استخدم الطين، كما يقول أيوب: "كطين الخاتم" (أي 38: 14). وتوصف الحراشف التي تغطي جسم لوياثان (المشبه بتمساح النيل) بأنها "مجان مانعة محكمة مضغوطة بخاتم" (أيوب 41: 15). ثم استخدمت الأحبار والصبغات فيما بعد.
كان استخدام الأختام المنقوشة على خواتم الأصابع شيئًا مألوفًا لدى الإسرائيليين فقد عرفوه في مصر ، وهذا واضح من كلام فرعون ليوسف: "انظر قد جعلتك على كل أرض مصر، وخلع فرعون خاتمة من يده وجعله في يد يوسف" (تك 41: 41، 42) وكان ذلك رمزًا لتخويله السلطة نائبًا عن فرعون. كما عرف بنو إسرائيل استخدام الأختام عند الفرس والماديين (أستير 3: 12؛ 8: 8، 10؛ دانيال 6: 17). وقد استخدم العبرانيون أنفسهم الأختام منذ زمن مبكر، وأول إشارة إلى ذلك هي حين أعطى يهوذا" خاتمه مع عصابته وعصاه " إلى ثامار رهنًا وضمانًا لكلمته (تك 38: 18، 25).
ولدينا الدليل على استخدام الأختام المحفورة في أزمنة مبكرة، وذلك في وصف الحجرين الموضوعين على كتفي الرداء في ثياب رئيس الكهنة (خر 28: 11؛ 39: 6)، وفي صفيحة الذهب النقي (خر 28: 36؛ 39: 30)، وفي الصدرة (خر 39: 14). ويذكر يشوع بن سيراخ صناعة النقش على الأختام كعمل متميز (سيراخ 38: 28).
ويبدو لنا من قصة يهوذا، ومن الاستخدام الشائع للأختام في بلاد أخرى، أن كل عبراني من ذوي الشأن ، كان يحمل خاتمًا خاصًا به. وكان خاتم الأصبع يلبس عادة في أحد أصابع اليد اليمنى "لو كان.. خاتمًا على يدي اليمنى" (إرميا 22: 24). ويبدو أن العبرانيين لم يكن لديهم نمط معين من الأختام خاص بهم، حيث تؤكد كل الأختام التي اكتشفت في فلسطين أن النمط السائد كان هو النمط المصري ثم البابلي.
(أ) كان من أهم الاستخدامات للأختام في القديم، هو إثبات أصالة وصحة الرسائل والأوامر الملكية وغيرها. فكانت الأختام تؤدي ما يؤديه التوقيع في وقت لم تكن القراءة والكتابة معروفتين إلا عند القليلين. وهكذا "كتبت ايزابل رسائل باسم أخآب وختمتها بخاتمه" (1 مل 21: 8). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كما ختمت أوامر أحشويرش الملك "بخاتم الملك. لأن الكتابة التي تكتب باسم الملك وتختم بخاتمه لا ترد" (أستير 8: 8، 10؛ 3: 12).
(ب) يرتبط بما سبق، استخدام الأختام للتصديق الرسمي على الصفقات والمعاملات التجارية والصكوك والعهود، فقد ختم إرميا صك شراء الحقل الذي اشتراه من (حنمئيل) (ارميا 32: 10-14، 44). كما وضع نحميا والعديدون معه أختامهم على الميثاق الذي كتبوه ليكون عهدًا بينهم وبين الله (نح 9: 38؛ 10: 1-3).
(ج) كانت الأختام تستخدم لحفظ الصكوك والكتب سليمة في أمان (إرميا 32: 14). وقد رأى يوحنا " سفرًا مختومًا بسبعة ختوم "(رؤ 5: 1).
وعند ختم الصك أو الدرج أو الكتاب كان يلف خيط من الكتان ثم تلصق بطرفي الخيط المشدود حوله، قطعة من الطين ليطبع عليها الخاتم وتترك لتجف، ولا يحق لأحد أن يفك هذا الخاتم إلا المخول له ذلك السلطان، وكان عليه أن يستوثق من سلامة الخاتم قبل أن يقوم بفكه وقراءة الصك أو الدرج أو الكتاب (رؤ 5: 2، 5، 9؛ 6: 1، 3).
(د) كان تسليم الخاتم كما سبق القول رمزًا للتفويض بالسلطة،كما حدث عندما سلم فرعون خاتمه ليوسف، وكما أعطى احشويرش الملك خاتمه لهامان، وكما أعطاه بعد ذلك لمردخاي (انظر تك 41: 42؛ أستير 3: 10؛ 8: 2؛ انظر أيضًا مكابيين الأول 6: 15).
(ه) كانت الأبواب التي يلزم غلقها، تختم بالأختام لمنع دخول أي شخص غير مسئول مثلما ختم باب جب الأسود (دانيال 6: 17). وذكر هيرودوت عادة ختم القبور. وهو ما حدث عندما ختم رؤساء الكهنة والفريسيون الحجر الذي وضعوه على باب القبر الذي يوضع فيه جسد الرب يسوع: "فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر" (مت 27: 66) حتى لا يتسلل إليه التلاميذ خلسة. وعندما سيطرح إبليس في الهاوية ويغلق عليه، سيختم أيضا عليه (رؤ 20: 3). وكان يتم ختم الباب بشد خيط حول الحجر الذي يسد مدخله، وتوضع كمية من الطين أو الشمع عند الطرفين وفي منتصف الحجر ثم يطبع على هذا الطين أو الشمع بالخاتم.
(و) كما كان الخاتم يستخدم كعلامة رسمية على ملكية الشيء. وقد وجد عدد كبير من السدادات الطينية لجرار الخمر ما زال عليها بصمات أختام أصحابها، من النوع الأسطواني وذلك بإدارة الأسطوانة فوق سطح الطين قبل أن يجف (انظر أي 38: 14).
تستخدم كلمتا "خاتم" و"ختم" استخدامًا مجازيًا للدلالة على الملكية والتوثيق والأصالة والضمان. فالله لا ينسى الخطية لكنه يخزنها "مختومًا" عليها في خزائنه (تث 32: 34؛ أي 14: 17). كما أن خاتم المحب يرمز للحب كرباط لا ينفصم (نش 8: 6). توصف العروس العفيفة بأنها "جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع المختوم" (نش 4: 12). وقد استخدم "الخاتم من قبيل المجاز للدلالة على التكتم والسرية . فما يصعب فهمه، هو "سفر مختوم" (إش 29: 11، 12) مثل السفر "المختوم بسبعة ختوم" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 5: 1). وقد أمر الله دانيال ان يخفي كلام نبوته ويحفظها سرًا حتى تستعلن في النهاية (دانيال 12: 4، 9؛ رؤ 10: 4). وأحيانًا يكون المعنى الدقيق للصورة المجازية غير واضح تمامًا (أي 33: 16؛ حز 28: 12).
أما في العهد الجديد فإن الدلالة الرئيسية للختم والأختام هي إثبات الأصالة والتوثيق والضمان والحفظ والأمان، فالمؤمن بالمسيح "ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق" (يو 3: 33)، أي اقر وشهد موثقًا على ذلك.
لقد "ختم الآب الابن" أي أعطاه السلطان الكامل ليكون الخبز الواهب حياة للعالم (يو 6: 27، 33) وكان ختان إبراهيم علامة وختمًا وتصديقًا على بر الإيمان الذي كان قد حصل عليه فعلًا قبل ختانه (رو 4: 11). ويصف الرسول بولس في حمل عطايا الأمم إلى القديسين في أورشليم بالقول: "ختمت لهم هذا الثمر "(رو 15: 28)، ولعل معنى هذه العبارة فيه شيئًا من الغموض، إلا أن الصورة المجازية مبنية على أساس أن الختم هو تصديق على الصكوك في المعاملات التجارية، وبذلك تكون تعبيرًا عن نية الرسول بولس في أن ينقل إليهم الثمر (سواء لأعماله الخاصة أو البركات الروحية التي استمتع بها الأمم عن طريق خدمته). ويضع عليها ختمه على أنها سارت ملكًا لهم. كما كان الذين آمنوا على يد الرسول بولس هم "ختم رسالته في الرب" أي أنهم كانوا برهان إرساليته من الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كما أن الله يختم المؤمنين بالروح القدس كما يضع المالك ختمه على ممتلكاته (أف 1: 13؛ 2 كو 1: 22) باعتبارهم قد صاروا ملكًا له وكما أن الوثائق تحفظ مختومة إلى الوقت المناسب لفض أختامها والكشف عن محتوياتها، هكذا يختم الله المؤمنين بالروح القدس "ليوم الفداء أي فداء أجسادهم" (أف 4: 30). وما كتبه الرسول بولس: "ولكن أساس الله الراسخ قد ثبت إذ له هذا الختم" (2 تي 2: 19) يتضمن أيضًا معنى الامتلاك والتوثيق والصيانة والضمان. كما أن ختم الله على جباه عبيده (رؤ 7: 2-4) إنما لتمييزهم باعتبارهم شعبه الخاص، كما ليضمن لهم الأمان الأبدي، بينما " الذين ليس لهم ختم الله على جباهم" (رؤ 9: 4) ليس له مثل ذلك الضمان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dszj59n