هي ليست سفرًا من أسفار الكتاب المقدس، ولكنها من أقدم ما كُتِب بعد أسفار العهد الجديد.
1- الكاتب:
لا يظهر اسم كاتب هذه الرسالة الهامة في سطور الرسالة مطلقًا، ولكن ليس ثمة ما يدعو إلي رفض نسبتها إلي أكليمندس أحد شيوخ الكنيسة في روما. ويقول إيريناوس إنه كان الأسقف الثالث لروما بعد الرسولين بطرس وبولس، ولكن واضح من الرسالة نفسها أن مثل هذه الخلافة الأسقفية لم تكن معروفة في ذلك الوقت، فالكاتب لا يذكر شيئًا من ذلك، وكان رجلا ذا علم ومقدرة، ولكنه لم يكن فيلسوفا ولا لاهوتيا مبرزا. ومعرفته بالعهد القديم تدل على أنه لم يكن من أصل يهودي. ويظن أنه كان عبدا رقيقا عند تيطس فيلافيوس كليمنس، ثم صار حرًا، وقد استشهد في 95 م. في عهد دوميتان بتهمة معارضته للمذهب الإمبراطوري. لقد عاش في الجيل الذي أعقب جيل الرسل مباشرة واعتبر نفسه مسئولا عن مواصلة رسالتهم.
2- التاريخ:
كُتِبَت الرسالة بعد زمن نيرون، ولكن يبدو أن الأساقفة الذين أقامهم الرسل كانوا ما زالوا قائمين بعملهم (رسالة أكليمندس الأولى 44:3)، ومن المحتمل -وإن لم يكن من المؤكد- أن المتاعب التي أشار إليها في العدد الأول من الإصحاح الأول، هي التي حدثت في عهد دوميتان (81-96 م.) والتي ازدادت اشتعالا في أواخر عهده، ولذلك فالأرجح أن تاريخ كتابة الرسالة يرجع إلي 95م.
3- الغرض والمحتويات:
كتبت الرسالة من "كنيسة الله المتغربة في روما إلي كنيسة الله المتغربة في كورونثوس". ويذكر الأصحاحان الأولان فضائل كنيسة كورنثوس، وثباتها وتواضعها وكرمها، ثم يذكر بإيجاز بعض الانقسامات التي حدثت، واستعاد تاريخ المحاسدات المذكورة في الكتاب ثم الغرض للتوبة، وكيف أن ناموس المسيح يصنع السلام ، وأن المسيح في اتضاعه قد حمل خطايانا، فالتواضع والسلام هما أعظم الفضائل. ثم يتحدث عن قيامة في المستقبل، مع ذكر قصة العنقاء (الطائر الخرافي الذي يحرق نفسه ثم ينبعث ثانية من رماده وهو علي أتم ما يكون شبابا وجمالا). ثم تحريضات مباشرة على القداسة والإيمان والأعمال الصالحة، وكيف أن المؤمنين مثل جيش عليهم إطاعة أوامر قادتهم، وأن الظروف تقتضي التعاون المشترك والنظام، والقادة يقيمهم الله ويجب الاعتراف بهم، ويجب أن يتوقف كل انقسام وكل عصيان للشيوخ، والمحبة هي الحل لكل المتاعب والصعاب وهي تستلزم نكران الذات، والرب هو الذي سيأتي بالسلام. ويختم الرسالة بالتضرع للرب طلبا للمعونة والتطهير والسلام، ثم البركة.
وهذه الرسالة هي أقدم ما كُتِب بعد أسفار العهد الجديد. ويمكن الجزم -إلى حد بعيد- بتاريخ كتابتها ومكان كتباتها وكاتبها أيضا، لذلك فهي ذات أهمية خاصة. وكما قال أدولف فون هارناك، إنه بهذه الرسالة بدأ تاريخ الكنيسة القديم، فهو يبدأ بالنظر في اطمئنان إلى الكنيسة فيما بعد عهد الرسل، ويشير إلى بطرس وبولس كشهيدين للإيمان بعد أن وصل بولس إلى "حدود الغرب" (رسالة أكليمندس الأولى 7:5)، وإن الحق الذي تعلم به الكنيسة إنما جاء من الرسل.
يذكر دم المسيح "الذي سفك لخلاصنا"، ويكرر نفس هذه العبارة ثلاث مرات (رسالة أكليمندس الأولى 4:7؛ 6:21؛ 6:49)، ويذكره بعبارة (إشعياء 53) مرة أخرى (رسالة أكليمندس الأولى 5:16). والقيامة هي الموضوع البارز في الأصحاحات (رسالة أكليمندس الأولى 24-26).
ومما تجدر ملاحظته أنه في هذه الرسالة،التي كان الباعث إلى كتابتها هو أهمية النظام، لا يذكر وجود سلطة أسقفية في أي من الكنيستين، كما أن الكاتب لا يتكلم باسمه كفرد أو كخادم في الكنيسة،بل يتكلم باسم الكنيسة، ويتكلم عن جماعة القيادة في الكنيسة كأساقفة، وفي العدد التالي مباشرة "يسميهم شيوخا" (رسالة أكليمندس الأولى 49: 4، 5).إن الرسالة لا تشير مطلقا إلى وجود سلطة أسقفية في روما في ذلك الوقت، بل بالحري تدل على العكس من ذلك .
4- النصوص:
تحتوي المخطوطة الإسكندرانية علي النص اليوناني للرسالة [ما عدا الجزء من (رسالة أكليمندس الأولى 57: 6 - 64: 1)] وموضعها في المخطوطة بعد سفر الرؤيا مباشرة. أما المخطوطة التي نشرها برينيوا في 1895 م فتحتوي علي كل النص باليوناني مأخوذا عن " الديداك" (تعليم الرسل) وتوجد مخطوطتان سريانية ولاتينية ومخطوطتان قبطيتان. وقد حدث تعديل في المخطوطة اللاتينية في العصور الوسطي لتدعيم سلطة روما، كما جري نفس الشيء في احدي المخطوطات السريانية. ويونانية الرسالة سهلة ومتوازنة بالقياس إلي الكتابات المسيحية الأخرى من ذلك العهد ويستشهد أكليمندس برسائل كورنثوس الأولى [كما في (رسالة أكليمندس الأولى 42: 1 -4)] ورومية [كما في (رسالة أكليمندس الأولى 35: 5، 6)]، والعبرانيين [كما في (رسالة أكليمندس الأولى 9: 3؛ 17:1؛ 9:2)]، و(تيطس 3:1) في (رسالة أكليمندس الأولى 2: 7)، وبطرس الأولى (رسالة أكليمندس الأولى 8:4؛ 5:49). كما يبدو بوضوح أن قصة الأناجيل كانت معروفة عنده جيدًا.
* انظر استخدامات أخرى لكلمة "أكليمندس".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rt529q3