سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
ليس كل فكر شرير يجول بذهنك يحسب خطية، فهناك فرق بين حرب الفكر، والسقوط بالفكر:
حرب الفكر، هو أن يلح عليك فكر شرير. وأنت غير قابل له، وتعمل بكل جهدك وبكل قلبك علي طرده، ولكنه قد يبقي بعض الوقت. وبقاؤه ليس بإرادتك، لذلك لا يحسب خطية. بل إن مقاومتك له تحسب لك برًا. أما السقوط بالفكر، فهو قبولك الشرير، والتلذذ به، واستبقاؤك له، وربما اختراعك لصور جديدة له..
والسقوط بالفكر قد يبدأ من رغبة خاطئة في قلبك، أو شيء مختزن في عقلك الباطن. أو قد يبدأ بحرب للعدو من الخارج، تقاومها أولًا، ثم تستلم لها وتسقط، وتتطور في سقوطك.
أو قد تسقط في الفكر إلي لحظات، وترضي به ثم تعود فتستيقظ لنفسك وتندم وتقاومه فيهرب.
علي قدر ما تقاوم الفكر تأخذ سلطانًا عليه فيهرب منك، أولًا يجرؤ علي محاربتك. وعلي قدر ما تستسلم له، يأخذ سلطانًا عليك، ويجرؤ علي محاربتك.
بيدك دفه الحرب، وليس بيده. الفكر يجس نبضك، وعلي حسب حالتك يحاربك، قال السيد المسيح "رئيس هذا العالم يأتي، وليس له في شيء" (يو 14: 30). أما أنت، فهل عندما يحاربك الشيطان، يمكنه أن يجد فيك شيئًا له.
إن الفكر يختبر قلبك: هل يوجد فيه ما يشابهه؟ وشبيه الشيء منجذب إليه؟.. أو هل يمكن أيجاد هذا الشبيه؟
فإن كان قلبك من الداخل أمينًا جدًا، لا يخون سيده مع هذه الأفكار، ولا يفتح لها مدخلًا إليه ولا يتعامل، ولا يقبلها، حينئذ تهرب منه الأفكار، وتخافه الشياطين.. أما إن تساهل القلب مع الأفكار، فحينئذ تجرؤ عليه.
هناك أفكار شريرة تدخل إلي القلب النقي لتساهله معها. وهناك أفكار شريرة تخرج من القلب الشرير لعدم نقاوته. أي أن هناك أفكارًا شريرة تأتي من الخارج، وأخري من الداخل.
الأفكار الشريرة التي من الخارج، مثالها محاربة الحية لحواء. وكانت حواء نقية القلب. ولكن بسبب تساهلها مع الحية، دخلت الأفكار إلي قلبها، وتحولت إلي قلبها، وتحولت إلي شهوة، وإلي عمل. أما الأفكار الشريرة التي تأتي من الداخل، فعنها قال الرب "والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير، يخرج الشر" (لو 6: 45).
وقد تأتي الأفكار من القلب من شهوات مختزنة. وقد تأتي من العقل الباطن، من صور وأفكار وأخبار مختزنة..
من هذا المكنوز في الداخل، تخرج الأفكار، لأية إثارة، ولأي سبب. فأحرص أن يكون المكنوز فيك نقيًا.
علي أن الأفكار التي تخرج من العقل، تكون أقل قوة.
إنها أقل قوة من الأفكار التي تخرج من القلب. لأن الخارجة من القلب، ممتزجة بالعاطفة أو بالشهوة، ولهذا فهي أقوي. وهكذا بإمكان بسهولة، أن يطرد الفكر التي تخرج من العقل. ولكنه إذا استبقاها، أو تساهل معها، فقد تتحول إلي القلب، وتنفعل بانفعالاته، فتقوي..
لذلك كما يجب علي الإنسان أن يحفظ قلبه، كذلك يجب أن يحفظ عقله ويحفظ الخط الواصل بين العقل والقلب..
"فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن من مخارج الحياة" (أم 4: 23) إن حرب الأفكار إذا أتتك، وأنت نقي القلب، حار، ستكون حربًا ضعيفة، وبإمكانك أن تهرب منها (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). أما ان أتتك وأنت في حالة فتور روحي، أو "من كثرة الإثم قد بردت" محبتك للرب. فحينئذ تكون الحرب عنيفة والهروب صعبًا.. لذلك "صلوا، لكي لا يكون هربكم في شتاء".
احفظ فكرك، لكي لا يدخله شيء يعكر نقاوتك. واحفظ أيضًا حواسك، لأن الحواس هي أبواب لفكر..
احفظ نظرك وسمعك وملامسك وباقي الحواس. لأن ما تراه وما تسمعه، قد لا تمنع ذهنك من التفكير فيه، ومن الانفعال به. لذلك فالاحتراس أفضل.
وإن دخل إلي سمعك أو بصرك أو فكرك شيء غير لائق، فلا تجعله يتعمق داخلك. وليكن مروره عابرًا.
إن الأشياء العابرة لا تكون ذات تأثير قوي. أما إذا تعمقت، فإنها تترسب في العقل الباطن، وتمد جذورها إلي القلب، وقد تصل إلي مراحل الانفعال..
أن النسيان هو من نعم الله علي الإنسان، به يمكن أن تمحي الأفكار العابرة وما تعبر به الحواس..
أما الأفكار التي تدخلها إلي أعماقك، فإنها تستقر في باطنك، وتتصل بالشعور وباللاشعور، ولا يكون نسيانها سهلًا، وقد تكون سببًا في حرب من الأفكار والظنون والأحلام، ومصدرًا للرغبات وللانفعالات، ومبدأ لقصص طويلة..
علي أن موضوع الأفكار قد يحتاج منا إلي رجعه أخري..
المرجع: سنوات مع أسئلة الناس: الأسئلة الروحية - قداسة البابا شنودة الثالث
مقال نقاوة الفكر - من كتاب مقالات روحية للأنبا شنوده الثالث
سؤال: كيفية مقاومة الأفكار
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zhs7t4b