سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
هذا الموضوع يمكن أن نؤلف فيه كتابًا. ولكنني سأحاول الإجابة على أسئلتك باختصار شديد...
أنت إنسان، خلق على صورة الله ومثاله (تك 26:1)، وينبغي أن تحتفظ بهذه الصورة الإلهية. وأنت كائن حي، له روح ناطقة، لا تنتهي حياته بالموت، بل تستمر. وله ضمير يميز بين الخير والشر، ويستنير بروح الله الساكن فيه (1كو 16:3)... وأنت تتميز بالعقل عن سائر المخلوقات الأرضية، وما يحويه هذا العقل من فهم وإدراك. وبعقلك وبحرية إرادتك تكون مسئولًا عن أعمالك، أولًا أمام الله، وثانيًا أمام ضميرك، وثالثًا أمام المجتمع الذي تعيش فيه.. ومسئوليتك يتبعها ثواب أو عقاب في الأبدية، بعد الدينونة أمام الله.
من كرمه أنه لم يشأ أن يكون وحده. فمنحنا الوجود نحن الذين كنا عدمًا لا وجود لنا، فأنعم علينا بالوجود.
ومن صلاح الله، خلقنا لكي يعدنا للحياة الأبدية. من صلاح الله أنه أعطاك نعمة الوجود. من جوده، ومن كرمه، أعطاك فرصة أن توجد، وأن تتمتع بالحياة هنا على الأرض، وأن تكون لك فرصة أيضًا للحياة في النعيم الأبدي، إن أردت، وعملت ما يجعلك تستحق النعيم.
فمن قال أنها حياه شريرة؟! يمكنك أن تعيش حياة بارة، تكون بركة لك ولمن هم حولك. وإن وُجدت بيئة شريرة، يمكن بمعونة الله أن تنتصر عليها.
وأنت تعيش فترة اختيار، لإعدادك للأبدية السعيدة، إن كنت تسلك حسنًا في هذه الحياة.
أنت تعيش لكي تؤدى رسالة نحو نفسك، ورسالة نحو غيرك، لكي تتمتع بالله هنا، وتذوق وتنظر ما أطيب الرب (مز 8:34). وأيضًا في حياتك تختبر إرادتك، ومدى انجذابها نحو الخير والشر. فحياتك فترة اختبار تثبت بها استحقاقك لملكوت السماء، وتحدد بها درجة حياتك في الأبدية... فعليك أن تدرك رسالتك وتؤديها، وتكون سبب بركة للجيل الذي تعيش فيه. فبقدر ما تكون رسالتك قوية ونافعة، بقدر ما تكون حياتك ممجدة على الأرض وفي السماء...
تموت لكي تنتقل إلي حياة أفضل.. إلي ما لم تراه عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر(1كو 9:2). وتنتقل أيضًا إلي عشرة أفضل، عشرة الله وملائكته وقديسيه. فالموت إذن ليس فناء، وإنما هو انتقال. إن حياتك لو دامت على الأرض، وبقيت متصلًا بالمادة ومتحدًا بالجسد المادي، فليس في هذا الخير لك. ولكن الخير لك أن تنتقل من حياة المادة والجسد، إلي حياة الروح وإلي الأبدية، وتكون مع المسيح فهذا أفضل جدًا (في 23:1). لذلك اشتهى القديسون الانطلاق من هذا الجسد.. إنما يخاف الموت الذين لا يستعدون له، ولا يثقون أنهم ينتقلون إلي حياة أفضل.. أو الذين لهم شهوات على الأرض، ولا يحبون أن يفارقوها!! والإنسان يموت، لأن الموت خير للكون. فمن غير المعقول أن يعيش الناس ولا يموتون، وتتوالى الأجيال وراء الأجيال لا تسعها الأرض، ويتعب الكهول من ثقل الشيخوخة، ويحتاجون إلي من يخدمهم ويعالجهم ويحملهم.. لذلك يموت جيل ليعطى فرصة لجيل آخر يعيش على الأرض ويأخذ مكانه في كل شيء...
والقديس بولس الرسول يقول في ذلك: "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جدا" (في23:1). (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) ولماذا أفضل جدًا؟ أنك أنت في الحياة الأرضية حبيس في هذا الجسد المادي. ولكن عندما تموت، تؤهل في القيامة أن يكون لك جسد روحاني سماوي عديم الفساد (1كو42:15-50). وهذا الجسد الروحاني تستطيع به أن تتمتع بما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو9:2).
أما إن بقيت في الجسد المادي، فستبقى تحت حكم المادة.
في الأكل، في الشرب، في المرض.. بل في العجز: إذ كلما طال بك العمر، تتعرض لأمراض الشيخوخة وللعجز حتى في ضروريات الحياة. وتحتاج إلى مَنْ يحملك، ومن يخدمك، ومن يتولى تمريضك..
إذن من الأفضل أن تموت..
آسف، لا أقصد أبدًا أن تموت الآن أطال الله لنا في عمرك: ولكن اعذرني إن قلت أنه مهما طال بك العمر، فلابد بعد ذلك أن تموت، فهذه هي "نهاية كل حي". وقد قال داود النبي في مزاميره: "عرفني يا رب نهايتي، ومقدار أيامي كم هي، فأعلم كيف أنا زائل.. إنما نفخة كل إنسان في جُعل، إنما كخيال يتمشى الإنسان" (مز5،4:39).
المرجع: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - أسئلة لاهوتيه و عقائديه "ب" - قداسة البابا شنودة الثالث
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rjvwy9p