سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
في عرضنا هذا لما يقوله كتاب القرآن، فليس هذا عن إيمان بالطبع -وإلا فلماذا بقينا في المسيحية!- ولكن إن حاولت أن أثبت لك إيماني فقط من كتبي -التي تنادي بتحريفها- فما الفائدة.. ولكني فقط أحدثك بلغتك! فكتاب الله واحد، ولا يتناقض عبر العصور فيأتي بما هو ضد ما قاله الله سابقًا، فالله واحد، هو هو، أمسًا، واليوم، وإلى الأبد.
واضح أن المطلوب هو إيراد أدلة على صدق الإيمان المسيحي.
وللإجابة نذكر:
1 لقد اعترف القرآن بكتابنا المقدس وأنه موحى به من الله وأنه هدى ونور للناس في قوله عن التوراة "قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ.. قُلِ اللَّهُ" (سورة الأنعام 91). وفي قوله عن الإنجيل "وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ" (سورة الحديد 27). وفي قوله عن التوراة والإنجيل معًا "وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ" (سورة آل عمران 3، 4). وعن سلامة كتابنا من التحريف في قوله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم" (سورة النساء 47). بل والإحالة إليه للتأييد والتدليل في قوله: "فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ" (سورة يونس 94). وعن حماية القرآن لكتابنا وحفظه من التحريف بقوله "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ" (سورة المائدة 48).
2 لقد اعترف بثالوثنا القدوس تفصيلًا؛ الله، وكلمته، وروح قدسه. وذلك في قوله "إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ" (سورة آل عمران 45). وفي قوله "وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ" (سورة البقرة 87). وهذا هو ثالوثنا؛ الله الذي نطلق عليه لفظ الآب أي المصدر أو العلة العاقلة للوجود، وكلمته التي نطلق عليها الابن لأنه مولود من العقل الأزلي، وروحه القدوس روح الحياة في الله ولكل الوجود.
3 لقد اعترف بإيماننا بألوهية المسيح في قوله "إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى" (سورة آل عمران 45). وفي قوله "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ" (سورة النساء 171). وهذا هو إيماننا الكامل بالمسيح أنه كلمة الله وجوهره روحي (روح منه) وأنه من السماء وليس من هذا العالم (كلمته ألقاها إلى مريم) وأنه مرسل من الله (ورسول منه).
4 لقد اعترف بسر تجسده في قوله "فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا" (سورة مريم 17). وفي قوله "إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ... وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا" (سورة مريم 19-21). وهذا هو إيماننا أن المسيح ولد بقدرة الله على خلاف الطبيعة بطريقة معجزية تفوق إدراك البشر.
5 لقد اعترف بموته وقيامته من الموت وصعوده إلى السماء. وذلك في قوله "السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (سورة مريم 33). وفي قوله "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" (سورة آل عمران 55). وهذا هو إيماننا بالمسيح أنه مات (يوم أموت) وأنه قام من الأموات (يوم أبعث حيًا) وأنه صعد إلى السماء (ورافعك إليَّ).
6 لقد اعترف بأن العذراء مريم التي ولدت المسيح هي فوق كل نساء العالم في قوله "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (سورة آل عمران 42). وهذا هو إيماننا في العذراء القديسة مريم أنها كأم المسيح فاقت كل نساء العالم في الكرامة.
7 لقد اعترف بأعمال المسيح الإلهية والتي تخص الله وحده وذلك في قوله عنه كخالق من الطين "أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ" (سورة آل عمران). وفي قوله عنه كشافي للأمراض ومقيمٍ للموتى "وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ" (سورة آل عمران 49). وفي قوله عنه كعالمٍ للغيب "وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (سورة آل عمران 49). وفي قوله إنه لا سلطان لإبليس عليه في قوله "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" (سورة آل عمران 36). ويؤكد معنى هذه الآية تفسير الرازي لوجاهة المسيح في الدنيا بقوله "سمعت رسول الله يقول ما من مولود من بني آدم إلا نخسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا مِنْ نَخْسِهِ إياه. إلا مريم وابنها".
وهذا هو إيماننا بالمسيح أنه به خُلِق كل شيء وأنه شفى المرضى وأقام الموتى وأنبأ بالغيب، وليس لإبليس سلطان عليه.
وتقوم في ظهور قوة عمل الله في الإيمان المسيحي فأعمال الله المحسوسة في وسط كنيسته أي جماعة المؤمنين به ليست مجرد برهان بل إنها منطلق لكثير من البراهين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وذلك لتعددها وتجددها كل يوم وكل ساعة، وتعلن بقوة اليقين صدق الإيمان المسيحي كما قال السيد المسيح لليهود الذين لم يؤمنوا به "إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيَّ وأنا فيه" (يو10: 37، 38). ومرة أخرى قال لهم "الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني" (يو 5: 36).
وقول المسيح هذا يشير إلى أن الذي يشهد له أن الآب أرسله من السماء هو أعماله. وذلك لأن الأعمال برهان حسي ظاهر منظور وملموس من الناس لكي يصدقوا ويؤمنوا، لأن "كل ما أظهر فهو نور" (أف 5: 13). ومن ثم لا يمكن إنكاره أو الشك فيه أو تكذيبه. هذا بطبيعة الحال عكس الكلام النظري الذي ليس له ضابط وليس له حدود في إلقاء المواعظ وصياغة العقائد والقيم. ومن الممكن أن يبنى صروحًا عالية على مسلَّمات كاذبة. فينبهر الناس بالصرح ويغيب عنهم البحث عن الأساس ليكتشفوا أو يتحققوا إن كان هذا الصرح قد بنى على حق أو على باطل.
لذلك ليس كلامنا عن إيماننا هو الذي يؤيده ويعطيه اليقين. وإنما قوة أعمال الله المحسوسة والمنظورة فيه هي التي تظهر يقينه كالشمس. ويمكننا استكمال براهيننا بتوضيح هذه الأعمال:
إن أقرب برهان إلى إدراكنا في مصر، وهو دليل ملموس لنا جميعًا على صحة الإيمان المسيحي وأنه ديانة إلهية هو حسب ما يقول به دارسو تاريخ مصر من عصر الرومان إلى يومنا هذا إنه معجزة بقائنا نحن ملايين الأقباط أحياء إلى اليوم ورعاية الله لنا بالرغم من عوامل الإبادة التي مررنا بها عبر العصور المتتالية سواء بالاستشهاد أو بالاضطهاد والإذلال أو بالنفي والسبي أو بالهجرة. كما يقول الدكتور مكرم سويحة في تحليله لكتاب (أقباط مصر) للدكتورة / بربارة واترسون ترجمة إبراهيم سلامة "عصورٌ مرت على مصر كانت سنواتها مليئة بالاضطهادات الدينية، قاسى فيها الأقباط أهوالًا عظيمة، تقشعر لها الأبدان ويشيب لها الولدان" (وطني 30/3/2003 ص15). فكيف لم نفن في وسط أجيال متعاقبة من سُلطات لا تطيق وجودنا بل تريد فناءنا؟ حقًا إنه أقوى دليل على حماية الله لنا وحفظه للإيمان المسيحي في مصر. كما يقول المزمور "لولا أن الرب كان معنا عندما قام الناس علينا لابتلعونا ونحن أحياء عند سخط غضبهم علينا. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. عوننا بِاسم الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز 123).
والمعجزة أننا لسنا فقط باقين أحياء ولكننا نعيش في كنف القدير محمولين على الأذرع الأبدية. ونستمتع بحنان الأحضان الأبوية. ملقين كل همنا عليه لأنه هو يعتني بنا. ويعظم انتصارنا به لأنه أحبنا. وعند كثرة همومنا في داخلنا تعزياته تلذذ نفوسنا.
ويندهش الكثيرون لصمود الإيمان المسيحي في مصر لعشرات القرون من السنين بالرغم من المقاومات المتواصلة التي عاناها عبر تلك القرون، ومن الهجوم المتواصل عليه بكافة الوسائل. وقد تنبه بعض الأذكياء إلى هذه الحقيقة فعكفوا على دراسة سر بقاء المسيحية في مصر إلى هذا الوقت رغم ارتداد عشرات الألوف منهم في عصور القهر والاستبداد وزادت همتهم ونشاطهم في الدراسة، وبدأوا يجتهدون في التعرف على الأنشطة الدينية التي يمارسها المسيحيون في كنائسهم وفي جمعياتهم وأدوات ثقافتهم وفي العادات والوسائل التي تربطهم بإيمانهم وخصوصًا في مراحل السن المبكرة. مما نتج عنه نهضة روحية ودينية.
إلا أنه من
جهة أولى من المفروض أن النهضة الروحية والدينية ينبغي أن يتمخض عنها سمو في الروح وفي الأخلاق فتزداد الفضيلة والحب والإخاء ونشر السلام بين البشر وبين أفراد المجتمع. وهذا هو التدين الصادق. ولا يصح أن تسفر النهضة عن زرع كراهية وقتل أو سفك دماء. لأنها تكون بذلك بعيدة عن روح الله الوديع والمحب حتى للخطاة الذين يريد توبتهم وليس هلاكهم. ومن جهة ثانية إن الوسائل الحسية والأنشطة الظاهرية في المسيحية كما في أي دين ما هي إلا مجرد عامل مساعد على الاندماج في ممارسة الحياة الدينية وشعائرها وطقوسها. أما الوشائج الأكثر فاعلية في الإيمان بالمسيح فتقوم في عاملين مستترين، أولهما: هو عمل الروح القدس في الإنسان بدءًا من قبوله الإيمان إلى تثبيته في الإيمان إلى فعالية وسائط النعمة في حياته. وثانيهما هو محبة الإنسان للمسيح القائمة على محبة المسيح السابقة له في بذل ذاته عنه لنجاته من الموت وإعطائه حياة أبدية. هذا هو سر قوة الإيمان بالمسيح وعدم التفريط فيه بل والشهادة من أجله حتى الدم.
إنه برهان عملي محسوس ومنظور على مستوى كل العالم على صحة الإيمان المسيحي ذلك هو شهادة الله له بظهور نور من قبر السيد المسيح في سبت النور لعيد القيامة كل عام، وإشعال الشموع منه وتوزيعها على كل الموجودين من مندوبي كنائس العالم. وهذا أمر ليس مخفيًا على أحد ومكشوف لكل العالم. وظهور النور من قبر بعينه دونًا عن سائر قبور البشر يدل على أن صاحب هذا القبر كائن سماوي. ولكن من البديهي أنه ليس هناك كائن سماوي يدفن في قبر إلا إذا كان قد لبس جسدًا ومات ثم دفن. ومَنْ هذا يا تُرى غير كلمة الله الذي نزل من السماء وتجسد من العذراء وذاق الموت على الصليب ودُفِنَ ثم قام من الموت وترك القبر فارغًا، وجعل بزوغ النور منه في تذكار قيامته كل عام برهانًا على قيامته حقًا من الموت؟ وبرهانًا على صدق رسالته!
إن الكفن الذي كان ملفوفًا فيه جسد المسيح. أجرى عليه فريق من الباحثين وهم نخبة من علماء العالم دراسة علمية بأحدث الأجهزة التكنولوجية، أثبتوا فيها أن هذا هو كفن المسيح الذي يحمل كل علامات آلامه وصلبه. والكفن حقيقة قائمة وموجودة ويعتبر شهادة محسوسة ومنظورة.
لا أحد ينكر حقيقة ظهور السيدة العذراء في مصر وفي أماكن متفرقة في أرجاء العالم المسيحي على مدى الأجيال المتعاقبة، ثم تكثيف ظهورها بجسمها النوراني على قباب الكنائس بجوار الصليب مرات عديدة في أماكن متفرقة من مصر في الفترة من أبريل 1968 إلى بداية عام 2001، واستمرار ظهورها يوميًا عدة ساعات من الليل مصحوبًا بظواهر سماوية من أنوار وسحب من البخور وحمام من نور. وكانت موضع رؤيةٍ ومشاهدةٍ من كل من يأتي ليراها من كل بقاع الأرض وخصوصًا من المصريين جميعًا الذين يقوم المشهد على أرضهم وفي سمائهم.
ثم تجدد ظهورها عام 2002 في أسيوط. ومن بين الأجانب الذين عاينوها كاتب أمريكي معاصر يُدعى بول بيري يُعِدُّ كتابًا عن "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر". كتبت عنه جريدة وطنى الأحد 18/8/2002 تحت عنوان "شهادة زائر أمريكي" قال "لقد أتيت إلى مصر. وفي يوم 4/4/2002 ذهبت إلى كنيسة القديس مرقس الرسول بأسيوط بمرافقة رجال الشرطة ووضعت الكاميرا فوق سيارة الشرطة المرافقة والتقطت صورة توضح سيلًا من أمواج برتقالية لنور غامض يغطى إحدى منارات الكنيسة. إن مصدر هذا النور بلا شك سماوي. وأريت الصورة لمرافقيَّ الذين قالوا إنهم شاهدوا العذراء في هذه الكنيسة. لقد التقطتها بعد غروب الشمس بزمن طويل. فليس هناك احتمال أن تكون هذه الموجات النورانية قادمة من الشمس. فهل تود العذراء أن تخبرني بشيءٍ ما تجاه هذه الظواهر الروحية وعلاقتها بدير العذراء وبرحلة العائلة المقدسة؟".
إن هذا الظهور للعذراء وغيره من الظهورات يحمل تعزية وتشجيعًا وتثبيتًا للإيمان باعتباره انكشافًا على العالم غير المنظور ورؤية للسماء بمن فيها. لأن ظهور العذراء في عالمنا هذا يشبه ظهور كائن لنا من كوكب آخر، حاملًا معه دليلًا على وجود حياة وكائنات مماثلة فوق ذلك الكوكب. فهل هناك أكثر من انكشاف السماء على الأرض بظهور العذراء يقينًا على صحة الإيمان المسيحي؟
فماذا يعمل المسيح مع شعب مصر بالذات لكي يعلن لهم ذاته ويقوى إيمانهم به أكثر من أنه يفتقدهم بين حين وآخر بإرسال أمه العذراء رسولًا عنه من السماء، تظهر على قباب الكنائس وتنحني أمام الصليب وتصنع كل خير مع جميع المصريين الذين يطلبونها بلجاجة دون تفرقة بينهم؟.
يذكر التاريخ معجزات كبرى تمت على مشهد من ولاة مصر على مر العصور نذكر منها على سبيل المثال: نقل الجبل المقطم في حكم المعز لدين الله الفاطمي، وفيضان النيل في عهد محمد علي باشا، والتأكد من ظهور النور من قبر المسيح في القدس أمام إبراهيم باشا بن محمد على باشا. ولربما رأى الله أن أسلوب مثل هذه المعجزات الكبرى التي كان يجريها في العصور السابقة لا ينفع للجيل المعاصر، إذ يمكن إنكاره كما يمكن التفنن في تفسيره بمختلف الأساليب التي تبعد عنه صفة المعجزة. لذلك استخدم الله أسلوب ظهور السيدة العذراء التي لو صوبوا إليها دانات أعظم مدافع العالم فسوف لا تصيبها بأذى وتظل تبهر بأنوارها عيون القلوب الجاحدة والعقول الرافضة.
ولعل واحدًا لا يستريح لهذه البراهين الدامغة لأنه لا يريد أن يصدق يقين إيماننا. فيسرح في غياهب الفكر ويشحذ أقوى الهمم وأشد العزائم ويظهر ذاته كأحكم فيلسوف وأنضج عالم لكي ينتهي أخيرًا إلى أتفه الكلمات لكي يهدم بها أدلة تنير عيني الأعمى. وذلك مثل الشخص الذي انبرى يتحدى العالم كله بكتاب يباع بأكشاك باعة الصحف وعلى أرصفة الشوارع يصف ظهور العذراء في الزيتون بأنه خرافة، هذا الظهور الذي شاهده ألوف البشر من جميع أنحاء العالم. ويا تُرى ما هو موقف هذا الشخص عندما أرادت السماء تكذيب ادعاءاته بظهورات للعذراء متتالية وفي أماكن متفرقة في مصر بعد ظهور الزيتون؟
وبالمناسبة نذكر ما جاء في جريدة وطني الأحد 28/7/2002 في مقال عن وضع الأقباط قبل وبعد ثورة 23 يوليو تحت جزئية إيجابيات يتذكرها الأقباط لعبد الناصر:
بند رقم 8- زيارة عبد الناصر لمشاهدة ظهور العذراء بالزيتون وبعد التأكد من رؤيتها أصدر الاتحاد الاشتراكي بيانًا يؤكد هذا الظهور.
ونذكر أيضًا ما جاء بنفس الجريدة الأحد 16/6/2002 بقلم لواء متقاعد / وجيه توفيق في ركن "بريد وطني" تحت عنوان "ادعاء سفير سابق" وهذا نصه (جاء في برنامج الحلقات السرية للثورة المصرية الذي يعده ويقدمه الأستاذ طارق حبيب في قناة "دريم" مساء السبت 18/5/2002 على لسان السفير السابق حسين أحمد أمين بأن ظهورات السيدة العذراء القديسة مريم عام 1968 كانت بمعرفة أفراد متخصصين في الليزر. ولم تكن ظهورات حقيقية وذلك لإلهاء الشعب عن هزيمة يونيو 1967 وإن كان الأستاذ طارق للأسف لم يعلق على هذا الادعاء فإني أبادر بتوضيح الآتي:
بظهور السيدة القديسة العذراء مريم بكنيستها في الزيتون اعتبارًا من 2 أبريل 1968 حدثت معجزات كثيرة مع الإخوة المسلمين والمسيحيين مدونة ومسجلة بمعرفتهم.
شاهد هذه الظهورات كما هو معروف الرئيس الراحل عبد الناصر وكثير من أعضاء مجلس الوزراء وقتئذ.
بعد زيارة الرئيس جمال عبد الناصر صَدَّق على تخصيص الأرض المواجهة لكنيسة القديسة العذراء مريم بالزيتون والتي كانت جراجًا لهيئة النقل العام لتقام عليها كاتدرائية للقديسة العذراء. وهذا ما تم فعلًا.
شاهد هذه الظهورات أعداد غفيرة من الشعب بجميع فئاته ومراسلو الصحف والإذاعة والتليفزيون من جميع أنحاء العالم. ولا يعقل أنه تم تضليل كل هؤلاء. ولم يحدث أن زعم أحدهم أن هذا الظهور غير حقيقي.
لم يكن في ذلك الوقت من عام 1968 قد ظهر استخدام الليزر في مصر. وبالمناسبة نريد شاكرين للسيد السفير حسين أحمد أمين تكليف شقيقه المتخصص في علوم الليزر بعد 35 عامًا من التقدم في استخدامه أن يُظهر لنا السيدة العذراء في المكان والزمان الذي يحددهما). انتهى.
ألا تكفى كل هذه البراهين لتكذيب الذين يكذبون حقيقة ظهور العذراء؟ إنه أمر يدعو إلى العجب أن يُكَذِّب إنسان ما سجلته الصحف والمجلات القومية وما اعترفت به الهيئات الرسمية عن ظهورات السيدة العذراء. إن ظهورات العذراء لو لم تكن حقيقية لقامت وسائل الإعلام بتكذيبها. بل ولَمَا سكتت الحكومة عن توجيه الاتهام إلى أقباط مصر بالتضليل والادعاء الكاذب.
فهل هؤلاء المنكرون لا يخافون الله. وهل تعصبهم يدفعهم إلى تحدى الله وطمس شهادته للإيمان المسيحي؟
إن من يعرف أكثر يُدان أكثر. وقد أظهر المسيح معرفته للمصريين أكثر من أي شعب آخر وأعلن لهم ذاته رؤيا العين بنزول أمه العذراء من السماء وظهورها على مرأى من الجميع. لذلك فإن الله شاهد عليهم على هذه المعرفة.
وإن كُممت أفواه جميع أقباط مصر فإن السماء لا تفتأ أن تتكلم. والمسيح لا يتوانى عن أن يعلن ذاته. والله لا يتأخر عن أن يشهد لأقباطه بأن إلههم حي، وإن كان ساكنًا في السماء ولكنه يرعاهم بعين عنايته على الأرض.
إننا لا نطالب أحدًا بالإيمان بعقيدتنا لأننا نعلم الحكمة من هذه الظهورات وهذه الأدلة المحسوسة لإيماننا وأنها تخصنا نحن أكثر من غيرنا. ولأن الذين لا يريدون أن يؤمنوا سوف لا يؤمنون حسب قول المسيح له المجد إنه حتى لو قام واحد من الأموات فإنهم لا يصدقون (لو16: 31). ولكن ما نريده فقط هو أن نؤكد للعالم أننا نثق في إيماننا أكثر من ثقتنا بأنفسنا قائلين مع القديس بولس "إنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رو 8: 37-39).
من البراهين القوية على صدق المسيحية تطلع كثير من الشعوب وأصحاب الديانات إلى اقتفاء أثر روحانياتها وفضائلها وأساليب عباداتها وتشريعات أحوالها الشخصية وأنشطتها الاجتماعية وطقوس أفراحها وأحزانها وحياتها الجمالية من رسم ونحت وتصوير وموسيقى وألحان وعمارة وزخرفة وبهذا التطلع بدأت بعض الديانات تلبس ثوب المسيحية الكاملة وهذا كله تمهيدٌ لانضمامهم لحظيرة الإيمان بالمسيح تحقيقًا لما تنبأ به في قوله "لي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتى بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد" (يو10: 16). وليس غريبًا تحقيق هذه النبوة لأن المسيح أكدها في قوله "إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات" (مت8: 11). وبرجوع كثيرين للإيمان بالمسيح يحل السلام في العالم كما رنمت الملائكة يوم ميلاده "وعلى الأرض السلام" (لو2: 14). وهكذا أيضًا عند مجيئه الثاني للدينونة. وسيتم هذا بعد أن تنتهي كل قوى الشر المعادية للسلام ولابد أن تنتهي. وإن كان من المسلمات الإيمانية أن من الله البداية وإليه تكون النهاية. فإن كان قد بدأ العالم بكلمته فلابد أن ينهيه بكلمته أيضًا. وإن كان المسيح هو كلمة الله الذي بُدِئَ به العالم فلابد أن ينتهي به العالم أيضًا كما قال له المجد "أنا هو الألف والياء البداية والنهاية الأول والآخر" (رؤ22: 13). أي أن ينتهي العالم بسيادة الإيمان به على الأرض. ولعل الله يوجه دفة تاريخ العالم لكي يؤول إلى هذه النهاية.
المرجع: كتاب سؤال و جواب - القمص صليب حكيم (تم إضافة أرقام السور القرآنية من قبل موقع الأنبا تكلا هيمانوت).
سؤال: لماذا لا تؤمنون بالإسلام
تحليل كتاب "أقباط مصر" للدكتورة بربارة واترسون - ترجمة إبراهيم سلامة. قام بالتحليل د. مكرم سويحة (ونشر في جريدة وطني بتاريخ 30/3/2003).
موقع زيتون عن ظهورات السيدة العذراء
قسم الفيديو: أفلام عن ظهور السيدة العذراء في مصر
سؤال حول كيفية الاستفادة من موقع الأنبا تكلا للزائر المسلم العزيز
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3wk58r9