سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة عن الشباب والأسرة
أولًا(*)، نقدر شجاعتِك وصراحتِك في طرح السؤال.. فنحن نعلم أن الحديث في مثل هذه الموضوعات مع آخرين أمر غير هيِّن.
فترة الخطوبة هي فترة دراسة، يدرس فيها كل طرف مدى صلاحية الطرف الآخر له، ومدى صلاحيته لهذا الطرف.. ويجب أن يكون هناك نشاط روحي مشترك بينكما..
يقول كتاب الله: "وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ.. فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ.. لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ. لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ. فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 3-7). ويقول أيضًا: "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 18).
والله يدعونا للقداسة بكل صورها.. "لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ.. لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 4: 3-7). وإن كان الشخص يقول أن باقي الممارسات الجنسية غير خاطئة مادامت ليست زنىً كاملًا، أفلا تُحسَب هذه نجاسة، أو عهارة؟! وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. يقول الكتاب في ذلك أيضًا: "وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ.. وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 19-21).
أما بالنسبة لمشكلتك.. فهناك أكثر من جانب..
أولًا، لم توضحين ما يطلبه الخطيب بصورة أكثر وضوحًا.. فقد يكون الأمر مثلًا هو التقبيل على الوجنتين كما يفعل الجميع عند السلام بصورة عادية، أو مسك الأيدي وغيره.. إلخ. وترين أنتِ أن هذه "أمورًا جنسية"..!
أما إن كان الموضوع يتطرق لأمور أخرى.. نضع النقيض تمامًا، وهو ممارسة علاقة جنسية كاملة قبل الزواج.. وهذا يُعتبر زنى.. وقد تحدثنا عن موضوع الزنى هذا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى، لذا لن نتعرض له هنا بالتفصيل، حيث أنه في الأغلب خارج عن نطاق السؤال..
نعود الآن للاحتمالات الأقرب إلى سؤالك.. فتخيلي معي، إن كنتم على وشك الانفصال بسبب رفضك لتلك الأمور، فماذا لو قبلتيها وحدث انفصال لأسباب أخرى لاحقًا.. فماذا يكون وضعك؟!
وكيف ترين نفسك لاحقًا؟! أو كيف تنظرين إليها؟!
وتعيشين في قلق وخوف من أن يفتضح أمر هذه الممارسات، حتى وإن كانت ممارسات أبسط من موضوع ممارسة الجنس كاملًا..
وما الذي أدراكِ أن يقوم هذا الشخص بالاحتفاظ بالأمر لنفسه لاحقًا بعد الانفصال؟! وتخسرين سمعتك أمام نفسك، وأمام عائلتك، وأمام المجتمع، وأمام مَنْ قد يتقدم لكِ لاحقًا..
هذا بخلاف أنكِ ستخسرين احترامه لكِ، إن قبلتي أمثال تلك الأفعال..
وترجع الحلقة المُفرغة التي قد تؤدي به إلى فسخ الخطوبة بالفعل..
لأنه ما أدراه، إن كنتِ قد قبلتي هذه الممارسات معه، فما المانع أن تكونين قد قبلتيها مع غيره سابقًا!
أو يفكر أنكِ قد تقبليها مع غيره لاحقًا!!
إن كان الكتاب يقول في أحد المواضع "حَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 1)، فكيف يكون ممارسة بعض الأفعال الجنسية البسيطة قبل الزواج يُعَد مقبولًا؟!
إن وصل به الأمر لدرجة فسخ الخطوبة بسبب هذا الموضوع، فقد يكون هذا شخص غير مناسب لكِ.. لأنه إن كان يحبك محبة حقيقية، سيحترمك ويحترم إرادتك، بل وبالأكثر سيحافظ هو عليكِ بالأولى، ليس بأن يجرك في ممارسات غير مقبولة اجتماعيًا ولا دينيًا..
وتحدثي معه بصراحة حول هذه الأمور، واخبريه أنكِ لن تقبلين هذا أبدًا، وينبغي عليكَ أنت أن تشجعني على هذا، لا أن تجرني إليه!
وإن قال لكِ معظم المخطوبين يفعلون هذا، قولي له حتى وإن كانوا كلهم، فأنا لا أقبل هذا.. وتربيتي لا تقبل هذا.. وإلهي لا يقبل هذا.. هل ستقبل هذا على شقيقتك؟ أم على ابنتنا في المستقبل؟!
ولاحظي أنه يجب على الطرفان أن يكونا في مستوى روحي متقارب، أو على الأقل أحدهما يرفع الآخر بقبوله، حتى لا تحدث خلافات بعد الزواج.. لا نتحدث من الناحية الروحية فقط، بل ينبغي أن يكون هناك وسيلة للتفاهم بخلاف وسيلة "يا كده يا بلاش" هذه.. فإن كانت تحدث الآن في هذا الموضوع، ماذا سيحدث لاحقًا في أمور أخرى، قد تتعلق بمستقبل حياتكم وبمستقبل الأبناء..
وإن كان لا يقبل التزامك الديني هذا، فهل هو بمستوى أن يقبل رؤيتك في الصلاة، أو في التزامك الديني في الخدمة أو الحياة الروحية عامة؟! أم يكون متهاونًا كذلك في هذا؟! وإن كان هذا هو الحال.. فكيف ستكون تربية الأبناء بطريقتك وبطريقته، وبأي أسلوب سيتأثرون..
وإن كان لا يستطيع تحمل هذه الفترة البسيطة، فما هو الحال عند الامتناع عن الجنس نفسه في جميع فترات الصوم بعد الزواج؟!
هذا التوافق الذي أتحدث عنه ينبغي العمل على بناءه في هذه الفترة، وإن لم يصلح، فيجب إعادة التفكير في مدى مناسبة كل طرف للآخر.. لئلا تحدث مشاكل بعد الزواج..
نصيحتي لكِ يا أختي العزيزة أن ترتبطين أنتِ وخطيبك أكثر في المجال الروحي، من زيارات الكنائس والأديرة والرحلات الدينية وغيره..
مع وضع موعد محدد للزواج (إن كان هناك اتفاق عام في باقي الأمور)، حتى يكون هناك اطمئنان من طرف الخطيب وشعور بقرب موعد الزواج..
هناك أيضًا الآن في كنائس عدة دورات للمرتبطين والمتزوجين حديثًا، لماذا لا تشتركون في أحدها لتستفيدا؟!
إن كان لكم أب اعتراف واحد أو مرشد روحي واحد، سيكون من المناسب كذلك التحدث معه في ذلك الأمر، بتلميح بسيط ليعرف الأمر، وهو سيساعدكم كذلك على تخطي هذه النقطة، لتقوما معًا ببناء حياة مقدسة روحية، تتحدان فيها بسر الزواج المقدس..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7f7cdgh