تسيدت أوروبا في عصورها القديمة نهايتها وعصورها الوسطي على المشرق كله تقريبًا في ذلك الوقت، وكانت سيادتها سياسية وإدارية، إلا أن المشرق كانت له الباع الطولي في نشر سيادته الروحية والدينية على أوروبا.
فمن الشرق خرج الدين والروحانية لينشر في العالم القديم ومنه جنوب أوروبا مكان الإمبراطورية الرومانية، وبتوالي الزمن ظهرت تأثر مناطق بعينها من الشرق على الإمبراطورية، وكان من هذه المآثر أفعال ما تزال واضحة ومعترف بها هناك إلى اليوم.
وعندما نتناول موضوع انتشار المسيحية في أوروبا بدءًا ببلاد الإمبراطورية الرومانية، إنما يجب أن نوضح مآثر مصر وفضلها على أوروبا كلها – وليس فقط على الإمبراطورية الرومانية في هذا المجال.
فقد كان لمصر بالذات فضل السبق في تعريف الأوروبيين بالدين المسيحي، بل وبنظمه وطقوسه، حتى وشاركت مصر في إدخال شيء من التحضر على الأقوام المتخلفة هناك لتخرجها من ظلمات الجهل والوحشية إلى نور الإيمان والحضارة الإنسانية.
فمصر التي لم تكن سوي ولاية الفتح الرومانية، إلا أنها أخذت على عاتقها احتضان العلم والدين والحضارة التي ورثتها عن آلاف السنين لتقدمهم لقاء لا شيء إلى كل من كان يطلبها، بل واستغلت الاضطهاد والطبقة العظيمة التي مرت بها بسببه لتعطي بسخاء هؤلاء المضطهدين، إيمانا وحبا وسماحة وحضارة.
"أنتم أردتم بي شرًا أما الله فقد أراد بي خيرًا".
هكذا كانت مصر في قرونها الأولى بالنسبة لأوروبا وغطرستها في القرون الأولى،
- حدث أيام الإمبراطور دقلديانوس وشريكة مكسيميانوس، واللذان اتخذا القتل أسلوبا لعلاقاتهما أن كانا يجندان من شعوبهما جيوشًا وكتائب لتكون قريبة من أماكن الاضطهاد، إلا أنه حدث أن تمرد أهالي غاليا (فرنسا) على الإمبراطور مكسيميانوس ولم يستطع أن يقمع ثورتهم، فاستعان بزميله دقلديانوس، الذي استعان بدوره كان قد شكلها من أبناء صعيد مصر الذين كانوا يتميزون بالشجاعة وقوة الأبدان وكانت تسمي باسم البلدة التي منها كان هؤلاء الأبطال وهي (طيبة) الأقصر الآن، وكان على رأسهم شاب مسيحي شجاع قلبه متوقد بالأيمان هو "موريس" أمر الإمبراطور هذه الكنيسة بأن تتوجه إلى غاليا وتنقسم قسمين، الأول يتجه إلى حدود غاليا ويرابط هناك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). بينما يتوجه الثاني إلى الحدود الشمالية الشرقية (سويسرا الآن) ولما كان من عادة الإمبراطور ليلة الحرب أن يسجد مصليًا للأوثان ويقدم البخور لها، طلب إلي الكنيسة أن تكون معه في هذه الصلاة، ولكن لأنهم كانوا مسيحيين رفضوا هذا الشرف الباهت، وبذلك يكونون رافضين لأوامر الإمبراطور وبتكرار هذا الطلب منهم وبتكرار هذه المأساة وسقوط العشرات قتلي وشهداء لم يتركوا مبادئهم ولم يطيعوه، وظل كذلك حتى أفناهم وكان أخرهم موريس الشاب القبطي الصعيدي الذي اظهر شجاعة وقوة أيمان، خاف منها الإمبراطور نفسه.
ولذلك تأسست باسمه في هذه المنطقة (سويسرا) كنائس وبلاد وبحيرات للان وبعد أن خصبت الأرض بدماء المصريين الشهداء على مرأى ومسمع من الأوربيين الوثنيين دخل الإيمان قلوبهم، حيث كان ملحقًا بهذه الكنيسة كتيبة من البنات كممرضات، نال بعض منهم الاستشهاد وطرد الباقيات في الجبال والأحراش يلقين مصيرهن على يد الوحوش والقبائل المتوحشة هناك، ولكن الله كان معهن، فانتشرن بين هؤلاء الأهالي الوثنيين المتوحشين ينشرون الدين الذي رأوا الشهداء يتساقطون من اجله، كما علموهم النظافة من استحمام وتصفيف للشعر وتجهيز للطعام وكانت على رأسهن (القديسة فيرنيا) حيث بدأت من منطقة الحدود البلجيكية الفرنسية الآن واستقرت في سويسرا، وظلت هؤلاء الفتيات المصريات يعملن بنشر الروح والحضارة حتى توفين جميعًا، وأقيمت لهن كنائس هناك، بل وظلت صورة فيرنيا عالقة بأذهان السويسريين إلى اليوم حيث أقاموا تمثالًا موجودًا في حديقة السفارة بالقاهرة.
- كذلك أنه أثناء نفي القديس أثناسيوس الرسولي في النصف الثاني من القرن الرابع هو وبعض أبنائه من الرهبان والقسوس تركهم يبشرون في شمال فرنسا ثم واصلوا إلى إنجلترا حيث أسسوا هناك كنيسة (كنيسة الصحراء) مازالت موجودة للآن، ومنهم عرف أهل تلك البلاد المسيحية والرهبنة.
6- الإمبراطورية الرومانية والرهبنة المصرية |
تاريخ كنيسة الغرب د. يواقيم رزق مرقص |
4- النزاع بين كرسي القسطنطينية وكرسي روما |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/25y8jdx