بناءً على ما سبق، عقد البابا كليستين مجمعًا في روما (430 م.) تقرر فيه تأكيد لقب العذراء "والدة الإله" وأعلن فيه أن نسطور هو هرطوقي[1]. وأرسل البابا كليستين إلى البابا كيرلس السكندري تفويضًا في إصدار حكم علني ضد نسطور إذا استمر كما هو.
ونص هذا الخطاب:
"كليستينوس إلى الأخ المحبوب كيرلس
1- كانت الوثائق التي أرسلتها قداستكم بواسطة ابننا بوسيدونيوس الشماس، هي سبب فرح لنا في حزننا، فتبدل حزننا إلى سرور. فبينما نحن ننظر ونفكر في ما قاله ذاك الذي يحاول أن يزعج الكنيسة في القسطنطينية بعظاته المنحرفة، فقد غمر نفسنا ألم ليس بقليل. لقد تأذينا من أشواك أفكار مختلفة، وكنا نفكر مليًا في طريقة نساعد بها في المحافظة على الإيمان. ولكن حينما حولنا انتباهنا إلى كتابات إخوّتكم، ظهر لنا في الحال علاج مُعَد تمامًا بواسطته يمكن أن يطرد المرض المهلك تمامًا بعلاج صحي. أنا أعنى فيض الينبوع النقي الذي يفيض من رسالة محبتكم التي بها تتنقى كل قذارة الينبوع الجاري الرديء، فينفتح للكل طريق للفهم الصحيح لإيماننا.
2- ولذلك فكما أننا نختمه بسمة ونلومه، هكذا أيضًا في محبة الرب نعانق قداستكم كما لو كنت حاضرًا في كتابتك، إذ نرى أن لنا نفس الفكر الواحد عن الرب. وليس عجيبًا أن أسقف الرب الحكيم جدًا يحارب من أجل محبة الإيمان بمثل هذه الشجاعة، حتى أنه يقاوم جسارة الأعداء فوق العادية، ويشدد أولئك الذين أؤتمن عليهم بمثل هذه التحذيرات. وكما أن الأولين هم مرارة لنا، فكذا فالأخيرين هم حلاوة لنا، وكما أن أولئك غير أنقياء، هكذا هؤلاء هم أنقياء. ونحن نفرح إذ نرى أن مثل هذه اليقظة ممثلة في تقواكم حتى أنكم تفوقتم على أسلافكم، الذين كانوا دائمًا مدافعين عن التعليم المستقيم. وحقًا تنطبق عليك جدًا الشهادة الإنجيلية التي تقول أن "الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف". فكما أنك راع صالح، هكذا هو ليس مستحقًا حتى أن يدان كأجير رديء، ويتهم لا لأنه ترك خرافه الخاصة فحسب بل لأنه اكتشف وهو يقطعها إربًا.
3- أيها الأخ الحبيب، لقد كنا مزمعين أن نضيف بعض التفاصيل أيضًا، لو لم نكن قد رأينا أن أفكارك تتفق تمامًا مع أفكارنا، ونحن نصدق على أنك أقوى مدافع لتثبيت الإيمان. فكل شيء كتبته قداستكم بخصوص هذا الأمر قد سلِّم إلينا بالترتيب بواسطة ابننا بوسيدونيوس الشماس. لقد أفضحت كل فخاخ التعليم الغادر، وقويت الإيمان حتى أن قلب أولئك المؤمنين بالمسيح إلهنا لا يمكن أن ينجذب إلى الجانب الآخر. وهذا يعتبر انتصار عظيم لإيماننا لنعلن عقيدتنا بقوة، وبذلك نهزم التعاليم المضادة، بواسطة شهادة الكتب الإلهية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ما الذي يمكنه (نسطور) تحقيقه بعد ذلك؟ وإلى أين سيتجه هو نفسه، هذا الذي بكونه صار محبًا للابتداع الكفري، حيث أنه رغب أن يخدم نفسه بأفكاره الخاصة بدلًا من أن يخدم المسيح، كان يرغب في أن يؤذى الشعب الذي أؤتمن عليه، بسُم عظاته الخاصة؟ أنه من الضروري أن نفهم هذا بوضوح وأن نتذكر أنه ينبغي للواحد أن يهرب بدلًا من أن يسعى وراء تساؤلات غبية لا تساعد على تقدم صحة النفوس بل تؤدى إلى هلاكها.
4- ومع ذلك، إن كنا نستطيع، ينبغي أن نحمل ونستعيد ذاك الذي يسرع نحو الجرف أو هو بالحري على الجرف ذاته ومنه سيسقط، لئلا نعجل بسقوطه بعدم إنقاذنا إياه. والمسيح إلهنا الذي تثار أسئلة حول ولادته، علَّمنا أن نجاهد من أجل خروف واحد، راغبًا أن يضعه حتى على منكبيه لئلا يتعرض للذئب كفريسة، وأيضًا فالذي علّمنا أن نتحرك سريعًا لإنقاذ خروف واحد، كيف يريدنا أن نبذل جهدًا لأجل راعى الخراف نفسه (يقصد نسطور أسقف القسطنطينية)، الذي إذ قد نسى الاسم نفسه ورسالة الراعي، حوَّل نفسه إلى ذئب مفترس، راغبًا في أن يهلك القطيع الذي كان ينبغي عليه هو نفسه أن يحافظ عليه؟ يجب أن تبعد هذا الراعي من حظيرة الحملان إذا لم يمكننا إصلاحه كما نريد. إنها رغبتنا أن يكون هناك بعد رجاء للغفران لمن يتم إصلاحه؛ لكي يعود ويحيا، إن لم يكن سيحطم حياة أولئك الذين أؤتمن عليهم.
5- ولكن ينبغي أن تكون هناك محاكمة علنية ضده إذا استمر على ما هو عليه، لأن مثل هذا الجرح ينبغي أن يقطع، وهو الذي بواسطته ليس عضو واحد فقط يؤذى ولكنه ينخر في جسم الكنيسة كله. لأنه ماذا يفعل وسط أولئك الذين يتفقون بعضهم مع بعض، ذلك الذي يختلف عن إيماننا ويبدو متفقًا مع نفسه فقط؟ لذلك فالذين قطعهم من الشركة بسبب أنهم تكلموا ضده، دعهم يشتركون في شركتنا. ودعه يعرف أنه لا يستطيع أن يشترك في شركتنا إن ظل في هذا الطريق المنحرف بمعارضته للتعليم الرسولي.
6- وبناءً على ذلك، حيث إن التعليم الأصيل لكرسينا هو في اتفاق معكم، فتمم هذا القرار بحسم دقيق مستخدمًا خلافتنا الرسولية. وفي خلال عشرة أيام ابتداءً من يوم هذا التذكير، ينبغي عليه إما أن ينقض عظاته الرديئة باعتراف مكتوب ويؤكد بقوة أنه هو نفسه يعتنق الإيمان بخصوص ميلاد المسيح إلهنا، الذي تعتنقه كنيسة روما وكنيسة قداستكم كما يعتنقه الأتقياء في كل العالم، وإذا لم يفعل هذا، فقداستكم، بسبب عنايتكم بتلك الكنسية، تعلم في الحال أنه يجب أن يُبعد من جسمنا بكل طريقة، وهو الذي لا يرغب أن يقبل الشفاء من أولئك الذين يعالجونه وهو يبعد كوباء رديء يؤدى إلى هلاكه وهلاك أولئك الذين أؤتمن عليهم.
7- وكتبنا هذا نفسه إلى إخوتنا القديسين وزملائنا الأساقفة، يوحنا (أنطاكيا)، وروفس (تسالونيكي) ، ويوفينايوس (أورشليم)، وفلافيانوس (فيلبي)، لكي يكون حكمنا بخصوصه - أو بالحري حكم المسيح الإلهي ظاهرًا." ([1])
[1]Cf. Migne, J. P., Ellhnikh Patrologia (Patrologia Graeca), Vol. 77, Kentron Paterikwn Ekdosewn, Aqenai 1994, Letter XII, Pope St. Celestine Letter to St. Cyril, p. 93. English: The Fathers of the Church, vol. 76, C.U.A. Press, Washington D.C 1978, p. 69, 70.
[1] C.J. Hefele, A History of the Councils of the Church, Vol III, p. 25 , AMS Press 1972, reprinted from the edition of 1883 Edinburgh
45- مجمع الإسكندرية 430 م |
المجامع المسكونية المطران الأنبا بيشوي |
تفاصيل الصراع بين كيرلس ونسطور |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qys6hjq