ولقد عبر الآباء عن نزول الرب نفسه إلى ماء نهر الأردن ودلالته غسل خطايا البشر فقالوا:
1- القديس أمبروسيوس يقول: اغتسل المسيح لأجلنا وبالحري غسلنا نحن في جسده لذلك لاق بنا أن نسرع لغسل خطايانا لقد طهر المياه الذي لم يعرف خطية لأن له سلطان على التطهير لذلك كل من يدفن في الماء يترك خطاياه.
2- أما القديس غريغوريوس النزينزي فقال: لقد اعتمد الرب والروح يشهد له فذهب ليجرب والروح يقوده أنه يصنع المعجزات والروح يرافقها... ولقد صعد إلى السماء وحل الروح محله كمفدي للكنيسة... وهكذا نرى أن الماء كان ضرورة لاستعلان الرب المخلص...
والآن فان الماء في المعمودية يتمم سرًا هامًا كما جاء في الآيات الآتية:
الولادة من فوق: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يعاين ملكوت السموات" (يو 3: 15).
نوال الخلاص من الخطية وغفرانها: "الذي بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" وكذلك قال الرسل "طوبى ليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا فتنالوا عطية الروح القدس" (أع 2: 37، 38).
بها نلبس الرب يسوع المسيح كما جاء في (غلا 3: 27) لأن كلكم اللذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح.
بها ننال التطهير الكامل والبر والقداسة لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن ولا شيئًا مثل ذلك... (أف 5: 25)
بها ندفن مع المسيح ونموت معه ونقوم: "أم تجهلون أننا كل من اعتمد لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت" (رو6: 3،4) ثم يكمل عن القيامة فيقول: "لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبة موته نصير أيضًا بقيامته فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن إننا سنحيا أيضًا معه"(رو6: 5، 8)
بها نغسل خطايانا تمامًا: كما قال القديس حنانيا لشاول الطرسوسي الذي صار بولس الرسول: "لماذا تتوانى أيها الأخ شاول قم اعتمد واغسل خطاياك" (أع 22: 16).
(+) ولكن ماذا عن خادم هذا الحدث العظيم؟
إن القديس يوحنا المعمدان هو خادم أحداث هذا اليوم يعد الطريق بالمناداة بالتوبة: أنا صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة... كل من يأتي يعترف بخطاياه حتى جاء حمل الله ليعتمد فيحمل كل هذه الخطايا وتنفتح السماء لكي يحل الروح القدس ويعلن الآب قبول هذه الذبيحة المقدمة عن خطايا العالم كله تمهيدًا لأحداث الصليب والفداء فيما بعد لذلك قال يوحنا: "الذي أرسلني لأعمد قال لي ترى الروح نازلًا ومستقرًّا عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 33 - 34).
شاهد حقيقي لله أعلن عن نفسه وعن رسالته أنه ليس المسيح ولا إيليا ولا النبي وكان من الممكن أن يأخذ مجدًا من وراء ذلك لكنة بحث عن المجد الحقيقي فصار عظيمًا بشهادة الله وملاكه واستحق أن يعمد السيد المسيح ويصفه الرب أنه أعظم من ولدته النساء، وأعظم من نبي وملاك يعد الطريق. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولقد عاش كاملًا رغم شرور الجيل حتى القادة مثل (الكتبة والفريسيين وثوداس ويهوذا الجليلي و..." وكان بركة لجيله كله لأنه كان ينمو ويتقوى بالروح (لو 1: 15)... وعاش ناسِكًا زاهدا في العالم.
وعاش جريئا في الحق ومتضعًا حرًا من كل شهوات العالم وفي النهاية نال إكليل الشهادة وكان يركز على جوهر التوبة في المناداة بثمار التوبة الحقيقية... وهو الوحيد الذي قال "ينبغي أن ذاك يزيد وإني أنا انقص"، لذلك اظهر عظمة الله وخدامة حتى في أحقر الأعمال (حل سيور حذائه)...إذ قال "لست مستحقًا أن أحل سيور حذائه".
كان أمينًا على العروس وسلمها للعريس أما هو فكان صديق العريس فقط خدم بأمانة... لذلك أعظم رسالة تسلمها يوحنا من الله...
أعلن ابن الله متحدا بالناسوت: فعلى يديه أعلن الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17) وهذا هو دور الرب يسوع وكنيسته أن يصير كل منا (ابن حبيب للآب يسر به)... هكذا يتصور المسيح فينا... وحينئذ قد تطال الله بحق البنوة ولا تقوم بواجب البنوة وعلاقة البنوة هي الطاعة لله... الابن يشير أباه ولا يدعى البنوة كاليهود الذين افتخروا أنهم أبناء إبراهيم ولم يسلكوا كأولاد إبراهيم.
المولود من الله لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله (1 يو 3: 9) كل من ولد من الله لا يخطئ بل المولود من الله يحفظ نفسه والشرير لا يمسه... (1يو 5: 18) "من ولد من الله يغلب العالم" (1 يو 5: 4) الغالبون الذين يرفعهم في موكب نصرته...
هناك ابن يكون عارًا لأبيه وخزيًا لأمه مثل عيسو الذي صار مرارة قلب لإسحق ورفقة وأبشالوم. ومثل كل ابن حينما يأكل من خرنوب الخنازير ويقول لست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا. الذين ينقادون بروح الله هؤلاء هم أبناء الله... يطيعون الله حتى الموت "كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة".
لا يقود الشيطان ولا تقوده شهواته ولا العالم ولا الجسد بل يفعل مشيئة الآب السماوي البعض يقول عنهم "ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا عليَّ"...
وهناك أبناء يقول عنهم الله (هذا هو أبني الحبيب الذي سررت به) مثل القديس أنبا بيشوي وكل القديسين يكونون رائحة سرور... الخطاة عبيد للخطية بينما الأحرار عبيد لله بل أبناء وسبب سرور له فأولاد الله يقدمون حياة نقيه يشتمها الله كرائحة سرور...
أورشليم بكى عليها المسيح له المجد وكانت سبب حزن لله أما لعازر وأسرته كانت سبب سرور له ويوحنا الحبيب والمريمات.
المقياس الحقيقي للحياة مع المسيح والفوز بالملكوت هو هذه العبارة "ابني الحبيب الذي به سررت". لذلك قال الرب للرسل "لا تفرحوا بهذا بل افرحوا بالحري أن أسمائكم كتبت في سفر الحياة" (لو 10: 20).
من سيشير إليه الرب يسوع "هذا هو ابني الحبيب به سررت" في اليوم الأخير؟! هذا سؤال مهم هؤلاء هم الأبرار...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pv57rk2