في صلوات القداس الإلهي نتكلم بوضوح عن ملكوت الله نقول: اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قداساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا لكي يكون لنا نصيبًا وميراثًا مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء.
وأيضًا الجزء الذي نقول فيه: ففيما نحن أيضًا نصنع ذكرى آلامه المقدسة وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب. وظهوره الثاني المخوف المملوء مجدًا. والظهر الثاني هو يوم القيامة (تحقيق ملكوت الله).
ثم في آخر القداس يقول الكاهن: لأنه ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله... وهو حامل الصينية يقول: هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار الذين في كنيستك المقدسة (أعلنه لنا كيف؟؟ أعلنه لنا عن طريق التناول "الافخارستيا") والكاهن يردد هذا الكلام نيابة عن الشعب كله وهو يحمل الصينية على رأسه ويقول: فمنا امتلأ فرحًا ولساننا تهليلًا لأن ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن... هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار الذين لكنيستك المقدسة... ما أعددته يا الله لمحبي اسمك القدوس هذا أعلنته لنا... هذا الحديث عن ملكوت الله الأبدي.
في الجزئية التي تقول: وعلمنا طرق الخلاص وجعلنا له شعبًا مجتمعًا وسيرنا أطهارًا بروحك القدوس... أي أنه لما ملك الروح القدس على قلب الشعب في الكنيسة هذا يمثل ملكوت الله على الأرض لأن كنيسة الله هي ملكوته على الأرض...
والقديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات يقول في القسمة:
"اصنعنا لك شعبًا مجتمعًا مملكة وكهنوتًا وأمة مقدسة يعتبر اصنعنا لك أي هذا غير ممكن لدينا نحن بأشخاصنا لا يمكن نصل إليه لولا أنك تصنعنا... وصنع الشيء هو إيجاده من جديد... المادة الخام ممن تكون موجودة لكن التصنيع نفسه عملية التصنيع نفسها أي تجعل الشيء مختلف عن المادة الخام الأصلية (مثال: الملابس – من القطن – الصوف... إلخ.).
وفي صلاة الاستعداد يقول الكاهن: اجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أن نكمل الخدمة بغير وقوع في دينونة أمام مجدك العظيم... نقدم لكَ صعيدة البركة مجدًا وعظم بهاء في قدسك... هذه الصلوات بالذات تربط بين الملكوت الأبدي والحالي... يقول اجعلنا مستوجبين وتعبير مستوجبين أي غير مستحقين... وكلمة مستوجب أي له الحق التلقائي... اجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أي الملكوت الحالي أن نكمل الخدمة بغير وقوع في دينونة تخص الملكوت الأبدي أمام مجدك العظيم...
1- الذبيحة تحيينا ملكوت الله: وبدون الافخارستيا لا نعيش ملكوت الله على الأرض وإحياء ملكوت الله على الأرض عن طريق سر الأفخارستيا وبما أنه هو المسيح الممجد إلى الأبد الذي سيدين الأحياء والأموات في الملكوت الأبدي يكون الملكوت الحالي ظل الملكوت الأبدي أو عربون له... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ويقول القديس كيرلس: السيد المسيح ربط مكافأة الرسل وأخذهم للأبدية بالأفخارستيا في جلستهم حوله على مائدة الأفخارستيا والسيد المسيح في لوقا قال للتلاميذ أنا أجعل لكم كما جعل أبي لي ملكوتًا لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسون على عروشًا وتدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر (إنجيل لوقا 30:22) ففيما السيد المسيح جالس بين تلاميذه على مائدة الافخارستيا كلمهم عن العروش التي يجلسون عليها في الأبدية وقال لهم أنا أجعل لكم كما جعل أبي في ملكوتي... أي الذي يحدث عن المائدة هو ظل أو مثال لما سيحدث (وكلمة مثال أقرب للمعنى) " حين تجلسون على العروش إذ تأكلون في ملكوتي وتدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر، وفي" (مت28:19) يقول لهم: لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله يقول ذلك صراحة، وفي (إنجيل مرقس 25:14) يقول لهم: "لا أشرب من نتاج الكرمة... لأعود أشرب من نتاج الكرمة إلا حين أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبى".
ويقصد بنتاج الكرمة (دمه الذكي الكريم عصارة الحب الإلهي)... أي يريد أن يقول لهم أنا شربته معكم لم أشربه معكم مرة ثانية على الأرض إلا أن أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي... وهنا ربط واضح بين الذبيحة وملكوت الله لذلك حديث السيد المسيح عن العروس والأكل في الأبدية كان قبل سر الأفخارستيا مباشرة... وبعد الأكل قال لهم: لا أشرب من نتاج الكرمة إلى أن أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي.
* لذلك هدف أساسي في عمل الأفخارستيا هو أن تكون ضمن ملكوت الله، وأن يكون لنا نصيب في ملكوت الله... لذلك يقول: "اجعلنا مستحقين يا سيدنا أن نتناول من قُدْسَاتَك... لكي نكون جسد جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء"... هنا نرى في الأفخارستيا صورة حقيقية لملكوت الله، ولذلك الذي يثبت خطأه يُحْرَم من التناول، لأنه لا يدخل ملكوت الله إنسان خاطئ متمسك بخطأه. لذلك بدون التوبة والاعتراف لا نُنَاوِل أحد. وأذكر عبارة جميلة قالها ذهبي الفم: "إن دينونة الخطاة في يوم الدينونة العامة، أما الدينونة للقديسين فهنا أمام المذبح" بمعنى أن القديسين الذين يعيشون حياة التوبة والاعتراف يدينوا أنفسهم ويقروا بخطئهم أمام الأب الكاهن فيستحقوا التناول من المذبح... لذلك الإنسان لا يمكن أن يُحاكم مرتين على شيء واحد (خطأ واحد) فإذا حُوكم وحاسب نفسه على خطأه يتبرأ من الحكم لذلك "ليست خطية بلا مغفرة إلا التي بلا توبة"... وذهبي الفم يعتبر أن "التوبة والإقرار بالخطأ هو دينونة القديسين، يدانوا هنا حتى يتبرأوا في الأبدية السعيدة وينالوا الملكوت الدائم...
من كل ذلك نجد أن الذبيحة هي التي تحيينا ملكوت الله وخارج الذبيحة لا نعيش ملكوت الله... أخوتنا البروتستانت يقولوا حين نجلس إلى المائدة المقدسة يرسم في أذهاننا صورة المسيح وهو مع الاثني عشر يعطيهم جسده ودمه مجرد يرسم في الأذهان وليس حياة حقيقية... مجرد ذكرى تاريخية...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/cjg5hx4