St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   37-Sefr-Younan
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

يونان 4 - تفسير سفر يونان

يونان شرقي المدينة

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب يونان:
تفسير سفر يونان: مقدمة سفر يونان | يونان 1 | يونان 2 | يونان 3 | يونان 4

نص سفر يونان: يونان 1 | يونان 2 | يونان 3 | يونان 4 | سفر يونان كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن كان الله قد أشرق على نينوى بمراحمه فإنه لا يترك يونان في ضيقة نفسه، بل يدخل معه في حوار شرقي المدينة حتى تستريح نفسه فيه.

 

1. يونان في غمه

[1 -4].

2. يونان شرقي المدينة

[5].

3. يونان تحت اليقطينة

[6 -8].

4. حديث الله الختامي

[9 -11].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. يونان في غمه:

"1 فَغَمَّ ذلِكَ يُونَانَ غَمًّا شَدِيدًا، فَاغْتَاظَ. 2 وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «آهِ يَا رَبُّ، أَلَيْسَ هذَا كَلاَمِي إِذْ كُنْتُ بَعْدُ فِي أَرْضِي؟ لِذلِكَ بَادَرْتُ إِلَى الْهَرَبِ إِلَى تَرْشِيشَ، لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ إِلهٌ رَؤُوفٌ وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَنَادِمٌ عَلَى الشَّرِّ. 3 فَالآنَ يَا رَبُّ، خُذْ نَفْسِي مِنِّي، لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي». 4 فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ؟!»" [1-4].

 

St-Takla.org Image: The Prophet Jonah sitting sad صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان النبي جالس حزين

St-Takla.org Image: The Prophet Jonah sitting, sad

صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان النبي جالس حزين

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حقًا لقد خجل النبي إذ رأى أن ما تنبأ به لم يتحقق... أما الله فلا يخجل أن يطلب أمرًا واحدًا هو خلاص البشر وصلاح خادمه(31)].

ويرى القديس چيروم أن غم يونان وشكواه يقومان على إدراكه مراحم الله ورأفاته إذ لم يكن ممكنًا أن يقدمه لأهل نينوى كإله قاسٍ، لذا اشتهى الموت ولا يرى مراحم الله تدرك الأمم بينما إسرائيل يهلك، فيقول على لسان النبي: [إنني الوحيد بين كثرة الأنبياء أعلن لشعبي عن دماره خلال خلاص الآخرين]. خلال هذه المشاعر المملوءة حبًا نحو شعبه -وإن بدت تحمل قسوة نحو الأمم- جعلته يطلب من الله أن يأخذ نفسه فإن موته خير من حياته... مرة أخرى يُكرر يونان ذات الطلب بعد أن جفت اليقطينة أي إسرائيل! على أي الأحوال هذه الطلبة أو الشهوة حملت جانبًا نبويًا، فكممثل للسيد المسيح أو كرمز له يطلب الموت عن شعبه متطلعًا أن خلاص البشرية يتحقق بموت الصليب لا بالنزول عنه أو الخلاص منه. فلا عجب إن قال السيد المسيح نفسه لتلاميذه: "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم" (لو 22: 15). إن كان هو حمل الفصح الذبيح فإنه يشتهي أن يقدم حياته بيديه ليهب مؤمنيه جسده ودمه المبذولين عن خلاص العالم!

اشتهى يونان أن يموت لكن في مرارة من أجل هلاك شعبه المعلن خلال خلاص الأمم، أما يوناننا فجاء لأجل هذه الساعة، متقدمًا للآلام بسرور مستهينًا بالخزي (عب 12: 2) ليفدي البشرية كلها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. يونان شرقي المدينة:

"وَخَرَجَ يُونَانُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ، وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ، حَتَّى يَرَى مَاذَا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ." [5].

 

St-Takla.org Image: Jonah waiting for the destruction of Nineveh (Jonah 4) صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان في انتظار دمار المدينة نينوى (يونان 4)

St-Takla.org Image: Jonah waiting for the destruction of Nineveh (Jonah 4)

صورة في موقع الأنبا تكلا: يونان في انتظار دمار المدينة نينوى (يونان 4)

خرج يونان من المدينة مغمومًا ومملوء غيظًا وجلس شرقي المدينة يترقب ماذا يفعل الرب بالمدينة. لعل يونان نفسه كان يمثل الفكر اليهودي أو الابن الأكبر الذي وقف خارج البيت متألمًا لأن أخاه الأصغر عاد إلى بيت أبيه (لو 15: 25-31). بينما كان البيت مملوء فرحًا وبهجة بعودة الضال إذا بالأكبر في بره الذاتي يبقى خارج البيت يلوم أباه بكلمات قاسية.

المدينة العاصية نينوى اغتصبت بالإيمان العامل بالمحبة مراحم الله، يونان النبي انطلق خارجها يقيم مظلة هي من صنع يديه، أي بره الذاتي، حاسبًا نفسه أفضل من الغير، مترقبًا غضب الله عليه.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. يونان تحت اليقطينة:

"6 فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاُ عَلَى رَأْسِهِ، لِكَيْ يُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمًا. 7 ثُمَّ أَعَدَّ اللهُ دُودَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ، فَضَرَبَتِ الْيَقْطِينَةَ فَيَبِسَتْ. 8 وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ اللهَ أَعَدَّ رِيحًا شَرْقِيَّةً حَارَّةً، فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ. فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ، وَقَالَ: «مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي»." [6- 8].

 

ماذا أراد الله بهذه اليقطينة التي أعدها الرب الإله ثم أعد لها الدودة لتضربها؟

أولًا: بلا شك اليقطينة هي الشعب اليهودي الذي قال عنه الرب: "أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت" [10].

إن كان يونان قد فرح باليقطينة فرحًا عظيمًا [6]، إذ كان محبًا لشعبه بشده، لكن ليس له فضل في هذه اليقطينة... لم يزرعها ولا تعهدها ولا سهر عليها، أما الله فهو الذي أقام إسرائيل وتعهده، أخرجه من عبودية فرعون، وقدم له الشريعة، دخل به إلى أرض الموعد وأعطاه النبوات ولم يتركه معتازًا شيئًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكما عاتبه الرب قائلًا: "والآن يا سكان أورشليم ورجال يهوذا أحكموا بينيّ وبين كرمي، ماذا يُصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه له؟!" (إش 5: 3-4).

كان يليق بيونان الذي يمثل جزءًا صغيرًا من أحد فروع هذه اليقطينة ألاَّ يغتم ويغتاظ فإن الذي أقام اليقطينة واختارها وتعهدها هو الله نفسه الذي أرسله إلى نينوى ليرعاها أيضًا خلاله!

لقد دعاها "بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت" [10]، لم تكن "بنت نهار" أو "بنت نور"، بل "بنت ليلة" لأنها رفضت مخلصها شمس البرّ، وأحبت الظلمة أكثر من النور. وكما يقول القديس يوحنا الإنجيلي: "كان النور الحقيقي الذي يُنير لكل إنسان آتيًا إلى العالم... إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله، وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" (يو 1: 9-12).

St-Takla.org Image: Jonah's last lesson, Italian middle ages engraving (Jonah 4:6) صورة في موقع الأنبا تكلا: درس يونان الأخير - نقش إيطالي من العصور الوسطى (يونان 4: 6)

St-Takla.org Image: Jonah's last lesson, Italian middle ages engraving (Jonah 4:6)

صورة في موقع الأنبا تكلا: درس يونان الأخير - نقش إيطالي من العصور الوسطى (يونان 4: 6)

ثانيًا: أقام الله ليونان يقطينة ليسحبه من مظلته التي هي من صنع يديه، وكأنه يسحب الإنسان من بره الذاتي لكي ينعم بظلال هي من يد الله خالقه وراعيه. لكن كان لزامًا لليقطينة أن تجف ليقيم عوض هذه الشجيرة الضعيفة خشبة الصليب التي تستظل تحتها الكنيسة لتنعم بفرح الإنجيل، قائلة: "تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي" (نش 2: 3).

إن كان يونان قد خرج إلى شرق المدينة ينتظر بروح النبوة إشراق شمس البرّ (ملا 4: 2) الذي يُضيء لا على إسرائيل وحده بل وعلى كل الأمم، فقد فرح جدًا باليقطينة إذ تمتع إسرائيل بالشريعة والنبوات لتقوده إلى مخلصه، لكنه لم يكن قادرًا أن يقبل زلة إسرائيل كطريق لانطلاق الإيمان إلى الأمم لذا أغتم على اليقطينة اليابسة، فقد أراد أن يعيش تحت الرموز وبين ظلال النبوات كملجأ له ولم يدرك أنها طريق ينطلق به إلى مشتهى الأمم.

إن كان الناموس هو قائدنا للمسيح كقول الرسول بولس، لكن إسرائيل تمسك بحرفية الناموس وشكليات العبادة رافضًا خشبة الصليب المحيي.

أقول، لتخرج نفوسنا إلى المشارق لتنعم بإشراقات الرب عليها، لتجف يقطينة الحرف القاتل لتنعم بالروح المحيي، ونتقبل في داخلنا مشتهى الأمم كسرّ استنارتنا وبهجتنا وشعبنا!

ثالثًا: إذ سبق الله فتحدث مع يونان خلال النوء العاصف والسفينة التي تتخبط والبحارة الأمميين والقرعة والحوت يحدثه الآن خلال اليقطينة الضعيفة والريح الشرقية والدودة المحطمة لليقطينة. الله يتحدث في كل مرحلة باللغة التي يتجاوب معها الإنسان ويتفهمها، فيحن كان يونان ثائرًا في قلبه على قرار الله نحو نينوى متخذًا قرارًا بالهروب حدثه الله بلغة العنف اللائق بالقلب العنيف. حدثه بلغة النوء ليدرك ثورته الداخلية، ولغة البحارة الأمميين ليدرك أنه عرج عن روح الإيمان، وحدثه بالسفينة التي تتقاذفها الرياح ليكتشف قلبه الذي كاد يجنح وسط بحر هذا العالم، وتكلم معه خلال الحوت ليدرك الهوة التي أنجرف إليها والأعماق التي ابتلعته والسجن الذي أقام فيه نفسه... والآن إذ خرج يونان هزيلًا ليس فيه قدرة على المقاومة حدثه باليقطينة الشجيرة الضعيفة والدودة المفسدة ليدرك أنه ليس إلاَّ شجيرة ضعيفة تحطمها دودة الجحود وعدم التسليم.

في اختصار نقول أنه باللغة التي يحدثنا بها الرب نكتشف أعماقنا الخفية.

رابعًا: يرى القديس هيبوليتس الروماني أن الرياح الشرقية الحارة التي أعدها الله تُشير إلى ضد المسيح الذي يخرج من الشرق بسماح إلهي مقاومًا الكنيسة قبيل مجيء الرب الأخير.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Lord answers Jonah (Jonah 4:9-11) صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يجيب يونان (يونان 4: 9-11)

St-Takla.org Image: The Lord answers Jonah (Jonah 4:9-11)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب يجيب يونان (يونان 4: 9-11)

4. حديث الله الختامي:

9 فَقَالَ اللهُ لِيُونَانَ: «هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ؟» فَقَالَ: «اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ». 10 فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَلاَ رَبَّيْتَهَا، الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ. 11 أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رِبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ، وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ؟».

 

خَتَمَ الله حواره مع يونان بهذه العبارة الجميلة: "أنت تشفق على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولاَّ ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت، أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة" [10-11].

هكذا يكشف الله عن محبته للبشرية التي هي عمل يديه.

نينوى كما يقول القديس چيروم: [المدينة العظيمة التي هي الكنيسة الحاوية الاثني عشر سبطًا الروحيين الذين يعودون إلى الطفولة في براءتها وبساطتها].

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(31) Conc. Stat. 5: 16.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات يونان: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/37-Sefr-Younan/Tafseer-Sefr-Yonan__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/x556dmc