 |
(4) وبخلاف الثلاثة تلاميذ الممتازين الذين تكلمنا عنهم، جاء "بيكوز" و"كرنيليوس" ويوحنا وباخوم آخر ليتتلمذوا تحت أمرة القديس. لم يدخل "بيكوز" صغيرًا في المنظمة الديرية، ولكنه تقدم كثيرًا في الفضيلة في وقت قصير جدًا، حتى أستحق أن يلقبه أبوه القديس أنبا باخوم بلقب خادم الله عن جدارة. وهو الذي أحضر القديس العظيم تيودوروس إلى طابنيسى، عندما وجده في طريقه إلى اسنا (لاتوبل) إلى أحد أديرة المتوحدين لزيارته.
والقديس آمون الذي تكلمنا عنه في سيرة القديس أنبا تيودوروس، قد علم من "بيكوز" اعلانات كثيرة كان الله قد خصَّ بها هذا القديس، وكان "بيكوز" قد علم بها من القديس أنبا باخوم نفسه، وكنا قد رويناها كلها تقريبًا في الفصل السابق (عن سيرة القديس تيودوروس)، ولكننا نضيف هنا هذا الاعلان الذي لم نذكره.
يروي "بيكوز" أن القديس تيودوروس كان مع القديس أنبا باخوم في دير طابنيسى، وإذ كان قد شرع في الصلاة ليلًا، شعر بالنعاس يثقل عليه جدًا لدرجة أنه اضطر إلى الخروج من المكان الذي كان موجودًا فيه ليتجول في الدير حتى تذهب عنه الرغبة في النوم. ومضى هكذا لغاية باب الكنيسة، حيث صلى بعض الوقت، وإذ لم يستطع مقاومة النعاس، اضطر أخيرًا إلى أن يترك نفسه على سجيتها وينام. وبينما كان نائمًا ظهر له ملاك وأمره أن يتبعه. فأطاع تيودوروس، وقام وتبع الملاك فأدخله الكنيسة، فرأى فيها نورًا باهرًا وعددًا كبيرًا من الأرواح السمائية قائمين في المكان حيث اعتاد الكهنة أن يقدموا الأسرار المقدسة. وأوحى إليه هذا المنظر بخوف عظيم، وفي نفس الوقت قرَّبه أحد الأرواح الطوباويين من المذبح، حيث كان شخص يمتاز عن الآخرين ببهاء مجد أكثر تألقًا، فوضع في فمه شئيًا ذا طعم لذيذ جدًا لم يذق مثله في كل حياته، وأمره أن يتركه في فمه ليذوب فيه. وبعد ذلك اختفى النور وخرجت الملائكة من الكنيسة، ولكن هذا الطعام السرى ترك في نفس القديس تيودوروس انطباعا للفرح والتعزية الداخلية البالغة، لدرجة أنه يمكن الوصف بأنه لا يعبر عنها. ومنذ ذلك الحين شعر في نفسه بقوة جديدة تجعله يعمل كل شيء ويتحمل كل شيء من أجل خدمة ومحبة الله.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وهذه الرواية التي رواها "أوزون" و"إلوريون" إلى أمون عن تقرير "بيكوز"، جعلته (أمون) يرغب في أن يكون هذا الأخير "بيكوز" أباه الروحانى. وكان يرجوه كثيرًا أن يقول له كل ما يعرفه عن القديس تيودوروس. وهو يضيف عندما يتكلم عن فضائله أنه أخذ من الله سلطة عظيمة جدًا على الأرواح النجسة. ولم يكن ذلك أمرًا غريبًا على الراهب الذي يقول عنه كاتب سيرة القديس أنبا باخوم أنه كان يتألق في المنظمة الديرية بعظمة قداسته التي أكسبته محبة الإخوة وثقتهم الخاصة فيه، وهذا ما ظهر في السهولة التي بها أرجع الرهبان من فزعهم عندما حضر الدوق "أرتيم" Arteme ليعيش عن القديس اثناسيوس الرسولي في طابنيسى، ودخل فجأة من حملة السبام إلى الدير. وقد ذكرنا آنفًا أن القديس تيودوروس كان يرسل إليه وإلى "بسنتايين" أيضًا الرهبان الذين يكونوا قد سقطوا في بعض الخطايا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/sts-petronius-horsiesius/fr-beykoz.html
تقصير الرابط:
tak.la/x848c8s
