ولما وصلوا إلى الموضع حيث يدفن فيه جسد القديسة تقدم أحد الرهبان كان بعين واحدة وقبل الجسد الطاهر ثم رفع رأسه وإذا عينه قد انفتحت وصارت مثل الأخرى فشكر الله سبحانه وتعالَى الذي يصنع العجائب بواسطة قديسيه، وتعجب الحاضرون من هذه الأعجوبة ومجدوا الله مانح العطايا الصالحة لقديسيه.
ثم أن شيطانًا تسلط على بنت صاحب الفندق وعلى من ارتكب الخطية معها ولم يزل يجذبهما حتى أتيا إلى حيث جسد القديسة وسجدوا تحت أقدامها، واعترفا بما اقترفاه ووالدها ينظر بعينيه متعجبًا مما كان، وبكيا بُكاءً شديدًا على خطيتهما، وما أن اعترفا بخطيئتهما حتى خلصا من الشيطان الذي كان يعذبهما، وأصبح قبر القديسة مكانًا مكرمًا يزوره جمع كثير.
أما الأب رئيس الدير فبني بيعة رائعة على اسمها بجانب قبرها وصاروا يعيدون لها في كل سنة، ومارس الرئيس منذ هذه اللحظة أتعابًا كثيرة في خدمة البيعة وكان دائمًا يقول للرهبان باكيًا أنا قد أخطأت في حق عروس المسيح وأسأت إليها، فيجب على أن أخدم بيعتها طول أيام حياتي، وكان الإخوة في آخر كل صلاة يتشفعون بالقديسة، كذلك الراهبات العذارى كن يحضرن إليها في يوم عيدها وكانت تجري آيات وعجائب كثيرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
وأما القس الذي أعلم الأب الرئيس بالقديسة بما تصنع وهي تسقي الماء في كل ليلة لعابري الطريق وتطعمهم قوتها أيضًا، فقد قال للآب ها أنا سبق وأخبرتك أن مارينا بريء مما قذف به، فقال له يا أخي كنت مصيبًا في مقالك.
ثم أن الرئيس أحضر الغلام المدعو أفرام وخفف عليه أعباء العمل، وتذكر أفرام ما جرى للقديسة من التعب وجلوسها على الصخرة ثلاث سنين وهي صابرة على حر الصيف وبرد الشتاء وازداد في نسكه وتقشفه فكان يسبق الإخوة جميعًا إلى الصلاة والعبادة وكان يأخذ قوته ويضعه في وعاء لعابري الطريق كما كانت تعمل القديسة وكان يداوم على التناول من الأسرار المقدسة، وصنع الله على يديه قوات وعجائب كثيرة من شفاء المرضى وإخراج الشياطين.
وكان الإخوة يفتقدون الشجرة والمسقاة، وما كان الأب الرئيس يسمع ذكر القديسة إلا ويتنهد ويبكي...
وقد حُسِبَت مارينا مع القديسين وصارت في مراتب الصديقين وتذكر سيرتها في الكنيسة ليقتدي آثارها كل مَن أراد خلاص نفسه.
ونحن يا أخوتنا يجب علينا أن نحتمل كل شيء ونصبر على كل شيء ونصنع شبه ما صنعته هذه القديسة التي صبرت طول حياتها محتملة الخزي والعار والمعاملة الصارمة وكانت تترجى النعيم الذي لا يفنى ولا يبلى ولا يتدنس ولا يضمحل.
الرب يجعلنا أهلًا لذلك الحظ الوافر والنصيب المتكاثر في ملكوته السمائية مع هذه القديسة الطاهرة النقية ويعطينا القوة للعمل بمرضاته وحفظ وصاياه ويسهل لنا طريق التقوى بشفاعات ذات الشفاعات معدن الطهر والبركات القديسة الطاهرة مريم وبصلوات القديسة مارينا.
هذا وجسد القديسة مارينا محفوظ للآن بكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم (تبع شرطة الدرب الأحمر بالقاهرة) ويقيمون احتفالًا عظيمًا يوم عيدها الذي يوافق الخامس عشر من شهر مسرى بركة صلواتها تكون معنا آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/youssef-habib/st-marine/miracles.html
تقصير الرابط:
tak.la/83tb54w