ولم يطل علينا الوقت فبعد أيام أُودعنا السجن، فاعتراني في البدء خوف شديد إذ لم يسبق لي قطّ الوجود في مثل هذا الظلام. يا له من يوم مُرعب! الحرارة فظيعة لا تُطاق إني أتعزّي بالجماهير المُزدحمة ولكن ما أقسى أيدي الجنود. قلقي يُمزّقني بسبب غياب ابني الرضيع، لقد تدخّل الشماسان المُباركان ترتيوس Tertius وبومبونيوس Pompnious اللذان كُلِّفا بخدمتنا ودفعا شيئًا من المال للجند فنقلونا لعدّة ساعات إلى مكان أفضل داخل السجن لنلتقط أنفاسنا، وأخيرًا خرج الكل وانفضّت الجماهير وبقينا وحدنا.
لقد أحضروا لي ابني الرضيع الذي كان مغشيًا عليه من الجوع فأرضعته وسلّمته لأُمي وقد أوصيتها عليه بحرارة، وشجّعت أخي الآخَر وأوصيتهم جميعًا على ابني، وقد اعتراني اكتئابًا شديدًا لمَّا وجدتهم في حسرة وغم من أجلي (إن تحمُّل الآلام الجسدية أسهل بكثير من أصوات الأحباء وهي تستعطف متألمة، فهذه قمة العذابات) وقد ظَللتُ أعاني من القلق والاكتئاب عدة أيام، وأخيرًا حصلوا لي على إذن بدخول رضيعي معي في السجن، وفي الحال استعدت قواي وفارقني القلق والاكتئاب، فصار السجن في نظري كأنه قصر ووددتُ أن أبقى فيه أفضل من أي مكان آخَر.
وجاءني أخي قائلًا: "أختي الحبيبة، أنتِ الآن في كرامة عظيمة تؤهّلكِ أن تصلّي من أجل رؤيا. فاطلبي حتى نعرف هل سينتهي الأمر بإطلاقك أم بتعذيبكِ؟
وإذ كنتُ أعلم أني فعلًا عندي كلمة الرب الذي من أجله قد صرت هنا، أعطيته وعدًا بثقة: باكرًا سأُعطيك الكلمة. وتضرّعت إلى الرب فظهر لي الآتي:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/various/perpetua/prison.html
تقصير الرابط:
tak.la/nfy82nm