وبعد أيام بينما كنا كلّنا واقفين نصلي، فجأة نطقت بصوتٍ عالٍ اسم دينوكراتس Dinocrates، واندهشت للغاية إذ أنه لم يخطر على بالي قطّ حتى هذه اللحظة، وإذ بي أشعر بحزن من أجله بسبب ما اعتراه، وفي الحال رأيت وكأنما أعطيت الفرصة والتزام التضرُّع من أجله، فابتدأت أُصلِّي بحرارة عنه وبكيت كثيرًا لدى السيّد الرب، وفي مساء اليوم عينه رأيت دينوكراتس قادمًا من مكان مُظلِم، يحيطه الظلام من كل جهة، وهو في حُمى وملتهب عطشًا، ووجهه شاحب ومكمّد، والجرح الذي في وجهه الذي مات به لا يزال كما هو. ودينوكراتس هو أخي بالجسد الذي كان قد مات وهو بالغ من العمر سبع سنوات بغرغرينا شديدة في الوجه جعلتنا كلنا نمتلئ وجعًا عليه.
ولمّا بدأت صلاتي، كانت تفصلني عنه هوّة سحيقة، فكان عسيرًا على كل منّا أن يأتي للآخَر، وكان بالقُرب منه فسقيّة مملوءة ماءً ولكن حافتها كانت أعلى من رأس دينوكراتس، فلمَّا وقف على أصابع رجليه لكي يشرب لم يستطِع، فحزنت لأن الفسقية كانت مملوءة ماءً، وبالرغم من ذلك لم يتمكّن من الشرب منها.
واستيقظت فعلمت أن الولد في ضيقة عظيمة، غير أنّي كنت واثقة أني قادرة على إنقاذه من ضيقته. فصلّيت من أجل أن يرحمه الله ويُعطهِ راحة.
وبعد أيام ابتدأ "بيودينس" رئيس أركان الجيش المتولِّي شئون السجن أن يُقدِّم لنا شيئًا كثيرًا من الإكرام عندما أحسّ بنوع القوة العظيمة التي كانت فينا، وصرّح لكثيرين بزيارتنا قاصدًا الترويح عن أنفسنا.
ولمَّا اقترب يوم الاستعراض زارني أبي في السجن، وكان مُعيًى من الهم، وابتدأ ينتف شعر لحيته ويرميه على الأرض، وألقى بنفسه على الأرض ووجهه في التراب، وأخذ يلعن سنين حياته ويقول كلامًا صعبًا نكّد به على الدنيا كلّها من حولنا، فتأسفت جدًا في نفسي على عدم سعادة شيخوخته.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/various/perpetua/dinokrats.html
تقصير الرابط:
tak.la/vp5nzcr