إن الوثنية ضرب من عبادة الشياطين. وفي ذلك يقول المزمور: "لأن كل آلهة الأمم شياطين" (مز 95: 5). على أن هناك نوعًا من عبادة الشيطان غير السجود للأصنام، وهو الثقة بالشيطان، والتعاون معه، والإلتجاء إليه في حل مشكلات الإنسان أو في معرفة الغيب.
هناك أشخاص يسلمون أنفسهم للشياطين، في مقابل خدمات معينة تؤديها الشياطين لهم. ومنهم من يقيم عهدًا مع الشيطان. ومنهم من يرسل الشيطان في مهمة يقضيها له، كأن يحضر له شيئًا، أو يؤثر على إنسان معين. وقد كان القديس كبريانوس -قبل إيمانه- يشتغل بالسحر، وكان يستخدم الشياطين في الوصول إلي أغراضه...
إن المتعاملين مع الشياطين يكسرون الوصية الأولى بلا شك. ومن هؤلاء المشتغلون بالسحر، الذين قد يبهرون الناس بأعمال مدهشة، مثلما كان يفعل سيمون الساحر، ومثل عرافة فيلبي (أع 8: 16). ومثلما قيل عن الوحش والتنين في سفر الرؤيا.
وهكذا نرى أنه بقوة الشيطان، يمكن أن تعمل آيات وعجائب، يسمح بها الله، لاختبار المؤمنين. وهي غير الايات والعجائب التي يصنعها القديسون بقوة الله. وينبغي على المؤمن أن يكون عنده إفراز للتمييز بين الأمرين. وكثير من الناس يعملون أشياء مذهلة بالتعاون والتعامل مع الشيطان. ويقولون: فلان معه "خادم" يقضي له ما يشاء، والشيطان لا يعمل مجانًا، وإنما له في ذلك مقابل يدفعه المتعامل معه من إيمانه بالله.
والمتعاملون مع الشياطين على نوعين:
نوع يعرف أنه يتعامل مع الشيطان، ويقبل هذا الوضع من أجل المنفعة التي يقدمها له. وقد يندم على تعامله مع الشيطان، ويحاول الفكاك منه فلا يعرف...
وهناك نوع آخر، مخدوع من الشياطين؛ لأن الشيطان يستطيع أن "يغير شكله إلي شبه ملاك نور" (2 كو 11: 14). وقد يظهر في هيئة وإسم أحد القديسين. وقد يعطي أحلامًا كاذبة، ورؤَى كاذبة... وكم مرة أضل قديسين ومتوحدين بخداعه، فانقادوا له، ونفذوا مشيئته في حياتهم وهلكوا. وبعضهم سجدوا له، فاستحوذ عليهم...
والبعض يسعون وراء الشياطين أو أعوان الشياطين لمعرفة المستقبل. والمستقبل لا يعرفه إلا الله وحده. واللجوء إلي الشيطان لمعرفة الغيب يتضمن إعطاءه صفة من صفات الله. وهذا يتنافَى مع الوصية الأولى. إن الشيطان يمكنه أن يعرف الماضي، كما يعرفه كثير من البشر. أما معرفة المستقبل فهي من إختصاص الله وحده، إلا ما يدخل منها في حدود الفراسة أو الإستنتاج أو بعد النظر أو التوقع الطبيعي.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ولذلك يخطئ من يلجأ في معرفة المستقبل إلي الذين يضربون الرمل، والذين يقرأون الكف، والذين يقرأون فنجان القهوة، والذين: "يوشوشون الودع"، والمنجمين الذي يسألون الكواكب والنجوم، وأيضًا الذين يسألون أرواح الموتى، أو يستخدمون التنويم المغناطيسي لمعرفة المستقبل، أو يستخدمون أوراق اللعب لمعرفة البخت... إلي أخر تلك الوسائل لاتي توحي جميعها بأن هناك قوة غير الله تعرف المستقبل والغيب، وحتى الذين لا يلجأون إلي هذه الوسائل، ولكنهم يصدقونها ويؤمنون بها، هم أيضًا يكسرون الوصية الأولى، لأن الصفات الخاصة بالله لا يصح أن نعطيها لغيره...
وهكذا يقول الوحي الإلهي: "لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من... يعرف عرافة، ولا عائف ولا متفائل، ولا ساحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جانًا أو تابعه، ولا من يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب" (تث 18: 9-12).
ويدخل في هذا النطاق أيضًا من يستخدم قوي غامضة لتحقيق أغراضه أو أغراض غيره، بإستخدام الأحجبة والتعاويذ، بكتابات غامضة قد لا يعرف هو نفسه معناها. لأنه إن كان الكتاب قد لعن مَنْ يتكل على ذراع بشر، فكم بالحري من يستخدم تلك القوي الغامضة، التي إن لم تكن دجلًا صرفًا لخداع البسطاء، فهي إلتجاء إلي الشياطين. وكما قلنا إن الشياطين لا تعمل مجانًا، وإنما بمقابل... لا يصح مطلقًا أن يؤمن أحد بوجود قوي أخرى -غير الله- تدبر شئون الكون وأفراده...
ويدخل في هذا النطاق أيضًا ما يُسَمَّى بـ(العَمَل)، من حيث محاولة البعض إستخدام قوة الشياطين أو السحر للوصول إلي هدف معين. إن الذي يستخدم الشيطان فعلًا في أمثال هذه الأمور، هو مخطئ ضد الوصية الأولى. والذي يوهم البسطاء بذلك لنفع خاص، هو مخطئ أيضًا في إعثارهم، وفي تخويفهم، أو في سلبهم أموالهم. أما نحن فعلينا أن نؤمن أن الشيطان لا سلطان له على أولاد الله، وأن للكون مدبرًا هو ضابط الكل الذي له المجد الدائم إلي الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/ten-commandments-1-4/worshiping-demons.html
تقصير الرابط:
tak.la/b66wfrj