سؤال:
هل صحيح أنَّ الأحلام التي يحلم بها الإنسان هي نتيجة أنَّ الروح أثناء نومه تفارق جسده وهو نائم، وتتجوَّل في الأماكن التي يحبها هذا الإنسان أو التي لا يحبها؟ وذلك حسبما قرأت...
الجواب:
إنَّ مُفَارَقَة الروح للجسد معناها أنَّ هذا الإنسان قد مات.
فهل في كل حلم حسبما تسأل يكون صاحب الحلم قد مات؟ وهل في صحوه من حلمه، يكون قد قام من الأموات؟! وهل إذا تكررت الأحلام في حياة الإنسان، يكون قد مات وقام مرات عديدة؟! ألست ترى معي أنَّ هذا الفكر لا يتفق مع منطق الحياة...
ثم هل الروح الإنسانية حرة في أن تخرج من جسدها وترجع إليه؟!
وإن خرجت منه، فهل من السهل أن ترج ع إليه؟ وكيف؟! وهل تستطيع أن تأتي بمثال واحد لهذا الخروج والدخول لِمَن يحلمون، أو لِمَن لا يحلمون...
إنَّ مبدأ (تجوال الروح) الذي يعتقده الهنود يقصدون به تجوال الروح بعد الموت من جسد إلى آخر، ولا يقصدون أبدًا تجوال الروح في الأحلام...
كما أنَّ الجسد حينما تخرج منه الروح يموت ويتحلَّل...
فإن تحلل المخ. وتوقفت كل مراكزه الخاصة بالبصر والسمع، وبالكلام والحركة والذاكرة... ثم رجعت الروح إليه، هل ستجده جسدًا سليمًا أم جسدًا تالفًا مشلولًا..؟! وقِسْ على ذلك ما يحدث لباقي أعضاء الجسد حينما تفارقه الروح... وتتحلل الأعضاء وتتلف...
 |
يا ابني، هل تظن مفارقة الروح للجسد أمرًا سهلًا؟!
إنَّ الأحلام في غالبيتها مصدرها العقل الباطن.
ومشكلة ما قد قرأته هو الخلط بين عمل الروح والعقل الباطن.
إنَّ العقل الباطن يا أخي عبارة عن مخزن كبير، يُخزن فيه كل ما رأيته من صور، وكل ما سمعته من كلام أو أغانٍ أو قصص أو تسابيح، وكل ما قرأته من أخبار أو ما كان مصدرًا لأفكار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل العقل الباطن هو أيضًا مخزن لكل ما في قلبك من مشاعر، وكل ما في ذهنك من أفكار وتدابير ورغبات.
وما في عقلك الباطن قد يظهر كأحلام أثناء نومك.
ما علاقة كل هذا إذن بما يدعونه من خروج الروح وتجوالها!
إن مخاوفك قد تظهر في أحلامك، وشهواتك أيضًا قد تظهر في أحلامك. كذلك أمراضك وآلامك، بل ربما حالة الجسد أيضًا. ولا شأن لهذا كله بعقيدة تجوال الروح الهندية الأصل.
كذلك هناك أحلام عبارة عن محاربات من الشياطين.
فالشياطين قد تجلب لك أحلامًا ورؤى كاذبة لتقودك في طريق خاطئ. وهذا الأمر له قصص كثيرة سُجِّلت في كتاب (بستان الرهبان) كما وَرِد مثال لها في سفر التثنية (تث 13: 1-3). والأحلام التي من الشيطان لا علاقة لها طبعًا بما قد قرأته عن خروج الروح من الجسد وتجوالها.
وكذلك الأحلام التي من الله...
كالأحلام التي رآها يوسف النجار (مت 1: 20؛ 2: 13، 19)، وكالحلم الذي رآه المجوس (مت 2: 12). وكالأحلام التي فسَّرها يوسف الصديق لفرعون (تك 41)، والتي قال فيها يوسف لفرعون: "حلم فرعون واحد، قد أخبر الله فرعون بما هو صانع" (تك 41: 25). وبالمثل الحلم الذي فسَّره دانيال النبي لنبوخذ نصر الملك. حيث قال له دانيال في تفسيره: "يوجد إله في السموات كاشف الأسرار، وقد عرّف الملك نبوخذنصر ما يكون في الأيام الأخيرة" (دا 2: 3، 28).
هل نستطيع أن نقول هذه الأحلام وأمثالها إنَّ الروح خرجت أثناء النوم لتجول في أماكن تحبها أو لا تحبها؟! أم هي من الله...
لذلك لا تصدق كل ما تقرأه. إنما لتكن قراءاتك دائمًا بفهم وإفراز. وأحذر كثيرًا مما يقوله المشتغلون بعِلم الأرواح..! حتى لو كانوا من رجال الدين المتأثرين بما قال المشتغلون بعِلم الأرواح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spirits-and-religion/dreams.html
تقصير الرابط:
tak.la/8vxnf5n
