عفة اللسان تبعد عن كل كلمة بطالة.
هذه التي قال عنها السيد الرب "كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس، يعطون عنها حسابًا في يوم الدين" (مت 12: 36). بل اعتبر إنها نجاسة، فقال "ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان. بل ما يخرج من الفم، هذا ينجس الإنسان" (مت 15: 11). وطبعًا الإنسان العفيف لا يتنجس بأية كلمة...
اللسان العفيف لا يلفظ كلمة شتيمة، ولا كلمة تهكم.
الإنسان العفيف يحترم غيره، فلا يسئ إليه بكلمة جارحة، ولا بكلام استهزاء أو احتقار أو ازدراء، في أي حديث، أو في أي عتاب. وأتذكر أنني في يوم أربعين الأرشيدياكون حبيب جرجس، قلت عنه:
لك أسلوب نزيه طاهر .:. ولسان أبيض الألفاظ عف
لم تنل بالذم مخلوقًا ولم .:. تذكر السوء إذا ما حل وصف
لهذا فإن الذي يستخدم ألفاظًا جارحة، أو ألفاظًا قاسية وكأنها كرجم الطوب، ليس هو بالإنسان العفيف اللسان. فاللسان العفيف لا يشهر بغيره، ولا يكشف عورة إنسان في حديثه، لأن عفته تمنعه من ذلك. اللسان العفيف، هو لسان مؤدب ومهذب، يزن كل كلمة يلفظ بها، ولا يحتاج إلى مجهود لكي يتكلم كلامًا عفيفًا، لأنه تعود على ذلك. أو هو هكذا بطبعه
واللسان العفيف لا يتكلم كلامًا نابيًا، ولا يستخدم ألفاظ معيبة من الناحية الخلقية.
فلا يتلفظ بكلمات جنسية بذيئة، ولا يذكر قصصًا أو فكاهات جنسية، ولا يقبل سماعها إن قيلت من غيره. ولا يردد أغاني من نفس النوع، بل يخجل من النُّطْق بها، ولا فيما بينه وبين نفسه في مسكنه الخاص. إنه لا يتدنى إلى هذا الوضع. اللسان العفيف يمنعه أدبه من استخدام لغة لا تتفق وهذا الأدب الذي تعوده.
واللسان العفيف قد تعود أيضًا عفة التخاطب.
وقد تَعَوَّد أيضًا على أدب الحوار.
فهو لا يقاطع غيره أثناء الحديث معه، ولا يوقفه عن الكلام لكي يتكلم هو، ولا يعلو صوته في الحوار. ولا يحاول أن يقلل من شأن غيره في الحوار، لكي – يثبت صحة رأيه هو. ولا يهين غيره أثناء المناقشة. فكل هذه أمور لا يسمح بها أدبه. واللسان العفيف -في حواره- يكون موضوعيًا، لا يتعرض إلى الجوانب الشخصية في من يتحاور معه. وإنما يكون منطقيًا فيما يقول. لا يمكن أن يصف محدثه بالجهل أو عدم الفهم. ولا يكشفه في هذه النواحي. بل يركز على الموضوع، موضوع النقاش...
وعفة اللسان ترتبط بها أيضًا عفة القلم.
القلم الذي يراعى كل ما قلناه فيما يكتب، فلا يشهر بأحد، ولا يجرح أحدًا، ولا يعمد إلى الإهانة. ولا يشيع عن إنسان ما ليس فيه. بل يحرص على أعراض الناس، ويرى أن سمعتهم أمانة لا يمكن لقلمه أن يتجاوزها. بل هو يكتب بموضوعية نزيهة.
وهنا نرى عفة النقد ونزاهته.
النقد العادل، البريء، الموضوعي، الذي يهدف إلى الحق. ويزن الأمور بميزان سليم. يذكر النقط البيضاء أولا قبل غيرها من النقاط التي لا يوافق عليها. وهكذا يعطى كل ذي حق حقه.
وفي نقده لا يدخل في نوايا الناس وفي دواخلهم التي لا يعرفها إلا الله وحده.
على أنني أقول دائما إن خطية اللسان هي خطية ثانية.
فاللسان غير العفيف، تكون عدم عفته خطية ثانية، تابعة لأخرى قد سبقتها وهي عدم العفة في القلب، التي كانت نتيجتها عدم عفة اللسان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وذلك طبقًا لقول السيد الرب "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح. والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر. لأنه "من فضلة القلب يتكلم اللسان" (لو 6: 45). هذا ينقلنا إلى الحديث عن عفة القلب وعفة الفكر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fruit-of-the-spirit/chastity-tongue.html
تقصير الرابط:
tak.la/5pyzhxn