110- وأعتقد أيضًا أن كاره الخير نفسه كان يقدرها، وأرى أن استبداده معها كان ينقيها. ومن بعض وسائله الشريرة كان يضربها بشدة بأدوات مختلفة، وكان يجرى مسرعًا وينزع عرق خشب بشدة بغرض أن يخنقها به عندما تكون مجتمعة مع آخرين لتحدثهم عن الأمور السماوية، لكي يحرم من يسمعونها من الفائدة الكبيرة التي كانت تعطيها لهن. لكن سامعيها كانوا يتجددون ويتشددون بالأكثر من أجل تحقيق غايتهم حينما يرون آلامها. وفى الحقيقة إن هذا كان يشفي جروح وضربات النفوس. كما إنها هي بنفسها كانت تشفى وتحمى مسبقًا الذين يأتون إليها. فكم كانت هذه الطوباوية عظيمة النفس وصامدة.
111- وحقًا كان العدو يسبب لها الضربات والجروح. ففي مرة ضربها وسبب لها آلامًا وجروح في جسدها في الحال، وأيضًا أدى إلى تكسير عظامها، وسعى لزيادة آلامها بأن كسر فكيها، وكان يضغط بشدة بالآلام الجسدية لكي يدمرها، وكان يتلذذ لمدة 40 يوم بتكسير عظامها، وفى مرة طعنها مرتين. والذين كانوا في الأماكن المجاورة لها كانوا يرون الذين يضربونها. والعظم الذي تكسر تعفن وفسد، والجروح كانت خطيرة جدًا لدرجة أنها تسممت وتعفنت، وخرج منها رائحة كريهة نتيجة ضرب العدو لكل الجسد. وكان المجاورين لها يعملون على مساعدتها في آلامها، وفى أوقات أخرى كانوا يبتعدون عنها، ولا يتحملون هذه الرائحة إذ كانت فوق احتمال البشر. ولأنها كانت تحتاج لأن تهدأ، فكان القريبات منها يرفعون بخورًا كثيرًا، ومن ناحية أخرى كان هذا البخور يبدد الرائحة الكريهة التي هي فوق احتمال البشر. وكانت الطوباوية ترى نورًا مسبقًا مقابل جهادها، ولم تكن مطلقًا تسعى لطلب أي معونة بشرية، وكانت تظهر شجاعة مثل الرجال لمن معها في البيت. واللاتي كن معها كانوا يطلبون أن يدهنوا جروحها بالزيت والطيب، ولكنها هي لم تطيعهم أبدًا. لأنها كانت تعتقد أن هذه الحروب الخارجية تعمل على تنقيتها وتجعل جهادها مكرم جدًا. لذلك اللاتي كن حولها كانوا يتحاشون استحضار أي طبيب لها لكي يعطيها أي دواء يقويها ويهدئ آلامها. ومرات أخرى كانت تصبر عليهم وتقول لهم:" ما هو الصالح لي إذا امتنعت عن هذا الجهاد؟ ولماذا أطلب أن أظهر بالقداسة التي اكتسى بها؟ ولماذا أصبح فضولية فيما لا تفهمونه مما يحدث؟" وكانت تقول هذا الكلام للطبيب أيضًا وكانت ترفض أي دواء، أو أي مواساة تقدم لها منا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكانت تبدو لنا مثل جسد مائت، ولونها أصفر شاحب ومع ذلك لم تكن محطمة. ولأن الموت كان بالفعل يقترب منها كنا نقترح عليها أن نضيف الطيب مع عصير الكرمة ونبات الريحان ونبلل به جسدها، وأحيانًا كانت تقبل المشورة بطول أناة، وتقبل من الذين يرافقونها أن ينظفوا لها الأماكن التي تخرج منها الرائحة الكريهة.
112- من الذي لا يرتعد حينما يرى مثل هذه الجروح وبهذا المقدار؟ ومن الذي لا ينتفع حينما يرى تحمل وصمود هذه الطوباوية، وسقوط العدو أمامها؟ وبالحقيقة إن ثباتها أثناء الضربات كان يجلب لها ينبوع من الكلمات العذبة جدًا من المخلص، والذي كانت تسمو به فوق كل الأشياء المخيفة جدًا التي كان العدو يحاول أن يشتت بها تعزيتها. وهكذا كانت تطرد بسرعة كل الأفاعي المتعطشة للدماء التي كانت تجتمع عليها، حيث كانت تسقط الفريسة أمامها وتصرعها، هذه التي كانت تريد أن تجعل من القديسة طعامًا للحيوانات. وكان العدو أحيانًا يخدعها بضعف الجسد لكي يصطادها بعد ذلك ويجعلها تفكر في الزواج، ولكنها كانت تتجاهل مقاصده بشجاعة مثل الرجال. وكانت تلاحظ بعناية المرضى وتهتم بهم. وبالرغم من أنها قد أصيبت بضعف البصر إلا أن أفكارها كانت أكثر قوة. وكان جهادها يظهر في ثلاثة أشياء: قوة سماوية كانت تحفظ الجسد، وكان اهتمامها بمكان إقامتها يقل تمامًا، وكان خديها قد ذبلت بسبب قلة التغذية، لأنها كيف كانت تقوى على الاشتراك في الطعام مع الأخريات وهى تحمل هذه الرائحة الكريهة. وكانت تبتعد عن الآخرين في نومها وتبكى بسبب إحساسها بالألم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pauline-todary/st-syncletica/war.html
تقصير الرابط:
tak.la/qw96y6f