عاصرت القديسة سينكليتيكي أبا الرهبان، ويعتبرها مؤرخو الكنيسة ندا له. فكما كان الأنبا أنطونيوس أبا لجميع الرهبان هكذا كانت هذه القديسة أما لتك المجموعة المتناسقة من العذارى المتبتلات اللائي جعلن من وادي مصر الخصيب مقرًا للنعمة الإلهية. ولما كانت المحاربات الشيطانية تتحين كل الفرص فلقد كانت الفجيعة مجالًا زعم الشيطان أن ينفذ منه للإيقاع بسينكليتيكي. فقد توفي أخوها الأكبر ليلة زفافه فأستبدل أحلام العالم الفاني وآماله العابرة بسعادة العالم الباقي ونعيمه الأبدي. ومثل هذا المصاب يحول بعض القلوب عن الله إذ يسوس لهم الشيطان بأن الله لو كان أبا رحيمًا حقيقة لما سمح به. ولكن سينكليتيكي تحولت بكليتها إلى الله واندفعت إلى التأمل والصلاة. فأصبحت مباهج العالم في نظرها سرابًا خادعًا وصارت تعتبر كل المفاتن والمغريات شبيهة بالمخدر لا يلبث من يفيق منه أن يحس بالألم مضاعفًا.لذلك قررت أن تكرس حياتها لله. ووضعت لنفسها نظامًا نسكيًا تسير عليه بكل دقة وأخلاص حتى وهي مقيمة في منزل أبويها.
← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والتجربة القاسية التي مرت بها سينكليتيكي قد تحدث لأي شخص في أي مكان وفي أي زمان. وهي ما زالت من الوسائل التي يستغلها الشيطان لابعاد الناس من الله. لأن الإنسان الذي فقد حبيبًا من أحبائه لا يغمره الحزن فقط بل يجد نفسه يصرخ صرخة الألم في وجه الله تعالي. وهذه الصرخة مزيج من التمرد والعتاب معًا. على أن سينكليتيكي ومثيلاتها عرفن الله في عمق الألم، ومن العجيب أن معرفته في هذا العمق هي أقوى وأصدق معرفة. فسينكليتيكي أوضحت بحياتها أنها وجدت العزاء لقلبها الجريح عند الله وهو وحده معزي الحزانى - أو كما يعلن لنا القداس الإلهي أنه (عزاء صغيري القلوب... ميناء الذين في العاصف).
وكما يتحين الشيطان فرصة الحزن كذلك يتحين فرصة المرض. ومرة أخرى نجد في القديسة سينكليتيكي نموذجًا رائعًا. فقد بلغت الثمانين من عمرها وهي تتمتع بصحة تامة: لم يغير الصوم جمالها ولم ينتقص السهر من روائها وفجأة أصيب بمرض مزعج إذ قد غطت القروح جسمها من قمة الرأس إلى أخمص القدم. وتضاعف ألم القروح بحمي عالية. فأحتملت آلامها بصبر شبيه بصبر أيوب. لم تئن ولم تتضجر بل احتملت أوجاعها في صمت ووقار. ولم تعاتب الله بكلمة بل تقبلت الألم في شيخوختها كما تقبلت الحزن في شبابها بنفس الثبات ونفس التمسك بالله. لهذا منحها خالقا نعمة عظمي هي أنه أراها قبل انتقالها بثلاثة ايام رؤيا سماوية. فقد تقدم إليها جمهور من الملائكة يصحبهم عدد من العذارى وقالوا لها: "اننا قد أتينا لندعوك فتعالي معنا". وعندها تغير حالها وكأنها أصبحت شخصًا جديدًا إذ قد اكتنفها نور بهي وشع من رأسها. وظل هذا النور محيطًا بها مشعًا منها مدى ثلاثة أيام انتقلت بعدها من دار التجارب إلى الدار التي يستريح فيها المجاهدون من أتعابهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/syncletica-of-alexandria.html
تقصير الرابط:
tak.la/q4znzcy