7- شاول يصبح بولس:
+ وبعد هذه الفترة الواضحة النجاح، وبينما الكارزون يصلّون، قال لهم الروح القدس أفرزوا إلي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوها. - (أعمال 13: 1-3) وهنا نرى المساواة التامة بين الرسل إذ قبل برنابا وشاول أن يضع الآخرون أيديهم عليهما - وخرج الصديقان في رحلتهما المليئة بالمخاطر، والتي استمرت ثلاث سنوات. خرجا وقلباهما يفيضان فرحًا لأن عليهما رسالة تلهبهما. ومما زاد فرح برنابا أن يوحنا المُلقب مرقس كان معهما خادمًا. فقصد ثلاثتهم إلى قبرص موطن برنابا. واجتازوا الجزيرة منادين بالكلمة. ووصلوا إلى بافوس "المدينة البيضاء" حيث دعاهم إليها "سرجيوس بولس" والتمس أن يسمع كلمة منهم. وكان إلى جانبه رجلًا ساحرًا كذابًا يهوديًا اسمه "بار يشوع". فقاومهم مستهدفًا إفساد الوالي عن الإيمان. أما شاول الذي هو بولس أيضًا فوبّخه بعنف إلى حد أن جعله أعمى إلى حين. فامتلأ الوالي دهشة وآمن لتوّه.
+ ومما تجدر الإشارة إليه أن تغيير الاسم مؤشر إلى تحول الشخصية، وهذا واضح من أن السيد المسيح حين اختار تلاميذه غيّر أسماء عدد منهم: فيعقوب ويوحنا دعاهما: "ابني الرعد"، ولاوي أسماه: "متى"، وسمعان بن يونا أطلق عليه اسم: "بطرس"، و"شاول" هو اسم أول ملك لإسرائيل ومعناه "المرغوب فيه"، فهو اسم يهودي محض لشخصية ملكية. في حين أن "بولس" هو اسم روماني ومعناه "الصغير". إذن فحين اتجه هذا الكاروز الملتهب نحو الأمميين اتخذ اسمًا يتناسب وكرازته في المجال الجديد.
+ ثم اتجهوا إلى برجة بمفيليا حيث فارقهما مرقس، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وكان لهذا الفراق أوخم العواقب بعد خمس سنين. واستمرا هما في رحلتهما على الطريق الجبلي الصاعد إلى الداخل المليء بالمخاطر، وعبر مساقِط مائية هادرة، وممرات يرتعد الناس من مجرد المرور أمامها لكونها مغاور اللصوص وقطّاع الطرق. ولا يعلم أحد ما أصابهما خلال الشهور الأولى. ومن الممكن أن ما صَوره بولس عن "أخطار سيول وأخطار لصوص" للكورنثيين (2كورنثوس 11: 26) كان إشارة إليها.
+ أخيرًا وصلوا إلى أنطاكية بيسيدية. وفي السبت دخلا المجمع. فطلب إليهما رئيسه أن يُكلما الشعب. فقام بولس لفوره وتكلم عن تحقيق النبوات عن المسيا في السيد المسيح. أخيرًا ألقى كلمة أذهلتهم جميعًا حتى لكأننا نحسّ بأنهم حبسوا أنفاسهم، وهي الحديث عن القيامة التي دعّم الأنبياء حقيقتها أيضًا. ألم يقل المرنم: "لن تدع قدوسك يرى فسادًا"؟ (مزمور 16: 10) وهذه القيامة هي أعظم دليل قدّمه الله للناس. ولقد رأى السيد المسيح القائم عددًا كبيرًا ممن كانوا معه وهم شهوده الآن. واختتم هذا الخبر المذهل بتحذيرهم: "فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قاله حبقوق النبي: [أنظروا أيها المتهاونون وتعجبوا واهلكوا. لأنني عملًا أعمل في أيامكم. عملًا لا تصدقون إن أخبركم به أحد] (حبقوق 1: 5): "اُنْظُرُوا بَيْنَ الأُمَمِ، وَأَبْصِرُوا وَتَحَيَّرُوا حَيْرَةً. لأَنِّي عَامِلٌ عَمَلًا فِي أَيَّامِكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ بِهِ إِنْ أُخْبِرَ بِهِ". وهكذا تركهم يلهثون من انفعالاتهم.
+ وفي السبت التالي ازدحم المجمع حتى الباب. وقد حضر عدد وفير من الأمميين لأن بولس أعلن أن المسيا هو للجميع. وهذا أسخط غالبية اليهود الذين جاءوا وهم ممتلئون حنقًا. وحالما وقف ليتكلم قاوموه بالمعارضة وبالتجديف. واحتملهم قدر الإمكان. ثم أسكتهم بإشارة قاطعة، فهو خلال ضجتهم اتخذ قرارًا حيويًا حاسمًا: قرارًا أحدث ثورة تامة لكنيسة المستقبل. وبكلمات متزنة بطيئة تهتز بالانفعال الداخلي أعلن: "كان يجب أن تكملّوا أنتم أولًا بكلمة الله. ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجّه إلى الأمم. لأن هكذا أوصانا الرب" (أعمال 13: 46-47).
+ إن تلك العظمة كانت مَعْلما في حياة بولس. لقد فرد شراعه عاليًا ورسم عليها: "لم يعد اليهودي وحده المختار من الله فالكنيسة للعالم أجمع". فلم يكن من الممكن له بعد ذلك أن يبقى في بيسيدية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/paul-the-apostle/saul-to-paul.html
تقصير الرابط:
tak.la/p8h4qj7