س34: الله هو الحياة... ما هو الدليل على إن السيد المسيح هو الحياة بعينها، وبعيدًا عنه لن نجد إلاَّ ظلمة وبرودة الموت؟
ج: الله هو الذي له الحياة في ذاته فقال "أنا أنا هو وليس إله معي. أنا أُميت وأُحيي" (تث 32: 39) " حي أنا يقول الرب" (أش 49: 18) " حي أنا يقول السيد الرب" (حز 5: 11) وقال عنه داود الملك " هو الإله الحي القيوم إلى الأبد" (دا 6: 26) " يقول الرب باسط السموات ومؤسس الأرض وجابل روح الإنسان في داخله" (زك 12: 1) وقال الرب يسوع " كما أرسلني الآب الحي" (يو 6: 57) وقال بولس الرسول "الذي وحده له عدم الموت" (1 تي 6: 16) فالله وحده الذي له الحياة في ذاته. أما أي كائن آخر فقد أستمد حياته كهبة وعطية ونعمة من الله الحي، ولذلك كان إيليا النبي يردد دائمًا " حي هو الرب إله إسرائيل التي وقفت أمامه" (1 مل 17: 1) " حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه" (1 مل 18: 15).. إلخ...
والسيد المسيح الإله المتأنس هو الإله الحي، ففيه نرى ونلمس الآتي:
1- السيد المسيح له الحياة في ذاته: عندما سأله توما عن الطريق أجابه قائلًا "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6).. فمن يقدر أن يقول عن نفسه " أنا هو الحياة " لا أحد، لأن كل واحد من لا يملك قرار حياته. وإن كان الإنسان يستطيع أن يضع حدًا لحياته بالإنتحار، وهذه خطية شنيعة تهبط بالإنسان إلى الهاوية، فإنه لا يقدر أن يطيل في حياته ساعة واحدة... أما السيد المسيح فيقول " كما إن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته" (يو 5: 26) فالحياة ليست خارجة عنه بل كائنة فيه " فيه كانت الحياة" (يو 1: 4).. كل مخلوق هو حي بنسمة الحياة التي نالها من الله. أما السيد المسيح فهو أصل الحياة ورئيسها وباعثها، وهو الخالق واهب الحياة بروحه القدوس، ونعود ونقول ليس معنى إن الآب أعطى الحياة للإبن أي إن الابن لم يكن يملكها قبل أن يأخذها، بل هذا تعبير عن الإتحاد والتعاون والتضامن والتوافق بين أقنومي الآب والابن ولهذا قال السيد المسيح " كل ما للآب فهو لي" (يو 16: 15) .
2- السيد المسيح يهب الحياة للعالم: فهو الخالق المبدع " كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3) وفي إقامته للموتى نلاحظ أنه لم يصلي ولم يتضرع ولم يبهل ولم يطلب من الله كما كان الأنبياء يفعلون، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. إنما كان يأمر الميت فيقوم " طابيثا لك أقول قومي".. " أيها الشاب لك أقول قم " " لعازر هلم خارجًا". بل وقف أمام الموت وأعلن عن ذاته " أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو 11: 25) وعندما سلم ذاته للموت على الصليب فانفصلت روحه البشرية عن جسده البشري ودُفن في القبر ثلاثة أيام قام في اليوم الثالث بقوة لاهوته الذي وحَّد بين جسده البشري وروحه البشرية.
3- السيد المسيح بيده سلطان الحياة والموت: لهذا قال "لأنه كما إن الآب يقيم الأموات ويُحيي كذلك الابن أيضًا يحيي من يشاء" (يو 5: 21) والتعبير يوضح مدى السلطان المطلق لربنا يسوع فهو يحيي من يشاء، فسلطانه مطلق وقدرته غير محدودة، لأن قدرته هي قدرة الآب، وسلطانه هو سلطان الآب ومشيئته مطابقة لمشيئة الآب... فمن يستطيع أن يحيي من يشاء غير مسيحنا الحي؟! لا... لا أحد يقدر مهما بلغت عظمته وسمو شأنه، لأن كل واحد منا لا يملك حياته بل هي في يد الله.
4- السيد المسيح يهبنا الحياة الأبديَّة: قال له المجد " خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبديَّة ولن تهلك إلى لا بُد ولا يخطفها أحد من يدي" (يو 10: 27، 28) " الحقَّ الحقَّ أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبديَّة" (يو 6: 47) ونبه اليهود قائلًا "ولا تريدون أن تأتوا إليَّ لتكون لكم حياة" (يو 5: 40) وقال يوحنا المعمدان " الذي يؤمن بالابن فله حياة أبديَّة. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36) وقال بولس الرسول "لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبديَّة بالمسيح يسوع ربنا" (رو 6: 33) ويقول يوحنا الحبيب " وهذه هي الشهادة إن الله أعطاها حياة أبديَّة وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1 يو 5: 11، 12) " إن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به" (1 يو 4: 9).. فأي نبي أو رسول يستطيع أن يهب الحياة الأبديَّة للآخرين..؟! لا أحد، لأن أي شخص لن يعاين الحياة الأبديَّة إن لم يؤمن بالسيد المسيح واهب هذه الحياة .
5- السيد المسيح يهبنا الماء الحي وخبز الحياة وكلام الحياة: قال الله " أنا ينبوع المياه الحيَّة" (أر 2: 13) وقال السيد المسيح للمرأة السامرية " من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى لا بُد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبديَّة" (يو 4: 14) فالسيد المسيح هو الوحيد الذي يهب الماء الحي الذي يروينا فلا نحتاج إلى ماء هذا العالم الذي كل من يشرب منه يعطش أكثر فأكثر إلى أن تجف حياته وتذبل.
والسيد المسيح هو خبز الحياة الذي يشبعنا في غربة هذا العالم، هو المن السماوي " أنا هو خبز الحياة" (يو 6: 35، 48) " لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو 6: 33) " أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى لا بُد" (يو 6: 51) هو غذاء الحياة وبدونه لا حياة... هو شجرة الحياة الدائمة إلى لا بُد وكل من يتغذى منه ينال الحياة الأبديَّة، ومن لا يأكل تيبس حياته وتجف والغصن الجاف مصيره للنار الأبدية... هو المن السماوي الذي يُقدم على المذبح ويقف الشماس محذرًا " ها قد كشفت الأسرار فمن كان طاهرًا فليدن من الأسرار المقدَّسة، ومن كان غير طاهر فلا يدن منها لئلا يحترق بنار اللاهوت".
والسيد المسيح هو الوحيد الذي يهبنا كلام الحياة الأبديَّة، فقد قال لنا " الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يو 6: 63) وعندما قال لتلاميذه عقب انصراف الجموع عنه: ألعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟ " فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك" (يو 6: 68) فالذي يصغى إلى كلامه ينال الحياة الأبدية " الحقَّ الحقَّ أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو 5: 24) فأي نبي أو رسول يجرؤ أن يقول إن كلامه الشخصي يهب حياة أبدية..؟! لا أحد. بل جميع الأنبياء كانوا يوجهون أسماع الناس لا إلى كلامهم بل إلى كلام الرب الإله.
6- السيد المسيح هو الذي سيصدر أمره بانتهاء الحياة: فالسيد المسيح هو الذي سيصدر الأمر بنهاية الحياة على هذه الأرض، وهذا الأمر له قوته العظيمة حتى إن الأجساد التي تحللت منذ آلاف السنين إلى ذرات تتجمع ثانية، وتعود إليها الأرواح، ويهب الجميع من رقاد الموت " فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 5: 28، 29).
7- السيد المسيح يهبنا القيامة: قال له المجد " لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبديَّة وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو 6: 40) " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبديَّة وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو 6: 54) حقيقة إن الجميع سيقومون في اليوم الأخير، ولكن من يأكل جسد الرب ويشرب دمه يقيمه السيد المسيح للحياة الأبديَّة والنعيم الدائم.
حقًا إن السيد المسيح هو الطريق والحق والحياة، هو الطريق الوحيد الذي نصل به إلى الآب، فنكون في الحق، وننال الحياة الأبديَّة، وكل هذا في شخص الرب يسوع... يا ليتنا نتمسك به فننال كل شيء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/life.html
تقصير الرابط:
tak.la/z3qw77z