نشأت هذه الكنيسة في بلاد فارس، واعتنقت الفكر النسطوري حيث تعتبر أن المسيح إنسان حلَّ فيه الله، ولذلك يرفضون القول بأن السيدة العذراء " والدة الإله " أي "يالدات إلاها" إنما يلقبونها بأم المسيح أي "يالدت بشيكاه" ويقصدون المسيح الإنسان فقط، ولم تحضر هذه الكنيسة مجمع أفسس المسكوني الثالث ورفضت قراراته، واعتبرت ديودور الطرسوسي وثيئودور الموبسويستي (نسبة إلى ما بين النهرين) مع نسطور من الآباء الذين تُوقّرهم وتُذكّرهم في ليتورجياتها. بينما تعتبر البابا كيرلس عمود الدين والأنبا ساويرس الأنطاكي رجالًا أشرار.
وقد عانت الكنيسة النسطورية من اضطهاد الأكراد والأتراك ففي سنة 1843م، وسنة 1847م قام " بدرخان " بمجازر جماعية للنساطرة مما دفعهم للالتجاء إلى روما طلبًا للحماية، وقد أوصاهم بطريركهم شمعون السابع عشر قبل موته سنة 1861م قائلًا "إذا اضطررتم للحفاظ على أمتنا إلى تغيير مذهبكم فاتحدوا مع الكاثوليك وليس مع البروتستانت " (34) لذلك طلب خليفته البطريرك شمعون الثامن عشر من الرهبان الدومينكان في الموصل بالتوسط لهم لدى بابا روما للحصول على الحماية من قنصل فرنسا، وإمدادهم ببعض المساعدات المادية، ولكن بعض من النساطرة لم يوافقوا بطريركهم هذا الرأي فانقسموا على بعضهم البعض، وعندما تولى البطريركية شمعون التاسع عشر رفض مبدأ الحوار مع روما بل أنه قتل عددًا من أفراد أسرته لأنهم يسعون للوحدة مع روما. ثم تعرض هو للاغتيال فأقاموا أخوه شمعون العشرين لأن اختيار البطاركة النساطرة كان محصورًا في عائلة واحدة وكانوا يُسمون جميعًا باسم شمعون ومات شمعون العشرون بالسل سنة 1920م ثم تولى محله شمعون الواحد والعشرين وله من العمر ثلاثة عشر عامًا فأدارت عمته "سورماخانم" شئون الكنيسة النسطورية وأرسلته للدراسة في إنجلترا، وعندما عاد منها سنة 1927م اعترفت به العراق كرئيس لنساطرة العراق وروسيا والهند.
ومنذ بداية القرن التاسع عشر غزت الإرساليات البروتستانتية الكنيسة الأشورية واجتذبوا الكثيرين من أبنائها بسبب الفقر واضطهاد الأكراد والأتراك لهم مما أشاع الفوضى في هذه الكنيسة، ولا سيما أنه في سنة 1933م حاول الأشوريون الانضمام بقواتهم المسلحة إلى إخوتهم في سوريا، ولكن العراق سحق هذه المحاولة وقتل أعدادًا ضخمة منهم ودمَّر قراهم وأحرق محاصيلهم، وأبعد بطريركهم شمعون الحادي والعشرين إلى قبرص ثم لندن ثم الولايات المتحدة، وأخيرًا عاد إلى العراق سنة 1971م واستعاد جنسيته العراقية، وعندما أراد الزواج سنة 1974م تعرض للاغتيال في سان فرانسيسكوا وبموته انتهت البطريركية الإرثية في الكنيسة الأشورية الشرقية.
وفي سنة 1976م تم انتخاب أسقف طهران " مار دنخا الرابع " خَلفًا للبطريرك الراحل شمعون الحادي والعشرين، فأختار له مقرًا رسميًا في بغداد بالإضافة إلى مقرًا مؤقتًا في شيكاغو، ويتبعه عشر إيبارشيات في العراق وسوريا وإيران ولبنان وأوربا وكندا واستراليا والهند وإيبارشيتان في الولايات المتحدة، وفي سنة 1996م كان لديهم 18 أسقفًا، 67 كاهنًا يتبعهم 400 ألف عضو ولهم مجلة " صوت من الشرق"، ومدرسة لتثقيف الكهنة النساطرة في بغداد، ومطبعة متطورة، وقام ماردنخا بزيارة اتباعه في روسيا وطلب منهم إرسال شبانهم إلى الدير الكهنوتي ببغداد.
غير أنه توجد فئة معارضة من النساطرة كان لهم بطريركًا هو " تومادرمو " وعند موته سنة 1971 أقاموا عوضًا عنه " مارادي الثاني كبوركيس " وله مقر رسمي في بغداد، وله ست إيبارشيات في بغداد والتأميم والموصل والحسكة السورية والولايات المتحدة الأمريكية وملبار بالهند، ويتبعه 42 كاهنًا ومائتي ألف عضوًا، ومازال البطريركان يتقاسمان السلطة حيث يمثل مارادي الثاني الكنيسة الأشورية ذات التقويم القديم، بينما يمثل ماردنخا الكنيسة الأشورية ذات التقويم الحديث أي أن الكنيسة الأشورية توجد في سوريا والعراق وإيران والهند وامريكا الشمالية وأيضا الجنوبية وتشمل:
أ- كنيسة المشرق الأشورية - جماعة التقويم الجديد (شيكاغو).
ب- كنيسة المشرق الأشورية - جماعة التقويم القديم (بغداد).
ح - الكلدان.
د- المالابار السريان في الهند.
الحوار مع الكنيسة الأشورية:
بدأ الحوار بين الكنيسة الأشورية التي تتبع التقويم الحديث وبين مجلس كنائس الشرق الأوسط خلال الفترة من 1991 إلى 1994م، وطالبت كنيستنا القبطية الكنيسة الأشورية بحذف أسماء ديودور وثيؤدور ونسطور من أسماء قديسي هذه الكنيسة، وكذلك حذف أي هجوم على القديسين الأرثوذكس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ووعد الجانب الأشوري بتنفيذ هذا، ولكن في سنة 1994م وقَّعت الكنيسة الأشورية اتفاقًا لاهوتيًا شكليًا مع الكاثوليك حيث وقَّع الاتفاق البابا يوحنا بولس الثاني وماردنخا الرابع، وفي سنة 1996م فوجئ الجانب الأرثوذكسي بأن النساطرة متمثلين في الكنيسة الأشورية مع الكاثوليك يقودون هجومًا ضد البابا كيرلس الكبير، ويتهمونه بأنه ظلم نسطور بسبب العداء التقليدي بين كرسي الإسكندرية وكرسي القسطنطينية.
وأن حكم مجمع أفسس المسكوني الثالث على نسطور كان خاطئًا وطالبوا برفع الحرومات عن ديودور وثيئودور (آباء نسطور في العقيدة) ونسطور، وتناسوا أن البابا كيرلس هو الذي أعاد تكريم القديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية وضم اسمه إلى مجمع القديسين بكنيستنا.
ويجدر الإشارة إلى قرار المجمع المقدس لكنيستنا القبطية في جلسته 1/6/1996م " اتضح بعد بحث ما جرى في الحوار السرياني في فيينا في يونيو 1994م وفبراير 1996م أن الأشوريين هم نساطرة يقدّسون نسطور مع ديودور الطرسوسي وثيؤدور الموبسويستي ويخطّئون القديس كيرلس. وذلك بالرغم من الحوار الذي أجرته معهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبعد أن تظاهرت الكنيسة الأشورية بالموافقة على الإيمان السليم. وهناك اتفاقيات تمت بينهم وبين الكاثوليك. ونحن مصممون على موفقتنا برفض دخولهم كأعضاء في مجلس كنائس الشرق الأوسط إلى أن يعترفوا بعقيدة وقرارات المجمع المسكوني الثالث في أفسس " (35)
وفي 10 أكتوبر سنة 1998م رفض مجلس كنائس الشرق الأوسط برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث انضمام الكنيسة الأشورية إليه لأنها لا تنتمي إلى أي من العائلات الكنسية الأربعة للمجلس (راجع مذكرة المسكونيات لنيافة الأنبا بيشوي الطبعة 13 ص63-67).
_____
(34) دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة ح2 ص238.
(35) القرارات المجمعية في عهد صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث ص59.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/assyrian-church.html
تقصير الرابط:
tak.la/jp4758y