س206: لماذا ظهر الملاك في حُلم ليوسف ولم يظهر للعذراء مريم وهيَ أعظم شأنا منه لأنها والدة الإله (مت 2: 13)؟ وهل يُنسَب الصبي لأمه أم أن الأم تُنسَب للصبي؟ وهل تُنسَب الأم لطفلها أم لزوجها (مت 2: 13)؟
يقول "علاء أبو بكر": "س86: لماذا أوحى الرب ليوسف أن يتركوا بيت لحم بسبب هيرودس، وأن يرجعوا بعد موته ولم يوحي إلى أمه؟ فهذا يخالف الطبيعة تمامًا، فالطفل في سنواته المبكرة يثق في أمه ويتعلق بها أكثر من أبيه، وهو كإله يعرف أن له أم فقط، ولن يكون إنسان أحن وأعطف وأرحم عليه من أمه، وخاصة وقت المرض والخوف والأزمات" (324).
ج: 1ــ لماذا ظهر الملاك ليوسف ولم يظهر لمريم وهيَ أرفع شأنًا؟.. نعم العذراء مريم أرفع شأنًا من جميع جنس البشر بما فيهم جميع الشهداء والقديسين والأبرار، فهيَ السماء الثانية، والعرش الكاروبيمي الذي حمل اللَّه الكلمة تسعة أشهر، وهيَ العليقة المشتعلة، وبحسب عقيدة الناقد أن اللَّه اصطفى العذراء مريم على نساء العالمين، ومع كل هذا فإن الملاك ظهر ليوسف النجار لأنه هو رب الأسرة، وهو المسئول عن العذراء مريم والطفل يسوع، فقد تسلم هذه المسئولية من اللَّه ذاته الذي أرسل ملاكه قائلًا له: " يَايُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ" (مت 1: 20)، وصار يوسف البار حامي الحبل الإلهي، لأنه لو تبرأ من العذراء مريم لقُتِلت رجمًا، ولم يكن لدى العذراء مريم أدنى شعور بأنها أعظم من زوجها يوسف، إنما خدمته وهابته، وقدمت له الكرامة الواجبة، عاشت خاضعة له، ولعل هذه المشاعر ظهرت في لغة العذراء في الكلمات القليلة التي سجلها لها الإنجيل، فعندما إلتقت بابنها بعد غيبة ثلاثة أيام قالت: " هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ" (لو 2: 48)، فقدمت يوسف على نفسها.
2ــ كيف تُنسَب الأم لطفلها؟.. قبل ولادة رب المجد يسوع كانت العذراء مريم تُنسَب لزوجها، فقال الملاك ليوسف: " مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ" (مت 1: 20)، أما بعد ولادة السيد المسيح فقد صارت العذراء مريم تُنسَب لابنها، ولذلك قال الملاك ليوسف: " قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ" (مت 2: 13)، وهكذا نسب الإنجيل العذراء مريم لابنها يسوع كما جاء في (يو 2: 1، 3، 19: 25). وعندما قال الناقد أن الابن يشعر باحتياجه لأمه وخاصة وقت المرض والخوف والأزمات، فات عليه أن هذه الظواهر هيَ وليدة خطية آدم وتوارث الجنس البشري لها، أما السيد المسيح فهو القدوس الذي بلا خطية لوحده، لم يرث هذه الخطية لأن الروح القدس حلَّ على أمه العذراء مريم فقدَّس وطهَّر ونقى مستودعها، وقد عاش حياة القداسة الكاملة فلم تتسلل إليه أي خطية أو شائبة خطية، فتحدى الجميع قائلًا: " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّة" (يو 8: 46)، وبالتالي فأنه لم يعرف المرض ولا الخوف ولا الأزمات، لم نقرأ قط أنه تعرَّض لأي نوع من المرض أو الهزال طوال حياته، ولم يذكر الإنجيل قط أن السيد المسيح تعرَّض للخوف أو الاضطراب أو الإهتزاز، حتى أنه لم يهاب كل عذابات اليهود والرومان التي لا تُطاق، ولم يخشى الموت صلبًا، وهو أقسى أنواع الموت، وفي وقت محاكمته وقف صامدًا مما أدهش بيلاطس الوالي الروماني، حتى أنه قال له: " أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ. أَجَابَ يَسُوعُ لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ" (يو 19: 10، 11)، ولم يدخل السيد المسيح في أي نوع من الأزمات.
_____
(324) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 2 ص89.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/206.html
تقصير الرابط:
tak.la/2t9xacg