" 14 وقال الله لتكن أنوار في جَلَد السماء لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. 15 وتكون أنوار في جَلَد السماء لتنير على الأرض. وكان كذلك. 16 فعمل الله النورين العظيمين. النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل. والنجوم. 17 وجعلها الله في جَلَد السماء لتنير على الأرض. 18 ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النور والظلمة. ورأى الله ذلك أنه حسن. 19 وكان مساء وكان صباح يومًا رابعًا" (تك 1: 14 - 19).
س189: كيف يشير سفر التكوين إلى الأرض على أنها مركز الكون والشمس والقمر خُلقا بعدها؟ ويقول " د. موريس بوكاي " تعليقًا على خليقة اليوم الرابع (تك 1: 14 - 19) " إن وصف كاتب التوراة هنا مقبول، والنقد الوحيد الذي يمكن إقامته على هذه العبارة هو المكان الذي تحتله في مجموع الرواية. إن الأرض والقمر، كما نعرف، قد نبعا من نجمهما الأصلي أي الشمس، ووضع خلق الشمس والقمر بعد خلق الأرض يناقض المعلومات الأساسية في تشكيل عناصر النظام الشمسي"(1) ويقول " ليوتاكسل " ساخرًا " أما المؤلِف " المقدَّس " فلا يرى سوى الأرض، ويربط كل شيء بها، لكن الأرض ليست سوى واحدة من الكواكب، وهي تدور حول كوكب صغير نسبيًا، هو الشمس، التي تكبر الأرض بـ300000 مرة، ومع ذلك يضعها مؤلِف كتاب التكوين تبعًا لجهله، في تبعية تابعتها، أي الأرض... لا ريب أنه لو قُدّر لمؤلِف الهراء التوراتي أن يعود إلى الحياة اليوم، لصعق لدى قراءته أي كتاب شعبي في عالم الفلك، أو زيارته لأي مركز فلكي"(2).
ج: 1- لم يرد الله أن يشغل الإنسان وهو في طفولته بما هو أعلى منه، فيشرح له الكون ونظمه، والفلك وقوانينه، إنما كان القصد الأول أن يتعرَّف الإنسان على جابله، وأن يعبده بأمانة، فالكتاب كله يحكي قصة الله مع الإنسان، وكل هذا يتعلق بالأرض التي نعيش عليها.
2- محور اهتمام الكاتب هو الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض، ولا يعيش على كوكب آخر، ولهذا ركز الكاتب على هذه الأرض، وأبرز خدمة الأجرام الأخرى لها مثل الشمس والقمر والنجوم.
3- لم يقل الكاتب أن الأرض هي مركز الكون، ولم يناقض الحقائق العلمية، إنما من وجهة نظره الدينية أظهر خدمة الشمس والقمر والنجوم للأرض محور اهتمامه، ولم ينصب اهتمامه على إظهار علاقة الأجرام السماوية معًا.
4- للآن يستخدم الجميع ألفاظًا شائعة مثل شروق الشمس وغروبها، مع أنهم يعلمون أن الشمس هي مركز الكون، ولكنهم يتحدثون بلغة سكان الأرض وبحسب ما يبدو لنا.
5- وهب الله الإنسان العقل المُفكّر الجبار الذي اكتشف نظم الكون وقوانينه، فالحقيقة أن الإنسان أكتشف هذه الأمور بفضل العقل (الهبة الإلهية).
6- ورد في القرآن نفس المعنى، بأن الله خلق الأرض أولًا ثم خلق بعد هذا السموات السبع " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات" (سورة البقرة 29) فلفظة " ثم " تفيد التتابع... " تنزيلًا من خلق الأرض والسموات العلى" (طه 4) فذكر الأرض قبل السموات، والأمر العجيب أن " د. موريس بوكاي " الذي طالما هاجم الكتاب المقدَّس فإنه يقبل تعبير القرآن ويبرزه قائلًا " لا يجب أن نرى دلالة خاصة في إشارة النص القرآني إلى خلق الأرض قبل السموات أو خلق السماوات قبل الأرض، فمواضع الكلمات لا تبين وجود ترتيب تحقق الخلق في إطاره، إلاَّ أن تكون تفصيلات أخرى معطاة"(3).
_____
(1) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 42، 43.
(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 10.
(3) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 162.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/189.html
تقصير الرابط:
tak.la/23sv8z7